الشعب المَفديِ


"الشعب المَفديِ"

الدكتور أبو دورام

المقدمة:

في هذا الأسبوع لاحظنا أن الجو بدأ يكون حارًا، وبدأ فصل الربيع. وإذا فكرت بفصل الربيع في التاريخ الكنسي يُذكرنا "بعيد الفصح" في العهد القديم وهو "عيد قيامة المسيح" في العهد الجديد بحسب (1كو5: 7، 8) "لأَنَّ فِصْحَنَا أَيْضًا الْمَسِيحَ قَدْ ذُبحَ لأَجْلِنَا." وفي الأردن يقال عن"عيد القيامة" بعيد الفصح كتعبير عن أن المسيح عبر بنا من عبودية الخطية إلى الحرية بواسطة عمله على الصليب.

 

إذن ما الفرق بين عيد الفصح وعيد القيامة؟ لماذا يقع عيد الفصح في فصل الربيع؟ وأيضا كيف يفسر المؤمنون عيد الفصح بارتباطه بمائدة العشاء الرباني أو مائدة كسر الخبز؟ ولماذا طلب الرب أن يفدي شعبه في أرض مصر قبل أن يخلصهم؟

لكي نعرف إجابات هذه الأسئلة  نرى "قصة الخروج" دعونا نقرأ اليوم من كلمة الرب الحية ما جاء في سفر(الخروج 21:12-28)

فَدَعَا مُوسَى جَمِيعَ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ وَقَالَ لَهُمُ: «اسْحَبُوا وَخُذُوا لَكُمْ غَنَمًا بِحَسَبِ عَشَائِرِكُمْ وَاذْبَحُوا الْفِصْحَ. وَخُذُوا بَاقَةَ زُوفَا وَاغْمِسُوهَا فِي الدَّمِ الَّذِي فِي الطَّسْتِ وَمُسُّوا الْعَتَبَةَ الْعُلْيَا وَالْقَائِمَتَيْنِ بِالدَّمِ الَّذِي فِي الطَّسْتِ. وَأَنْتُمْ لاَ يَخْرُجْ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ بَابِ بَيْتِهِ حَتَّى الصَّبَاحِ، فَإِنَّ الرَّبَّ يَجْتَازُ لِيَضْرِبَ الْمِصْرِيِّينَ. فَحِينَ يَرَى الدَّمَ عَلَى الْعَتَبَةِ الْعُلْيَا وَالْقَائِمَتَيْنِ يَعْبُرُ الرَّبُّ عَنِ الْبَابِ وَلاَ يَدَعُ الْمُهْلِكَ يَدْخُلُ بُيُوتَكُمْ لِيَضْرِبَ. فَتَحْفَظُونَ هذَا الأَمْرَ فَرِيضَةً لَكَ وَلأَوْلاَدِكَ إِلَى الأَبَدِ. وَيَكُونُ حِينَ تَدْخُلُونَ الأَرْضَ الَّتِي يُعْطِيكُمُ الرَّبُّ كَمَا تَكَلَّمَ، أَنَّكُمْ تَحْفَظُونَ هذِهِ الْخِدْمَةَ. وَيَكُونُ حِينَ يَقُولُ لَكُمْ أَوْلاَدُكُمْ: مَا هذِهِ الْخِدْمَةُ لَكُمْ؟ أَنَّكُمْ تَقُولُونَ: هِيَ ذَبِيحَةُ فِصْحٍ لِلرَّبِّ الَّذِي عَبَرَ عَنْ بُيُوتِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي مِصْرَ لَمَّا ضَرَبَ الْمِصْرِيِّينَ وَخَلَّصَ بُيُوتَنَا». فَخَرَّ الشَّعْبُ وَسَجَدُوا. وَمَضَى بَنُو إِسْرَائِيلَ وَفَعَلُوا كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى وَهَارُونَ. هكَذَا فَعَلُوا.

