كيف نحيا حياة الخلاص؟


كيف نحيا حياة الخلاص؟

الدكتور أبو دورام

 

كثير من الأحيان نواجه بهذا السؤال الذي قد يكون في الظاهر بسيط ولكنه في عمقه يحتوي على معاني كثيرة وليس سهلا لأن الحياة هي غاية الإنسان منذ البدء.

مثلا كيف أسترجع الحياة التي فقدت؟ لماذا فقدنا الحياة؟ كان هناك سبب وهو عدم التواصل مع الله. صارت هناك قطيعة(زعل) أو هوة(فراغ) بيننا وبين الله.

يا ترى ما هي غاية الناموس؟وما الغرض منه؟ ما هي وظيفة الناموس؟ هل هو يعلن طبيعة الله ومشيئته ويبين للناس كيف يعيشون؟

دعونا نقرأ من كلمة الله التي تعلمنا وترشدنا وتفتح عيوننا على حقيقة الأمر من رسالة(غل 19:3-25)

فَلِمَاذَا النَّامُوسُ؟ قَدْ زِيدَ بِسَبَبِ التَّعَدِّيَاتِ، إِلَى أَنْ يَأْتِيَ النَّسْلُ الَّذِي قَدْ وُعِدَ لَهُ، مُرَتَّبًا بِمَلاَئِكَةٍ فِي يَدِ وَسِيطٍ. وَأَمَّا الْوَسِيطُ فَلاَ يَكُونُ لِوَاحِدٍ. وَلكِنَّ اللهَ وَاحِدٌ. فَهَلِ النَّامُوسُ ضِدُّ مَوَاعِيدِ اللهِ؟ حَاشَا! لأَنَّهُ لَوْ أُعْطِيَ نَامُوسٌ قَادِرٌ أَنْ يُحْيِيَ، لَكَانَ بِالْحَقِيقَةِ الْبِرُّ بِالنَّامُوسِ. لكِنَّ الْكِتَابَ أَغْلَقَ عَلَى الْكُلِّ تَحْتَ الْخَطِيَّةِ، لِيُعْطَى الْمَوْعِدُ مِنْ إِيمَانِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ. وَلكِنْ قَبْلَمَا جَاءَ الإِيمَانُ كُنَّا مَحْرُوسِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، مُغْلَقًا عَلَيْنَا إِلَى الإِيمَانِ الْعَتِيدِ أَنْ يُعْلَنَ. إِذًا قَدْ كَانَ النَّامُوسُ مُؤَدِّبَنَا إِلَى الْمَسِيحِ، لِكَيْ نَتَبَرَّرَ بِالإِيمَانِ. وَلكِنْ بَعْدَ مَا جَاءَ الإِيمَانُ، لَسْنَا بَعْدُ تَحْتَ مُؤَدِّبٍ.

يا أحبائي، السؤال لماذا أوجد الله الناموس؟

 

أولا: كان لابد من وجود الناموس لكي يعلن الخطية ويكشف خطايا الناس.

كان الناموس في البداية يرتب بواسطة وسيط. هل تعرف من هو الوسيط؟ هناك وسيطان أول الشيء الملائكة وهي تمثل الله وثانياً، موسى الذي يمثل شعب الله. موسى كان وسيط بين الله وشعب إسرائيل. وجاءت هذه الوساطة حتى تظهر، وتعلن، وتبين، التعدي وهو الحدود. وقبل الناموس كانت الخطية موجودة، ولكن بعد الناموس صارت الخطية هي التعدي، فالناموس يحول الخطية الى التعدي. 

عندما نقرأ في الناموس نجد هناك وعود ولكن كيف تتحقق هذه الوعود؟ الوعد الأهم الذي نحن نعلنه اليوم هو، {{كيف نحيا حياة الخلاص؟}} وهذا هو عنوان اليوم.

كيف يكون لي الحياة؟ كيف أنال المواعيد الموجودة في كلمة الله؟ هل عن طريق الناموس؟ هل يمكن أن أحيا بالناموس؟ ""لا يمكن"" لأن الناموس يبين لي فقط الخطية، ولكنه لا يقدم "الحل" ولا يقدر أن "يحيني" ويعجز عن "تبريري" قدام الله.  

 

ثانيا، لابد من وجود الناموس لكي يحرسنا حتى يأتي المسيح.

هناك قصة حقيقية كانت تحدث في عصر الرسول بولس وهي كان الأولاد يذهبوا إلى المدرسة. وكل واحد أو كل مجموعة كان معها حارس خاص(الخادم/العبد/المرافق) في الطريق لكي يحميهم من أخطار الطريق لحين ما يصلوا إلى المدرسة.

