Sun | 2018.Jan.14

الآب يحب الاِبن


لأنَّ الآبَ يُحِبُّ الاِبْنَ وَيُرِيـهِ جَمِيعَ مَا هُوَ يَعْمَلُهُ

إننا بذهـن كلُّه وداعة وتواضع، نصغي لكل كلمة ينطق بها الابن المُتجسِّد. ولكن عندما يكون موضوع كلامه خاصًا بمحبة الآب لشخصه العزيز كالابـن، تزداد لذَّتنا، ويعظم تلهُّفنا واهتمامنا إلى أقصى حـد.

فالابن إذ يتكلَّم من فضلة معرفته الدقيقة بالآب، تلك المعرفة التي له، والتي يتمتع بها وحده، يُعلن في آذاننا المُتعجبة المُتعبدة أن «الآبَ يُحِبُّ الاِبْنَ».

ونلاحظ أن الحُب مذكـور في صيغة المضارع، فيُقال: «الآبَ يُحِبُّ»، وليس ”أحب". لقد كانت تلك المحبة قائمة بلا شك يوم أن نطَق الرب بهذه الكلمات في أورشليم، كما كانت قائمة يقينًا في كل أيام اتضاعه. ولكن هذا القول يُعلن أيضًا ما هو أكثر من ذلك. يُعلن أن الحب قائم وموجود بطبيعة الحال طيلة وجود الآب والابن معًا. فسواء نظرنا إلى الأمام، أو إلى الوراء، إلى حيث يوجد آب يحب، وابن محبوب، فالحقيقة هي أن «الآبَ يُحِبُّ الاِبْنَ وَيُرِيهِ جَمِيعَ مَا هُوَ يَعْمَلُهُ». إنها محبة تتخطى كل الحدود، وتسمو فوق كل ابتداء أو انتهاء، محبة صادرة من علاقة أزلية أبدية.

إن المحبة البشرية ليست غريبة عنا، وأفكارنا لا تحار إزاءها. فنستطيع مثلاً أن نفهم القول: إن محبة داود فاقَت محبة يوناثان، وإن يعقوب أحب راحيل أكثر من ليئة، وإن الكنيسة في أفسس كانت لها محبة ”أولى“ أضاعتها. نستطيع أن نفهم ذلك، لأنهم جميعًا من جنسنا وكانوا ”تحت الآلام“ مثلنا، ولكن القول: «الآبَ يُحِبُّ الاِبْنَ» يجِّل عن إدراكنا، ولا نستطيع فهمه بعقولنا، لأننا لولا الإعلانات الإلهية، لا نعرف الآب ولا الابن في جوهـر كيانهما، فكيف إذًا نستطيع أن نعرف محبتهما المُتبادلة؟

ألا تجد قلوبنا في إعلان هذه المحبة المعدومة النظير لذَّة خاصة؟ الآب: إنه هو الذي أرسل ابنه كفارة لخطايانا. الابن! إنه هو الذي أعلَن الآب لنا.

يليق بنا حقًا أن نَطرَب ونفرح لأن محبة الآب والابن قد استقرَّت علينا. ولكن ألا يجب أن يكون طرَبنا أعمق حينما نعرف أن المحبة، بغض النظر عن أنفسنا، هي الرابطة الأزلية بين الآب والابن؟ هل تظل العروس جامدة الإحساس إزاء أمجاد حبيبها الذي يفوق كل حبيب آخر، بما أنه حبيب الآب، قبل أن يكون زمان؟!

و. ج. هوكنج



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6