Thu | 2018.Jan.25

موسى الجميل لله


أَخفَـاهُ ... لأنهُمَا رَأَيَا الصَّبيَّ جَمِيلاً، وَلَمْ يَخشَيَا أَمْرَ الْمَلِكِ

كان موعد الخروج من أرض العبودية يقرب، والله يرقب الأحداث ويتذكَّـر ما قاله لأبرام في الرؤيا: «اعْلَمْ يَقِينًا أَنَّ نَسْلَكَ سَيَكُونُ غَرِيبًا فِي أَرْضٍ لَيْسَتْ لَهُمْ، وَيُسْتَعْبَدُونَ لَهُمْ. فَيُذِلُّونَهُمْ أَرْبَعَ مِئَةِ سَنَةٍ ... وَبَعْدَ ذَلِكَ يَخْرُجُونَ بِأَمْلاَكٍ... وَفِي الْجِيلِ الرَّابِعِ يَرْجِعُونَ إِلَى هَهُنَا» ( تك 15: 13 - 16). وبولادة موسى كانوا قد وصلوا إلى الجيل الرابع، وكان الأتقياء يئنون ويتوَّقعون الخلاص والخروج من أرض مصـر. كانوا يعيشون على الوعد، ويتعلَّقون بالساهر على كلمتهِ. وقبل ولادة موسى كان فرعون يسحق بني إسرائيل، وأمر أن يُلقوا أطفالهم في النهر. ولكن عندما وُلد موسى كانت عين الإيمان ترى فيه جمالاً لله، وأنه سيكون نافعًا للسيد، وأنه من الممكن أن يقود الشعب في رحلة الخروج من مصـر. لهذا أخفاه أبواه ولم يخشيا أمر الملك.

إن قليلين من الآباء والأمهات هم الذين يتعاملون مع أولادهم، وما فيهم من تميُّز، بهذه النظرة. إنهم ويفتخرون بهم كملكية خاصة لهم، ولا يدركون أنهم وديعة من الرب قد ائتمنهم عليها، وأن هذا الجمال والتميُّز هو أساسًا لله. ومن هذا المنظور يجب أن يبذلوا كل الجهد لتربيتهم للرب، وصولاً إلى هذا الهدف. الله أعطاهم هذا الطفل وله خطة وقصد من جهته، من خلاله سيتمجَّد. وفرحهم الأعظم أن يروه ينمو في النعمة والقامة والحكمة عند الله والناس، والله يستخدمه في مشاريعه.

إن أُم موسى، رغم قسوة الظروف الطاحنة، لم تفشل من الله الذي سمح بهذه الضغطات، وبالإيمان صانَت وصاغت هذا الجميل لله، فخبأته ثلاثة أشهر، ولمَّا لم يُمكنها أن تخبئه بعد، صنعت له سفطًا ووضعت الولد فيه، ووضعته بين الحلفاء على حافة النهر (خر2). كان عندها يقين الإيمان أن الله سيحفظ هذا الجميل لمجده، وأنه أقوى وأعظم من فرعون وجبروته. لم تكن تعرف بالتحديد كيف سيتدخل الله، لكن إيمانها استأمن الله. لقد استودعته بين يدي الله القدير. وكان الله أمينًا ليُكرم ويشجع هذا الإيمان بشكل يفوق الخيال. وتحت التحكم الإلهي خرجت ابنة فرعون إلى النهر لتغتسل وجواريها معها ماشيات على جانب النهر. ولا نشك أن الله نفسه بجلاله كان واقفًا بجانب السفط يحرسه، ويُحرِّك الأحداث حسب قصده. لقد عاد الطفل إلى أُمهِ التي أرضعته وعلَّمته وربَّته وزرعت فيه كل المبادئ الصحيحة عن الله وشعبه، ليستثمر هذا الجمال لله طوال حياته.

محب نصيف



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6