Thu | 2023.Feb.02

أَيُّوبُ وبِرَّهُ


"هَلْ مَجَّانًا يَتَّقِي أَيُّوبُ اللهَ؟"

الشيطان لا يَسَعه إلا أن يتهم. هو لا يقدر أن يُنكر بِرّ أيوب، وإنما هو يطعن في بواعثه. وإذ ليس له هو شخصيًا باعث سوى الأنانية، لذلك نراه يعلن أن أيوب إنما تحركه هذه البواعث عينها، فلماذا لا يكون بارًا؟ ألا يقبض الثمن؟ فهو ناجح، مبارك أينما اتجه، لا شيء يدنو لديه لإيذائه. ليرفع الله ذلك السياج وليحرم أيوب من ثروته "فَإِنَّهُ فِي وَجْهِكَ يُجَدِّفُ عَلَيْكَ" ( أي 1: 11 ).

هل التُهمة صحيحة؟ هل لا ينمو الخير إلا في البيئة الرخية؟ هل الله يخشى أن يرى أولاده مقاومةً وضيقًا؟ هل يمكن أن يحدث أن واحدًا يعرف الله ويحبه، يتنكَّر له وفي وجهه يُجدِّف؟ أسئلتنا هذه متضمنة في اتهام الشيطان. والله - ليس فقط من أجل أيوب، بل من أجل الحق - لا يسمح لمثل هذا الاتهام أن يستقر عليه، ولا على أيوب. لأن الشيطان يريد أبدًا أن يُسدد السهم نحو الله، بينما هو يتظاهر بالدفاع عن البر.

ولذلك أُسلم أيوب ليدي الشيطان، وكل ما كان لأيوب أُخضع كذلك لمساوئ وأذى هذا العدو "وَإِنَّمَا إِلَيهِ لاَ تَمُدَّ يَدَكَ" (ع12). شعرة واحدة من أولاد الله لن تسقط بدون إذنه. وما الشيطان إلا أداة وقتية لإتمام مشيئة الله، ولن يقدر أن يفعل أكثر مما أُجيز له. وكم هو نافع أن نتذكَّر هذه الحقيقة! فإذا ما هاجمتنا التجارب كجيش، فنحن نعلم أن القدير بيننا وبينها، وهي إنما تتمم مقاصد محبته الكريمة.

لكن لا ننسى أن الله لا يقصد فقط أن يدافع عن حقه، وأن يُسكت الشيطان والناس الأشرار، بل هو يعلم أن عبده أيوب في حاجة أن يتعلَّم لنفسه دروسًا. هو يوّد أن يُدخل السبيكة في البوتقة، لأنه يعلم كم من الشر يكمن تحت ذلك الفضل الظاهري، ممتزجًا حتى بعميق تقوى هذا الرجل الصالح. هو يريد أن يُعلِّمنا أن التقوى لن تجد غذاءها في ذاتها، وأن البر لا يستطيع أن يعتمد على ذراعه. هذه بعض الدروس التي تعلَّمها أيوب، فليتنا نتعلَّمها نحن أيضًا.

صموئيل ريدوت



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6