Fri | 2018.Jan.12

إني أكونُ معكَ


١١ فَجَعَلُوا عَلَيْهِمْ رُؤَسَاءَ تَسْخِيرٍ لِكَيْ يُذِلُّوهُمْ بِأَثْقَالِهِمْ، فَبَنَوْا لِفِرْعَوْنَ مَدِينَتَيْ مَخَازِنَ: فِيثُومَ، وَرَعَمْسِيسَ.
١٢ وَلكِنْ بِحَسْبِمَا أَذَلُّوهُمْ هكَذَا نَمَوْا وَامْتَدُّوا. فَاخْتَشَوْا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ.

إن سنوات التدريب الصامـت لها أهميتها في تشكيل الآنية. وبالنسبة لموسى كانت هذه السنوات في برية مديان، وهي قبلاً بالنسبة ليوسف كانت السجن، وبالنسبة لإيليا كانت كريث وصرفة صيدا، وعند بولس كانت هي العربية. والله يسمح أحيانًا في حياتنا بفترات مثل هذه، وإن كنا لا نفهمها. فالمرض أو أي ظروف أخرى تَعوق عملنا وتجعلنا نتعطل قليلاً؛ أ فلا يجب أن نستخدم مثل هذه الظروف لنتغذى أكثر على الكلمة، ونتعلَّم في مدرسة الله، ما لم نستطع أن نتعلَّمه أثناء النشاط؟

وبعد سنوات الصمت في البرية، ها هو الله يُعلن نفسه لموسى، ويدعـوه للخدمة التي أعدّه لها منذ ولادته. ويا لها من لحظة فائقة الوصف، وفارقة ومتفرِّدة، عندما تشعر النفس أنها في حضـرة الله، وأمام قداسته، وعندما يُسمَع صوته بشكل مُميَّز! إن مثل هذه الرؤيا ستُحـدِّد وجود موسى برمّته من الآن فصاعدًا، ممَّـا سيجعله مُثمرًا أو عقيمًا بحسب تجاوبه.

«فَالآنَ هَلُمَّ فَأُرْسِلُكَ» ( خر 3: 10 ). لقد أتت لحظة لله. في البداية كان موسى يريد أن يذهب دون أن ينتظر توقيت الله ( أع 7: 23 - 25). لم يَقُل الله له ”اذهب“، بل ”هَلُمَّ (تعال Come)“. فموسى يُرسَل مع الله، وبرفقته، وبالشركة معه. ولم يُظهِر موسى التجاوب السريع، بل يضع أمامه عوائق مُتتالية.

أول هذه العوائق «مَنْ أَنَا حَتَّى أَذْهَبَ». وما أكثر الكلمات المُشابهة لهذه الكلمات: ”أنا لا أستطيع“، ”أنا غير مستعد“، ”أنا لا أعرف ماذا أفعل“! وما أكثر مثل هذه الاعتذارات التي تتردَّد من جيل إلى جيل، في قلوب الذين دعاهم الله! ولكن الإجابة الحاسمة والواضحة التي تكفي لكل خادم هي: «إِنِّي أَكُونُ مَعَكَ». لقد سمعها جدعون، وإرميا، والرسل عند قدمي الرب المُقام، وبولس في السجن. وكم من كثيرين سمعوا هذه الإجابة، وكان لهم الاختبار السعيد بمحضـر الله الثمين، وهم يجتازون الطريق!

أما موسى فلم يكفهِ هذا الوعد، وأثار عقبَة أخرى «إِذَا قَالُوا (بني إسرائيل) لِي: مَا اسْمُهُ؟ فَمَاذَا أَقُولُ لَهُمْ؟». ويا له من تنازل كامل وعجيب منه! فالله يُعلن نفسه كالذي هو دائمًا «أَهْيَهِ الَّذِي أَهْيَهْ»، أي ”أنا هو الذي أنا هو“ أو ”أنا أكون الذي أكون“! إنه دائم الكينونة، الذي كان «فِي الْبَدْءِ .. عِنْدَ اللَّهِ»، «هُوَ هُوَ أَمْسًا وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ» ( عب 13: 8 ).

جورج أندريه



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6