اعترف بالرب وأخدمه


"اعترف بالرب وأخدمه"

الدكتور أبو دورام

 

المقدمة:

في هذه الأيام نلاحظ أن الناس تهتم بالمظاهر الخارجية أكثر من الجوهر الداخلي.

أتذكر عندما كنت في بلادي، وخاصة عند أهلي وبخني أخي لأني لم أكن أهتم بمظهري الخارجي، وخاصة ملابسي. مع أنني حتى الآن لا أهتم ماذا ألبس أو ماذا اشتري لكي ألبس! لأنني أفضل الجوهر عن المظهر مع أن المظهر هو الأهم عند معظم الناس. ونفس الأمر موجود في حياة بعض المؤمنين. لأن بعض المؤمنين يحضر الكنيسة، ولكن بدون الأشواق الحقيقية في أن يختبر الرب بطريقة حقيقية في حياته، لأنه خائف يتجاوب مع حضوره وروحه الذي يعمل فيه، وبالتالي ترى المؤمنين يعيشوا بالشكل الخارجي أو بطريقة التدين. يا ترى هل لدينا الأشواق القلبية والحب الحقيقي للرب عندما نأتي إلى حضوره؟! إذا لم يكن لدينا الرغبة الصادقة والأشواق والفرح القلبي نحو الرب عندما نأتي إليه؛ معناه نحنُ صرنا مؤمنين بدون حياة الروح القدس فينا؛ بمعنى آخر جسد بدون روح.    

هل اعترفت بإيمانك أن إلهك حي، وأنت فيك روح الحياة؟ لأنه بحسب اعتراف إيمانك الصريح والواضح تجعل الرب يبني كنيسته، ونستطيع نحنُ بهذا الإيمان أن نحلّ المُقيدين ونأتي بهم باسم يسوع المسيح لكي يدخلوا لملكوت الله.

دعونا نقرأ من كلمة الرب الحية في (مت16: 13-20)

13وَلَمَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى نَوَاحِي قَيْصَرِيَّةِ فِيلُبُّسَ سَأَلَ تَلاَمِيذَهُ قِائِلاً:«مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا ابْنُ الإِنْسَانِ؟»

14فَقَالُوا:«قَوْمٌ: يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ، وَآخَرُونَ: إِيلِيَّا، وَآخَرُونَ: إِرْمِيَا أَوْ وَاحِدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ».

15قَالَ لَهُمْ:«وَأَنْتُمْ، مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟»

16فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَقَالَ:«أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ!».

17فَأجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ:«طُوبَـى لَكَ يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لَمْ يُعْلِنْ لَكَ، لكِنَّ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.

18وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضًا: أَنْتَ بُطْرُسُ، وَعَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْنـِــي كَنِيسَتِي، وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا.

19وَأُعْطِيكَ مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، فَكُلُّ مَا تَرْبِطُهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاوَاتِ. وَكُلُّ مَا تَحُلُّهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولاً فِي السَّمَاوَاتِ».

20حِينَئِذٍ أَوْصَى تَلاَمِيذَهُ أَنْ لاَ يَقُولُوا لأَحَدٍ إِنَّهُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ.

 

عنوان الجزء الذي قرأناه هو "اعترف بالرب وأخدمه"

يا أحبائي،

إذا كنت تعترف بالرب شخصيًا تستطيع أن تعمل خدمته. مرات نفتخر بأنفسنا لما ننجح في الخدمة، ولكن المجد يرجع إلى الرب الذي أعطانا الموهبة والقوة بالروح القدس لكي نعمل هذه الخدمة. يا ترى مَنْ هو الرب بالنسبة لك؟ كما سأل الرب تلاميذه "مَنْ أنا بالنسبة لكم؟" دعونا نقرأ هذه الأعداد مرة أخرى.

