Tue | 2022.Jul.19

غرباء ونُزلاء


«كَانَ يَنْتَظِرُ الْمَدِينَةَ الَّتِي لَهَا الأَسَاسَاتُ، الَّتِي صَانِعُهَا وَبَارِئُهَا اللهُ»

يعتبر إبراهيم شاهدًا للإيمان الذي يتَمسَّك بمقاصد اللّه، ولقد قاده هذا أن يتطلع إلى عالم آخر، وأن يسير كغريب في هذا العالم. وإذا كان اللّه يدعو إنسانًا خارج هذا العالم الحاضر، فذلك لأنه يريد أن يأتي به إلى عالم أفضل.

لم يكن خروج إبراهيم من أَرْضِهِ وَمِنْ عَشِيرَتِهِ، فقط بالإيمان، ولكنه إذ ترك المشهد القديم، سار أيضًا بالإيمان قبل أن يحصل على الجديد. ولهذا فإنه مع إسحاق ويعقوب تَحلَّى بصفة الغريب النزيل السائح، فكانت له هذه الأرض التي سكن فيها كمدينة غريبة، وكان هو نفسُهُ غريبًا ساكنًا في خيام، أليس هذا هو المركز الحقيقي للمسيحي اليوم؟ لقد دُعينا للخروج من العالم الذي يحيط بنا، ولكننا لم نصل إلى العالم الجديد الذي سنذهب إليه. وفي الوقت نفسه فنحن غرباء في عالم غريب، وسائحين نبتغي عالمًا آخر «كَانَ يَنْتَظِرُ الْمَدِينَةَ الَّتِي لَهَا الأَسَاسَاتُ، الَّتِي صَانِعُهَا وَبَارِئُهَا اللهُ» ( عب 11: 10 ). لقد كان مُحاطًا بمدن الناس، التي كانت في ذلك اليوم، كما هي الآن، ليس لها أساسات عادلة، ولهذا السبب فإن مدن الناس محكوم عليها بالخراب. كان إبراهيم يتطلع إلى مدينة اللّه التي أساسها البر، والتي لا تتزعزع.

ولذلك فإن ابراهيم اتخذ طريق الإيمان في نور العالم الآتي. ويبدو بحسب الطبيعة أن المرء يقترف قمة الغباء إذا غضّ الطرف عن العالم المنظور، لأجل العالم غير المنظور. ولكن الإيمان يتطلع إلى «مَدِينَةِ اللهِ الْحَيِّ. أُورُشَلِيمَ السَّمَاوِيَّةِ» ( عب 12: 22 ). وعندما تُستعلن تلك المدينة الجميلة، بكل مجدها وبركاتها؛ المدينة التي ليس فيها حزن ولا صراخ ولا موت ولا ليل، عندئذ سيُعرَف كم كان إبراهيم مُصيبًا وحكيمًا، وكذلك كل الذين اتبعوا خطواته كانوا حكماء، إذ غاب عنهم مشهد هذا العالم الحاضر، وساروا كغرباء ونُزُلاً نحو مدينة اللّه.

هاملتون سميث



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6