 

هذه الحادثة تمت في مصر يا سلام هذا شيء عظيم. عندما أعطى الرب التعليمات في عمل الفصح، لأنها الليلة التي يتم فيها إنقاذهم وعبورهم من أرض العبودية ومن يد  فرعون  القاسية بواسطة "خروف الفصح" الذي يُشير إلى شخص الرب يسوع فهو حمل الفصح في العهد الجديد الذي أنقذ العالم من عبودية الخطية والشيطان بحسب (يو1: 29)"وَفِي الْغَدِ نَظَرَ يُوحَنَّا يَسُوعَ مُقْبِلاً إِلَيْهِ،فَقَالَ:«هُوَذَا حَمَلُ اللهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ!

 

نلاحظ في هذا المقطع الكتابي أن موسى دعا جميع شيوخ إسرائيل وطلب منهم أن يذبحوا "خروف الفصح." وأن يضعوا علامة الدم على العتبة العليا والقائمتين.

 وقال لهم: لا يخرج أي شخص من بيته حتى الصباح والفكرة هنا لكي يتم الإنقاذ من الدينونة علينا أن نكون تحت حماية الدم، ولكن هذا الدم ليس دم خروف مادي بل هو "دم يسوع المسيح" الغالي. هللويا. وبهذه الطريقة الرب خلص شعب إسرائيل من الموت وأيضًا من عبودية فرعون. كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى وَهَارُونَ. هكَذَا فَعَلُوا.

والأعداد التي قرأناها من (الخروج 12: 21-28) هي تُسمى "قصة الخروج من العبودية أو قصة الفداء من العبودية" ويمكن نُلخصها كالتالي:

1.     ذبح خروف الفصح

2.     وضع الدم على العتبة العليا والقائمتين

3.     خلاص (حرية) الشعب

فيمكن أن نقول: ن الفداء يأتي قبل الخلاص. فندفع ثمن عقاب الخطية قبل الخلاص."

وهذه الفريضة تعتبر تذكارًا طوال فترة وجود الإنسان على الأرض. يحتفل بها اليهود وتعتبر "عيدًا للرب." وهي ما يُسميها الكتاب المقدس وخاصة في العهد الجديد "عيد الفصح" فهو ذكرى سنوية فيها الشعب يقدم الشكر لله الذي خلصهم من الموت وخروجهم من العبودية وتحريرهم من الخطية.

وفي العهد الجديد نحتفل بهذا العيد، ولكن بطريقة مختلفة تمامًا عن طريقة اليهود لأن الذي مات عنّا هو شخص الرب يسوع بصفته "حمل الله" الذي يرفع خطية العالم كما نادى به يوحنا المعمدان في (يو1: 29).

والرسول بولس يؤكد هذه الحقيقية الكتابية الإيمانية في (1كو5: 7) "لأَنَّ فِصْحَنَا أَيْضًا الْمَسِيحَ قَدْ ذُبحَ لأَجْلِنَا."

فهو حمل الفصح الحقيقي أي عبورنا من عبودية الخطية والشيطان هو شخص الرب يسوع الذي ذبح على الصليب.

 

السؤال، أين ذُبح المسيح يسوع؟! على الصليب من أجل كل الناس لكي يعطينا الحياة الأبدية مع فطير الخلاص والحق.

والرب أعطى تعليمات في كيف يعملون الفصح، فمن ضمن التعليمات الرب طلب منهم أن يعزلوا الخمير من بيوتهم (خروج 15:12) وكذلك  " لا تكسرمنه عظمًا.." (الخروج12: 46) وهذا لكي يتم الكتاب القائل "عظمٌ لا يُكسر منه..." (يو19: 36) وهذا تم في صلب شخص يسوع المسيح.

"هكَذَا الْمَسِيحُ أَيْضًا، بَعْدَمَا قُدِّمَ مَرَّةً لِكَيْ يَحْمِلَ خَطَايَا كَثِيرِينَ، سَيَظْهَرُ ثَانِيَةً بِلاَ خَطِيَّةٍ لِلْخَلاَصِ لِلَّذِينَ يَنْتَظِرُونَهُ."(عب 28:9).