يا ترى ما هي الكلمات التي كانت غير واضحة لنا، مثلاً: أبواب الجحيم، ومفاتيح ملكوت السموات.  يا ترى كم سؤالاً طرحه يسوع لتلاميذه؟ ما الأسلوب الذي استخدمه يسوع في كلامه مع التلاميذ ليعرف حقيقة الأمر؟

أولا: لكي تعرف حقيقة الأمر لابد أن تسأل أنت؟

يسوع سأل مرتين، وبعد ذلك أوصى تلاميذه أن لا يقولوا لأحد أنه يسوع المسيح.  والرب يسوع يستخدم هنا طريقة السؤال والجواب لكي يحرك تفكير تلاميذه. وكلما تسأل أسئلة أكثر فأنت تتعلم أكثر. فعندما نقرأ كلمة الرب لابد أن نعرف كيف نسأل أسئلة كثيرة. لأنه بحسب نوع أسئلتك يختلف جوابك. 

3              يسوع سأل سؤالاً في (عدد13) «مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا ابْنُ الإِنْسَانِ؟».

فالسؤال الأول الذي بدأ به الرب يسوع هو موجه نحو ما يدور بأفكار الناس مِن تساؤلات، ولكنهم لا يعرفوا يسوع على حقيقته. يا ترى ما السبب؟ يمكن ما عندهم علاقة حقيقية معه،  ولكن السؤال الثاني من الرب كان موجه إلى تلاميذه الذين عاشوا معه لِمدة ثلاثة سنوات!!

3              يسوع سأل سؤالاً مرة ثانية في (عدد15)«وَأَنْتُمْ، مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟» وأسلوب السؤال هام جدًا في فهم حقيقة الأمر.

 

ثانياً: لكي تعرف سخصية الرب  لابد أن تتجاوب أنت معه

كما قرأنا الأعداد في (متى 16: 13-20)، ووجدنا أن يسوع سأل تلاميذه: «وَأَنْتُمْ، مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟».

إن كنت تريد أن تعرف شخصية ما فمن المفروض أن تسأله مثلا: "من أنت؟ أو من أي بلد أنت؟" فالشخص يجاوب ويقول له: أنا من مصر أو أنا من الأردن، آه "أنتم أحسن ناس."  

اعترف بطرس بأن «الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ!». الجواب رائع جدًا ولا يمكن أي شخص يقدر يجاوب هذا الجواب. وشخص "الْمَسِيحُ" له ثلاثة وظائف وهي نبي وكاهن وملك. وكلمة "ابْنُ اللهِ" معناه الله نفسه، وكلمة "ابْنُ" معناه علاقة المحبة مع الآب والابن كما في (يو17: 24) "أَيُّهَا الآبُ أُرِيدُ أَنَّ هؤُلاَءِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي يَكُونُونَ مَعِي حَيْثُ أَكُونُ أَنَا، لِيَنْظُرُوا مَجْدِي الَّذِي أَعْطَيْتَنِي، لأَنَّكَ أَحْبَبْتَنِي قَبْلَ إِنْشَاءِ الْعَالَمِ."

يا ترى لو سألت سؤال للأخوة الرجال كيف تزوجت بشريكة حياتك الآن؟! بناءً على اعترافك أليس كذلك؟ لأنك لو لم تعترف أنت تحب زوجتك من الصعب أن تتزوج منها! هكذا الرب يريد أن يسمع من تلاميذ : من أنا النسبة لكم؟

ولكن سؤالي لكل واحد فيكم اليوم هو "وأنت ماذا تقول عن يسوع، أو مَنْ هو بالنسبة لكل واحد؟" هل يسوع المسيح هو هو كما اعترف به بطرس!

يا ترى هل عرفت معنى كلمة "الْمَسِيحُ"؟ فهو الشخص الممسوح من الله بالروح القدس، وكلمة "يسوع" بمعنى "الرب الخلاص" أي هو يسوع المخلص الذي يخلص الناس من خطاياهم. وحسب اعترافك  يعمل الرب في حياتك.

