ما هو الإيمان؟


ما هو الإيمان؟

الدكتور أبو دورام

 

أنتم تعرفون الواعظ المشهور(بيلي جراهيم)صار عمره أكثر من 85 سنة ، لكنه يعاني في هذه الأيام من مرض "الشلل" وهذا المرض يسبب له الرعشة بسبب الاضطرابات العصبية ومع هذا المرض الموجود في جسده نجد وعظه البسيط بين الناس وخدمته المتواصلة مع المسيح ففي أحد الخدمات قدم وعظة وركز في رسالته على الفوضى والقتل والدمار الموجود في العالم الآن، وأيضا قال أن القلب البشري دائما يميل إلى الخطية التي فينا رغم وجود الغفران والخلاص، وهناك العزلة والاحباط والحزن، وكالعادة يختم رسالته بكلمات تلمس القلوب فيقول:{نحن نريد في هذه الأيام إلى شخص يحبني أكثر ما أنا أحبه}. وهذا لا نجده إلا في الله الآب الذي وهب لنا ابنه الوحيد على الصليب فهو أحبنا ويحبك، فنعدما يدخل إلى حياتك يغيرك ويجعلك خليقة جديدة وهذا ما يفعله معك إن كنت فقيراً أو غنياً.

هل أنت متأكد من معرفة يسوع المسيح؟  لأن الإيمان لا يوجد بدون معرفة(1يو4: 16) وماذا يقصد بكلمة "ايمان"؟ هل دائما ليس لنا أي شكوك ؟ لا هل تحب زوجك بقدر ما يحبك؟ ما فيش أي شكوك في محبته أحيانا؟

دعونا اليوم نقرأ من كلمة الله الحية والفعاّلة من سفر(تك4: 1ـ8)ونتوقع اليوم بثقة أن الرب يسوع يلمس قلوبنا

وَعَرَفَ آدَمُ حَوَّاءَ امْرَأَتَهُ فَحَبِلَتْ وَوَلَدَتْ قَايِينَ. وَقَالَتِ: «اقْتَنَيْتُ رَجُلاً مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ». ثُمَّ عَادَتْ فَوَلَدَتْ أَخَاهُ هَابِيلَ. وَكَانَ هَابِيلُ رَاعِيًا لِلْغَنَمِ، وَكَانَ قَايِينُ عَامِلاً فِي الأَرْضِ. وَحَدَثَ مِنْ بَعْدِ أَيَّامٍ أَنَّ قَايِينَ قَدَّمَ مِنْ أَثْمَارِ الأَرْضِ قُرْبَانًا لِلرَّبِّ، وَقَدَّمَ هَابِيلُ أَيْضًا مِنْ أَبْكَارِ غَنَمِهِ وَمِنْ سِمَانِهَا. فَنَظَرَ الرَّبُّ إِلَى هَابِيلَ وَقُرْبَانِهِ، وَلكِنْ إِلَى قَايِينَ وَقُرْبَانِهِ لَمْ يَنْظُرْ. فَاغْتَاظَ قَايِينُ جِدًّا وَسَقَطَ وَجْهُهُ. فَقَالَ الرَّبُّ لِقَايِينَ: «لِمَاذَا اغْتَظْتَ؟ وَلِمَاذَا سَقَطَ وَجْهُكَ؟ إِنْ أَحْسَنْتَ أَفَلاَ رَفْعٌ؟ وَإِنْ لَمْ تُحْسِنْ فَعِنْدَ الْبَابِ خَطِيَّةٌ رَابِضَةٌ، وَإِلَيْكَ اشْتِيَاقُهَا وَأَنْتَ تَسُودُ عَلَيْهَا». وَكَلَّمَ قَايِينُ هَابِيلَ أَخَاهُ. وَحَدَثَ إِذْ كَانَا فِي الْحَقْلِ أَنَّ قَايِينَ قَامَ عَلَى هَابِيلَ أَخِيهِ وَقَتَلَهُ.

نحن نعرف أن إبراهيم هو أبو المؤمنين، هل في حياته لم يكن فيها شكوك؟ وهل كانت أعماله صالحة دائماً؟ لا، ولكنه لم يستسلم لإرادته في أن يرفض دعوة الله ولكن استسلم بإرادته أن يطيع الله.

هل المقطع الكتابي في(تك4: 1ـ8) يوجد فيه الإيمان؟ أو عدم الإيمان؟ لأننا نعرف أن الإيمان هو هبة من الله وأيضا هو قرار من قلب الانسان نتيجة التجاوب مع الله بالإيمان. ولكن تعالوا بنا قبل أن نجيب على الأسئلة السابقة لابد أن ندرس شخصيات القصة حتى نتعلم منها دروس لحياتنا.

أولاً، الايمان هو هبة من الله

1) شخصية حواء: مع أن حواء اخطأت في(تك3)ولكنها في(تك4: 1)كان لديها إيمان وَقَالَتِ: «اقْتَنَيْتُ رَجُلاً مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ». فحواء اعتبرت هذا الابن هو عطية من الله والعطية مصدرها الله. هل عندك الإيمان أن الله قد أعطانا يسوع ابنه عطية لنا. فإذا كنت تؤمن بهذا الحق الكتابي، لابد إيمانك يستمر طوال حياتك.

ثانياً: الاستمرار في الايمان يعتمد على الله وحده من خلال الروح القدس وكلمة الله وليس على الإنسان فقط.

