Fri | 2018.Jan.05

أنا الرب لا أتغيَّرُ


لأنِي أَنا الرَّبُّ لاَ أَتغَيَّرُ، فأنتمْ يَا بَنِي يَعقوبَ لَمْ تفنوا

يا لها من حقيقة رائعة تُعزي القلب، وتشجع النفس: إن الرب لا يمكن أن يتغيَّر أبدًا، مكتوب عنه: «الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ» ( يع 1: 17 )، بل لقد قال الرب عن نفسه: «أَنَا الرَّبُّ لاَ أَتَغَيَّرُ»! ( ملا 3: 6 ) كثيرًا ما يتغيَّر البشر. وكم نتألم ممَّا يطرأ من تغيير على القريب والحبيب، الصديق والرفيق، عندما لم تَعُد المحبة كما كانت، ولا الأمانة أيضًا ولا الوفاء، عندما نُصدَم فيمَن وثقنا فيهم كل الثقة، ونُجرَح مِمَّنْ أحببناهم كل المحبة؛ تَتَغَيَّر قلوبهم فتتغيَّر مواقفهم، تتغيَّر دواخلهم فتختلف تصرفاتهم.

في الكتاب المقدس نقرأ عن أبطال وأفاضل تغيَّرت مواقفهم في بعض الأحوال: فموسى مع أنه كان أكثر الناس حلمًا، لكنه في موقفٍ ما، لم يظل كذلك، فنفد صبره وفرَط بشفتيه، وضرب الصخرة بدل أن يُكلِّمها ( عدد 20: 6 - 13)، لا بل ومع أنه كثيرًا ما احتمل وتَحَمَّل شعب إسرائيل، إلا أنه في وقتٍ ما ضَاق بحملهم فقال للرب: «أَ لعَلِّي حَبِلتُ بِجَمِيعِ هَذَا الشَّعْبِ؟ ... حَتَّى تَقُول لِي احْمِلهُ فِي حِضْنِكَ كَمَا يَحْمِلُ المُرَبِّي الرَّضِيعَ؟ ... لا أَقْدِرُ أَنَا وَحْدِي أَنْ أَحْمِل جَمِيعَ هَذَا الشَّعْبِ لأَنَّهُ ثَقِيلٌ عَليَّ» ( عدد 11: 11 - 14). وداود أيضًا تغيَّر موقفه تجاه مفيبوشث بن يوناثان؛ فبعد أن ردَّ إليه جميع حقول شاول أبيه، عاد وأمر بأن يقتسمها مع صيبا الكذاب؛ إذ صَّدَّق وشاية صيبا عليه ( 2صم 9: 7 ؛ 19: 24- 30).

فلقد تغيَّر موسى من جهة حلمه تارة، ومن جهة احتماله تارةً أخرى، وتغيَّر داود من جهة العطاء، لكن ربنا المعبود الكريم لا يمكن أن يتغيَّر أبدًا؛ فمن جهة خطايانا موقفه ثابت راسخ، ولا يمكن أن يندم على ما أجزله لنا «لأَنَّ هِبَاتِ اللهِ وَدَعْوَتَهُ هِيَ بِلاَ نَدَامَةٍ» ( رو 11: 29 ).

كم اختبرنا أن ربنا يسوع الحبيب دائمًا طويل الروح ورؤوف! نتغيَّر نحن كيفما نتغيَّر، ونَضعُف كيفما نَضعُف، لكنه أبدًا لا يتغيَّر؛ يحملنا ويحتملنا، لم ينفد صبره أبدًا. بحق إنه «إِلهُ أَمَانَةٍ لا جَوْرَ فِيهِ» ( تث 32: 4 )، لن يتغير قلبه أبدًا، ولن يَضعُف حبه لنا مُطلقًا، وسنبقى دائمًا لديه بذات الغلاوة والقيمة والإعزاز.

صديقي لا تضع قلبك على البشـر، ولا تُعَوِّل على الإنسان، يكفينا المسيح فهو مُحب ألزَق من الأخ ( أم 18: 24 )، هو مَن قيل عنهُ: «يَسُوعُ الْمَسِيحُ هُوَ هُوَ أَمْسًا وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ» ( عب 13: 8 ).

عادل حبيب



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6