كيف تصلي للرب؟ يا رب يا حنان وصاحب المحبة هكذا تذكر صفاته بالرغم من أنه عادل. لماذا لا تذكر أنه عادل؟ في الحقيقة الرب هو محب وعادل. لو أخطأت فهو سوف يحكم عليك مع أنه يحبك. أتذكر لما كنت صغير كان المدرس يضرب الطلاب إذا واحد فيهم أخطأ، ولكن في هذه الأيام اختلف الأمر إذا المدرس ضرب أي طالب ممكن يشتكون عليه للشرطة ويمكن مع الدليل بتصويره بالتليفون. لأن أباهم طلبوا من المدرسين أن يعلموا أولادهم المواد فقط ولا يهتم بشخصيته وأخلاقه، وهذه مشكلة كبيرة سواء في مصر أو في أي بلد مِن حولنا.  

ثالثا: بناء على تجاوبك  لدعوة الرب أنت تنتصر على الشيطان

نلاحظ في (مت16: 17) يقول الرب يسوع لبطرس"طُوبَـى لَكَ"، وفي (مت16: 18) "وَأَنَا أَقُولُ لَكَ...وَعَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ." نحن نبدأ الخدمة عندما يباركنا الرب. ولا يمكن أن أنتصر على الشيطان إلا بقوة الروح القدس، وأيضا ولا يمكن أن نشهد بربنا يسوع المسيح للآخرين إلا بإرشاد الروح القدس.

هل تجاوبت مع دعوة يسوع ؟ بحسب تجاوبنا مع دعوة يسوع يمكن أن ننمو روحيًا أو نسقط روحيًا!  نوعية الخدمة تأتي من نوعية شخصية المؤمن.  لما كنت في المدرسة دائما المدرس كان يطلب منا أن نكون أشخاصًا عندنا أخلاق رائعة ومميزة.

إذا تجاوبت مع هذه الدعوة يمكن أن تشبه بشخص مثال لك قد تصورته من فترة طويلة، ولكن مَنْ هو مثالنا يا إخوتي وأخواتي؟! هو شخص الرب يسوع لأنه هو هو مثالنا الأعظم والأروع لحياتنا وفي حياتنا.

لو أنا لم أتجاوب مع دعوة المسيح لي فكيف تستمر علاقتي مع شخص المسيح؟ إذا لم أتجاوب لو مرة واحدة كيف تستمر علاقتك معه؟ نتيجة عدم التجاوب لدعوة المسيح ستكون حياتي وعلاقتي مع الرب مملة وناشفة ما فيها حياة روحية بالروح القدس. 

يا أحبائي،

اعتراف بطرس كان عظيمًا بالنسبة لشخص المسيح، لأن هذا الاعتراف يوضح لنا "بأن المسيح يتمتع بعلاقة فريدة ومميزة مع الله الآب لم يختبرها أحد مِن قبل." وكذلك بطرس له علاقة حميمة مع الرب. كيف عرفت؟ اعترافه للرب. وهو قال: "أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ!»."

عندما نتجاوب مع دعوة المسيح لنا سنسمع منه الجواب الذي يعزينا ويرفع حياتنا.  لأن اعترافنا بيسوع المسيح ليس بالفكر البشري. وإيماننا بيسوع المسيح غير مبني على أحاسيسنا وعواطفنا ومشاعرنا، لأنها تتغير مع الأيام. ولكن نختبر إيماننا عندما نقرر بإرادتنا، وهذا هو الإيمان الحقيقي الذي يبدأ بالقلب.

كونك يتجاوب مع دعوة الرب فهي تعبير عن الثقة الكاملة في شخص الرب وبالتالي سيكون هذا الشيء الدافع الحقيقي بأن تخدم الرب من كل القلب. لأن الرب وعد لبطرس "وَعَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْنـِــي كَنِيسَتِي، وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا." وهذا الكلام مشجع جدًا لنا. كلمة "أَبْوَابُ" معناها "حصن" أو "قلعة" فهي ترمز إلى السلطة والقدرة ، وكلمة "الْجَحِيمِ" هي قوة الأرواح الشريرة. بمعنى آخر نستطيع أن نقول بكل ثقة بأن " قوة الأرواح الشريرة لن تقوى علينا، لأن يسوع قد قام من بين الأموات." والصخرة التي يبني عليها يسوع كنيسته هي الاعتراف الإيماني بشخص المسيح الذي أعلنه بطرس وقال عنه في (1بط2: 6) "لِذلِكَ يُتَضَمَّنُ أَيْضًا فِي الْكِتَابِ:«هنَذَا أَضَعُ فِي صِهْيَوْنَ حَجَرَ زَاوِيَةٍ مُخْتَارًا كَرِيمًا، وَالَّذِي يُؤْمِنُ بِهِ لَنْ يُخْزَى».

