Thu | 2018.Jan.11

الخصي الحبشي


خطِفَ رُوحُ الرَّبِّ فيلُبُّسَ، فَلَمْ يُبْصِرْهُ الْخَصِيُّ أَيْضًا، وَذهَبَ في طَرِيقِهِ فَرِحًا

بعد قضاء الطوفان الذي وقع على العالم القديم «كَانَ بَنُو نُوحٍ الَّذِينَ خَرَجُوا مِنَ الْفُلْكِ سَامًا وَحَامًا وَيَافَثَ ... هَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ هُمْ بَنُو نُوحٍ. وَمِنْ هَؤُلاَءِ تَشَعَّبَتْ كُلُّ الأَرْضِ» ( تك 9: 18 ، 19). ولكننا نرى أن إنجيل نعمة الله قد كُرز به لكل العالم مُمثلاً في هؤلاء الثلاثة؛ فالخصي الحبشي من نسل حام (أع 8)، وشاول الطرسوسي من نسل سام (أع 9)، وكرنيليوس من نسل يافث (أع 10). فيا لعظمة نعمة الله!

ويبدو أن الخصي الحبشـي كان أُمميًا متهوِّدًا. ونرى فيه أمرين: أولاً الاختيار، ثم الكرازة بإنجيل نعمة الله مصداقًا للقول: «فَكَيْفَ يَدْعُونَ بِمَنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ. وَكَيْفَ يُؤْمِنُونَ بِمَنْ لَمْ يَسْمَعُوا بِهِ؟ وَكَيْفَ يَسْمَعُونَ بِلاَ كَارِزٍ؟» ( رو 10: 14 ).

وتتجلَّـى في الخصـيّ نعمة الله في الاختيار. فقد مُنع فيلبس من أن يُكمل كرازته الناجحة في السامرة، لكي يذهب نحو الجنوب، على الطريق المُنحدرة من أُورشليم إلى غزة التي هي بريَّة. ونجد الخادم الأمين ينقاد بروح الله وليس بالعمل الناجح. فلم يتعلَّل أن العمل في السامرة ناجح، وكيف يتركه ويذهب إلى البرية. ففيلبس يُمثل لنا الخادم الأمين الذي يُطيع صوت الرب، فنقرأ أن فيلبس «قَامَ وَذَهَبَ».

وعندما تقابل مع الخصـي، وجدَهُ يقرأ الكتاب. فالكرازة الناجحة تكون مِن الكتاب وليس من القصص والحكايات. وكان السِفْر الذي يقرأ فيه الخصي هو سفر إشعياء (أصحاح 53)، الذي يتكلَّم عن صليب المسيح الذي هو «قُوَّةُ اللهِ لِلْخَلاَصِ» ( رو 1: 16 )، لأنه بدون الإيمان بصليب المسيح ليس هناك خلاص.

وهكذا نعمة الله العجيبة أعدَّت كل شيء لخلاص هذا الخصي. فأعدَّت له الكارز، وأعدَّت الفصل الكتابي الذي يكرز منه الكارز، ورافق الروح القدس كرازة فيلبس، وفتح الرب قلب الخصـي وقَبِل المسيح، والدليل على ذلك أنه أراد أن يعتمد، ووافق فيلبس على أن يُعمِّده، فأمر أن تقف المركبة فنزلا كلاهما إلى الماء: فيلبس والخصي، فعمَّده.

وبعد ذلك نقرأ «وَلَمَّا صَعِدَا مِنَ الْمَاءِ، خَطِفَ رُوحُ الرَّبِّ فِيلُبُّسَ، فَلَمْ يُبْصِـرْهُ الْخَصِـيُّ أَيْضًا، وَذَهَبَ فِي طَرِيقِهِ فَرِحًا». ومن هنا نفهم أن الخصي كان مرارًا كثيرة يذهب إلى أورشليم ويرجع إلى الحبشة، لكن لم يرجع أبدًا فرحًا، لكن بعد أن آمن بالرب يسوع «ذَهَبَ فِي طَرِيقِهِ فَرِحًا».

رشاد فكري



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6