والعناصر الموجودة في عمل الفصح هي: الفطير بدون الخمير، ودم الحمل وهذان يلاءمان عشاء الرب الأخير مع تلاميذه. وفي الحقيقة أن يسوع وتلاميذه شاركوا في عيد الفصح وهذا اليوم كان آخر عشاء الرب مع تلاميذه. «وَفِي الْيَوْمِ الأَوَّلِ مِنَ الْفَطِيرِ. حِينَ كَانُوا يَذْبَحُونَ الْفِصْحَ، قَالَ لَهُ تَلاَمِيذُهُ:«أَيْنَ تُرِيدُ أَنْ نَمْضِيَ وَنُعِدَّ لِتَأْكُلَ الْفِصْحَ؟»(مر14: 12).

 

أيها الأحباء:

والآن عشاء الرب أصبح فصح التذكار لحياتنا الجديدة لأن دم المسيح خلصنا من خطايانا وحررنا من الخطية. فسؤالي لكل واحد فينا اليوم؛ هل اختبرت أنت الخلاص من الموت الروحي، وتم إنقاذك من عبودية الخطية؟! عندما تعترف بخطاياك بتوبة حقيقية أمام الله تحصل على غفران خطاياك بدم يسوع المسيح الذي يستر ويطهر من كل خطية، وبالتالي تكون قد قبلت يسوع المسيح المخلص والمحرر لحياتك

يسكن فيك الروح القدس لكي يعلن فيك الحياة الروحية الجديدة وبالتالي تحيّا روحك من جديد وهذه هي الولادة الروحية الجديدة التي أكد عنها يسوع المسيح لينقوديموس (يو3: 5، 6). 

يا أحبائي:

إن مائدة كسر الخبز أو خبز الشركة وكأس البركة جاءت من فريضة الفصح التي عملها يسوع المسيح مع تلاميذه في العلية فيمكن أن تقرأ هذا الجزء الكتابي من (لوقا22: 7-21). ونلاحظ أن الخمير في العهد الجديد يُشير أو يرمز إلى الشر أو الخطية كما قال الرسول بولس في (1كو5: 8) "إِذًا لِنُعَيِّدْ، لَيْسَ بِخَمِيرَةٍ عَتِيقَةٍ، وَلاَ بِخَمِيرَةِ الشَّرِّ وَالْخُبْثِ، بَلْ بِفَطِيرِ الإِخْلاَصِ وَالْحَقِّ."

وكذلك في(مرقس14: 22) "وَفِيمَا هُمْ يَأْكُلُونَ، أَخَذَ يَسُوعُ خُبْزًا وَبَارَكَ وَكَسَّرَ، وَأَعْطَاهُمْ وَقَالَ:«خُذُوا كُلُوا، هذَا هُوَ جَسَدِي ثُمَّ أَخَذَ الْكَأْسَ وَشَكَرَ وَأَعْطَاهُمْ، فَشَرِبُوا مِنْهَا كُلُّهُمْ. وَقَالَ لَهُمْ:«هذَا هُوَ دَمِي الَّذِي لِلْعَهْدِ الْجَدِيدِ، الَّذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ»".

فاليهود من خلال عمل الفصح يتذكرون الفداء الذي صنعه الرب بهم وفي العهد القديم "الخلاص العظيم" أي الخلاص من أرض العبودية ومن سلطة فرعون. هذا هو معنى الفصح أو خلاص الشعب في العهد القديم.  وليس كما خلصنا الرب يسوع من خطايانا.

والمسيحيون في"كسر الخبز"أو في فريضة "العشاء الرباني" يتذكرون الفداء الروحي من عبودية الخطية وسيادة الشيطان الذي تم في صليب ربنا يسوع المسيح.

عندما يتحدث الكتاب المقدس عن موضوع الفداء الذي لنا في شخص الرب يسوع المسيح "يُعني التحرير من عبودية الخطية بمعنى أننا كنا عبيدا للخطية ولا نستطيع أن نخلص أو نحرر أنفسنا بأنفسنا." وبالتالي كان من الضروري أن يأتي شخص الرب يسوع بفدائه من خطايانا وهذا الفداء له جانبان:

1.     الفدية: "شخص يكون كاملا بدون خطية يدفع ثمن عقاب الخطية."

2.     البديل: "شخص يأخذ مكاني ويتحمل العقوبة بدلاً مني."

ففي قصة الخروج للشعب من أرض مصر نرى أن الحمل كان الذبيحة عن حياة كل الإسرائيليين، ومن خلال هذا الدم الذي وضعوه بالإيمان تم إنقاذهم من الموت الدينونة. 