وهنا عرفنا أن الرب أعطى لبطرس أن يؤسس الكنيسة على هذا الإيمان

 

 

رابعا: لكي تقوم بامتداد لملكوت الله عليك أن تشهد بالرب

فالخطوة الأولى هي عندما تتجاوب مع دعوة الرب يسوع وتختبر هذا الشيء في داخلك. فتأتي الخطوة الثانية وهي حياة التسليم (الطاعة الكاملة) فالطاعة ليست استسلام ناتج عن الضعف أو الاضطرار أو أنا مجبر على فعل هذا الأمر بل هي التسليم الكامل للشخص الذي تجاوبت مع دعوته، وبالتالي تختبر الخطوة الثالثة وهي الرب يستخدمك لأجل امتداد ملكوته.

لما اعترفت بإيماني الرب أرسل لي أشخاص كثيرين حتى أتجاوب مع الرب. وهو أعطى لنا مفاتيح الملكوت. كما في (عدد19) "وَأُعْطِيكَ مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ...." والمفاتيح هي الفرصة أن نأتي بالناس إلى ملكوت الله عندما نقدم رسالة الخلاص مِن كلمة الله كما في (أع15: 7-9) فَبَعْدَ مَا حَصَلَتْ مُبَاحَثَةٌ كَثِيرَةٌ قَامَ بُطْرُسُ وَقَالَ لَهُمْ:«أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ، أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنْذُ أَيَّامٍ قَدِيمَةٍ اخْتَارَ اللهُ بَيْنَنَا أَنَّهُ بِفَمِي يَسْمَعُ الأُمَمُ كَلِمَةَ الإِنْجِيلِ وَيُؤْمِنُونَ. وَاللهُ الْعَارِفُ الْقُلُوبَ، شَهِدَ لَهُمْ مُعْطِيًا لَهُمُ الرُّوحَ الْقُدُسَ كَمَا لَنَا أَيْضًا. وَلَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ بِشَيْءٍ، إِذْ طَهَّرَ بِالإِيمَانِ قُلُوبَهُمْ.

بطرس حصل على مفاتيح ملكوت السموات، لأن المفتاح هو الشهادة بيسوع المسيح عندما وقف بطرس أمام اليهود في يوم الخمسين كما في (أع2: 14) "وَأَصْغُوا إِلَى كَلاَمِي...." فشهادة المؤمنين هي مفاتيح ملكوت السموات في الكرازة. لأننا محلولون وبالتالي نتمتع بالخلاص فيجب علينا أن نكرز بيسوع المسيح لكي نرى الآخرين محلولين عندما نقدم رسالة يسوع المسيح للآخرين. نحنُ نحمل المفتاح الذي يحلّ المقيد.

وفي الختام،

لقد كانت رسالة اليوم لنا هي "اعترف بالرب وأخدمه" فإذا كنت عرفت الرب يسوع شخصيًا، فتستطيع أن تستمر في علاقتك معه وإذا كنت تعترف أنك ابنه الحقيقي فلن يقوى الشيطان علينا وهو يبني كنيسته بإيماننا وهو أيضا يعطينا قوة بالروح القدس من أجل الشهادة لاسمه.  فالأفضل لنا هو حضور الرب مِن أعمالنا، لأن الطاعة أفضل من الذبيحة. فسلم نفسك بالكامل للرب (حياة التسليم الكامل للرب).

تذكروا أن الرب يسوع أعطانا مفاتيح الملكوت لكي نحرر المقيدين والمأسورين الذين في قبضة الشيطان مِن خلال رسالة الخلاص. فالرب يبارككم ويستخدمكم بقوة الروح القدس، لكي تكونوا الأشخاص الذين تأتوا بالنفوس ليسوع المسيح. آمين.

 



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6