كان هناك أمريكي واسمه(تمفلتون)، هذا الشخص كان صديق(لبيلي جراهم)وكان من وعمره 16 سنة وهوعنده الإيمان وصار خادماً بناء على فكره ولكن بعد 19 سنة من الإيمان رأى صورة في مجلة عن الحروب في أفريقيا وقرأ قصة فتاة متألمة في هذه الحرب. فصار عنده شك في قلبه، لماذا يسمح الرب للعالم بالآلام والضيقات والشر، مع أنه هو الله المحب للعالم. وهو يدعو للسلام كيف؟ من هذه النقطة ترك الخدمة والكنيسة. وصار ضد الكنيسة وضد الكتاب المقدس مع أنه يؤمن بوجود الله، لكن السؤال هذا إيمانه وهو في عمر 16 سنة، هل كان الإيمان الذي يرضي الله؟ دعونا نكمل القصة من الكتاب المقدس. ونرى الشخصية الثانية.

2) شخصيةهابيل: كان عنده إيمان كما يقول الكتاب المقدس في رسالة(عب11: 4)وكذلك نجد لديه الإيمان في(تك4: 4)عندما يقول «وَقَدَّمَ هَابِيلُ أَيْضًا مِنْ أَبْكَارِ غَنَمِهِ وَمِنْ سِمَانِهَا». فكلمة« سِمَانِهَا»وهذه الكلمة تعني أن الذبيحة تتمتع بالصحة وأيضا هي سمينة(قوية، فالذي جعل هابيل يقدم الأفضل هو الإيمان.

ثالثاً: لما يدعو الله الانسان، على الانسان أن يتجاوب مع هذه الدعوة.

3) شخصية قايين: ولم يكن عنده الإيمان. ما هو الدليل على أن قايين لم يكن لديه الإيمان؟ يخبرنا(تك4: 3)هل قايين قدم أفضل شيء عنده للرب؟

أولاً، قايين قدم شيئا كواجب أو فرض منه لله بقدر لم يسعى في كيف يرضي الله؟ وليس من محبته تجاه الله.

ثانيا، قايين اغتاظ(تك4: 5ـ6)، هذا دليل على عدم الإيمان لأن قايين ليس له علاقة دائمة مع الله. لو كان عنده علاقة مستمرة مع الله بالتالي فليس له الغيظ في قلبه. هنا نعرف أن قايين لم يكن عنده مشكلة في القربان، ولكن المشكلة الحقيقية كانت في دوافع ونيات قلبه واعتبر قايين عدم قبول قربانه وقبول قربانه أخيه هو إهانة شخصية من الله له. وهو لا يعرف قصد الله ولم يسأل الله عن السبب حتى يحصل على جواب وأيضاً كان لديه الشكوك في قلبه من الله. وكأنه شعر أن قلبه جُرح من الله بسبب رفض التقدمة وكثير من المؤمنين يقولون هذا الشخص جرحني وجرح كرامتي، وقلل من قيمتي أمام الناس، ولكن الحقيقة ليس كذلك.  هو يخبيء سببا آخر في قلبه ويظهر كلمة هو"جرحني". ولكن هذا المؤمن عنده مشكلة بينه وبين نفسه تجاه الله.

رابعاً: نعمة الله لا تلغي مسؤولية الإسان في الإيمان.

دعونا نرجع إلى صاحب بيلي جراهام. ما هو السبب الذي جعل هذا الشخص يرجع عن إيمانه وعن خدمته ويصبح ضد الخدمة والكتاب المقدس؟ هذا الشخص كان عنده معلومات عن الله فقط، لذلك انخدع وفكر أنه يعرف الله. إذن  ما هو سر تغيير حياتك؟ هو الرب يسوع المسيح هو نعمة الله(عطية الله) ولكن هذا النغيير يحتاج إلى تجاوبك لكي تقرر من قلبك حتى ترجع عن الخطية وتحصل على غفران يسوع المسيح. و الإيمان يرتبط بعهد الله مع شعبه في العهد القديم وهو ينتظر تجاوبك بالإيمان .

الإيمان هو الوسيلة التي بها يصير المؤمنون أبناء الله، لأننا بالإيمان تقترن بالمسيح وتقبل بره الذي هو أساس لبنوتنا لله الآب(غلا3: 26ن، 4: 4ـ5). لأنه بالإيمان يصبح في حياتك شيء جديد بناء على نعمة الله لأن مبادر إيمانك هو الرب من خلال الروح القدس.

ولو كان هذا الشخص صاحب بيلي جراهام عنده إيمان حقيقي في المسيح يسوع من خلال الروح القدس، كان وقتها راح يعرف سبب شكوكه ويعرف قصد الله من خلال هذه الأحداث التي صارت في أفريقيا. ولا يمكن أن نحكم على الآخرين بأفكارنا.

ونختم بنص كتابي وهو(أم2: 3ـ5) إِنْ دَعَوْتَ الْمَعْرِفَةَ، وَرَفَعْتَ صَوْتَكَ إِلَى الْفَهْمِ، إِنْ طَلَبْتَهَا كَالْفِضَّةِ، وَبَحَثْتَ عَنْهَا كَالْكُنُوزِ، فَحِينَئِذٍ تَفْهَمُ مَخَافَةَ الرَّبِّ، وَتَجِدُ مَعْرِفَةَ اللهِ.

لنتذكر من خلال المقطع الكتابي في(تك4: 1ـ8)هذه النقاط الأربع وهي:  

أولا، الايمان هو هبة من الله

ثانيا: الاستمرار في الايمان يعتمد على الله وحده من خلال الروح القدس وكلمة الله وليس على الانسان.

ثالثا: لما يدعو الله الانسان، على الانسان أن يتجاوب مع هذه الدعوة.

رابعا: نعمة الله لا تلغي مسؤولية الانسان في الايمان.



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6