العهد القديم هو عهد الرموز فنرى أن الحيوانات والذبائح كانت بديلة عن كل خاطئ وهي كانت لغفران خطية الإنسان. فكان كل شخص خاطئ يقدم حيوانا كذبيحة عنه لكي يدفع ثمن الخطية.

وفي العهد الجديد يسوع المسيح هو الذبيحة الكاملة والتامة. يسوع قدم نفسه على الصليب لأجل خطايانا وفدانا وطهرنا بدمه الغالي الثمين. 

يسوع هو الذي دفع العقاب عن خطايانا بمعنى آخر يسوع أخذ مكاني أنا المذنب أنا الخاطئ  لكي يخلصني ويحررني من كل خطية وعبودية مع أنه هو البار والقدوس والذي لم يفعل أي خطية كما في ( 1 بط 18:1-19) "عَالِمِينَ أَنَّكُمُ افْتُدِيتُمْ لاَ بِأَشْيَاءَ تَفْنَى، بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ، مِنْ سِيرَتِكُمُ الْبَاطِلَةِ الَّتِي تَقَلَّدْتُمُوهَا مِنَ الآبَاءِ،. بَلْ بِدَمٍ كَرِيمٍ، كَمَا مِنْ حَمَل بِلاَ عَيْبٍ وَلاَ دَنَسٍ، دَمِ الْمَسِيحِ.

في الختام:

 

1.   في العهد الجديد يسوع المسيح وحده هو البار القدوس الذبيحة الكاملة، لأنه الوحيد الذي لم يفعل أي خطية وبالتالي استطاع أن يخلصنا من كل خطية.يسوع قدم نفسه على الصليب لأجل خطايانا وفدانا وطهرنا بدمه الغالي الثمين.

 

2.   يسوع دفع الثمن على الصليب وهذا الثمن لا يقدر أي إنسان أو ملاك أن يدفع هذا الثمن فهو مات لأجلنا على الصليب (أخذ مكاني أنا، مات من أجلي أنا). المطلوب من كل واحد لم يتمتع بهذا الغفران ولا بتحريره من الخطية "أن تؤمن في يسوع وبيسوع لكي يحررك."

3.    يسوع هو الذي دفع العقاب عن خطايانا بمعنى آخر يسوع أخذ مكاني أنا المذنب أنا الخاطئ  لكي يخلصني ويحررني من كل خطية وعبودية مع أنه هو البار والقدوس والذي لم يفعل أي خطية( 1 بط 18:1-19)عَالِمِينَ أَنَّكُمُ افْتُدِيتُمْ لاَ بِأَشْيَاءَ تَفْنَى، بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ، مِنْ سِيرَتِكُمُ الْبَاطِلَةِ الَّتِي تَقَلَّدْتُمُوهَا مِنَ الآبَاءِ،. بَلْ بِدَمٍ كَرِيمٍ، كَمَا مِنْ حَمَل بِلاَ عَيْبٍ وَلاَ دَنَسٍ، دَمِ الْمَسِيحِ.

 

4.      الشخص الذي كان يأكل من الفصح في العهد القديم لابد أن تكون حياته الروحية نقية، ولا يقترب من هذه الوليمة أي شخص غريب بمعنى أخر أي شخص لا ينتمي لشعب الرب بالعهد الإلهي لا يأكل من هذه الوليمة.كما قال في (خر12: 43)"وَقَال َالرَّبّ ُلِمُوسَى وَهَارُونَ: «هذِهِ فَرِيضَةُ الْفِصْحِ: كُلُّ ابْنِ غَرِيبٍ لاَ يَأْكُلُ مِنْهُ."

 

5.   كذلك كل واحد فينا اليوم إذا كنت أنت تشترك اليوم في "المائدة الربانية" فعليك أنت أن تمتحن نفسك أولاً. لأن الذي يأكل ويشرب بدون استحقاق يأكل ويشرب دينونة لنفسه غير مميز جسد الرب(1كو 28:11). فعليك بالنقاوة الروحية في مشاركتك للمائدة الربانية.

 

 

 

 



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6