وهناك يلتقوا بالمعلم. وهذا بالفعل هو عمل الناموس الذي يتحدث عنه الرسول بولس، فالناموس كان الحارس لإعلان ومشيئة الله ومواعيده وأيضاً إعلان للخطية بأنها بصورة مجازية. والتعبير المجازي لعمل الناموس يكون لحين مجيء يسوع المسيح. وهنا يقوم الناموس بدور الحارس أو العبد الذي يهتم بالصبي والناموس هو الحاجب حتى يأتي المسيح.

من خلال الناموس نعرف الخطية(رو3: 20) لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ كُلُّ ذِي جَسَدٍ لاَ يَتَبَرَّرُ أَمَامَهُ. لأَنَّ بِالنَّامُوسِ مَعْرِفَةَ الْخَطِيَّةِ. والناموس يعطي حدود للناس مثل قانون الدولة كل من يتجاوزه يُعاقب(رو4: 15) لأَنَّ النَّامُوسَ يُنْشِئُ غَضَبًا، إِذْ حَيْثُ لَيْسَ نَامُوسٌ لَيْسَ أَيْضًا تَعَدٍّ.

ولكن هل الناموس يعتبر خطية؟ حاشا!(رو7: 7) فَمَاذَا نَقُولُ؟ هَلِ النَّامُوسُ خَطِيَّةٌ؟ حَاشَا! بَلْ لَمْ أَعْرِفِ الْخَطِيَّةَ إِلاَّ بِالنَّامُوسِ. فَإِنَّنِي لَمْ أَعْرِفِ الشَّهْوَةَ لَوْ لَمْ يَقُلِ النَّامُوسُ:«لاَ تَشْتَهِ».  

إذن المشكلة ليست بالناموس بل فينا نحن. الناموس ليس المشكلة ولكنها في طبيعتنا الفاسدة. فالناموس يثير الخطايا أكثر ويحرك الخطايا وتصير الخطية خاطئة جدا بالوصية(رو13:7) فَهَلْ صَارَ لِي الصَّالِحُ مَوْتًا؟ حَاشَا! بَلِ الْخَطِيَّةُ. لِكَيْ تَظْهَرَ خَطِيَّةً. مُنْشِئَةً لِي بِالصَّالِحِ مَوْتًا، لِكَيْ تَصِيرَ الْخَطِيَّةُ خَاطِئَةً جِدًّا بِالْوَصِيَّةِ.

أخيرا، لابد كان لابد من وجود الناموس لكي نكتشف كم نحن خطاة(غلا3: 23) وَلكِنْ قَبْلَمَا جَاءَ الإِيمَانُ كُنَّا مَحْرُوسِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، مُغْلَقًا عَلَيْنَا إِلَى الإِيمَانِ الْعَتِيدِ أَنْ يُعْلَنَ.

الخطية تحكم(تسيطر)على الناس طالما أنت تكون تحت الناموس. وكان عمل الناموس هو عمل وقتي حتى يأتي المسيح. الناموس هو كان عبارة عن الخادم/العبد المرافق للصبي.(العدد24) إِذًا قَدْ كَانَ النَّامُوسُ مُؤَدِّبَنَا إِلَى الْمَسِيحِ، لِكَيْ نَتَبَرَّرَ بِالإِيمَانِ. حسب الوعد الإبراهيمي. فإذا كان الحارس/المرافق/الخادم معك هذا يعني أنك لن تضل الطريق ولكن حينما جاء المسيح لا نحتاج إلى الحارس/الخادم. وقد حصلنا على الوصايا الجديدة من المعلم هو يسوع المسيح. وطبيعة الله تطلب منا أن نلتزم بهذه الوصايا، ونحن لسنا تحت نظام الناموس. ولكن قال يسوع المسيح لنا في(يو15: 12)"هذه هي وصيتي أن تحبوا بعضكم بعضا كما أحببتكم".

 

 فمع أن الناموس لا يبرر، ولا يخلص، لا يعطي الحياة. ولكنه كان حارساً للجميع. ولكن عندما جاء المسيح فأعطانا الحياة الجديدة من خلال عمله على الصليب. ولن نحتاج إلى حارس أو حاجب لأن المعلم قد حضر وهو الآن يعلمنا بالروح القدس. فنحتاج الى لمسة يسوع التي تبررنا وتحررنا وتعطينا الحياة الأبدية.

إذن نحن نحيا بالمسيح وليس بالناموس. ونحن نتبرر أمام الله بالمسيح وليس بعمل الناموس.

وهذا يثبت أن الإيمان هو الطريق الوحيد للخلاص والايمان لا يلغي الناموس ولكن كلما زادت معرفتنا بالله، نكتشف كم نحن خطاة. فنجد أنه لا سبيل أمامنا سوى الاستناد على إيماننا بالمسيح وحده للخلاص. فإن حياة الاستقامة ليست شرطا للإيمان ولكنها نتيجة له. وعندما ندرك قوة الإيمان في التغيير، فلابد أن نسعى لأن نحيا بصورة تظهر هذا التغيير.



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6