فوائد الشوكة في الجسد


فوائد الشوكة في الجسد

الدكتور أبو دورام

 

يا أحبائي طبيعتنا البشرية لا تحب الآلم، ولما نجتاز في بعض الآلام سواء النفسية مثل الاضطهاد لأجل المسيح أو نشعر بأننا منبوذين قد يكون السبب لأننا مسيحيين أو لأنه يوجد مشكلة في بعض أعضاء أجسادنا، وقد يكون الآلم جسدي مثل أمراض معينة وهكذا.

ولكن لابد أن نعرف الدرس الحقيقي من وراء الآلم هو الأمتحان لأجل الإيمان، والرب يرى مدىَ صبرنا وتحملنا لذلك لنفرح ولنتشدد ولا نيأس ولا نفشل لأن مقاصد الله لنا عظيمة.

تعالوا بنا اليوم نقرأ المقطع الكتابي الذي يذكرنا بالكلام الذي قلته سابقاً من رسالة(2كو12: 7ـ10)

 

وَلِئَلاَّ أَرْتَفِعَ بِفَرْطِ الإِعْلاَنَاتِ، أُعْطِيتُ شَوْكَةً فِي الْجَسَدِ، مَلاَكَ الشَّيْطَانِ لِيَلْطِمَنِي، لِئَلاَّ أَرْتَفِعَ. مِنْ جِهَةِ هذَا تَضَرَّعْتُ إِلَى الرَّبِّ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ أَنْ يُفَارِقَنِي. فَقَالَ لِي:«تَكْفِيكَ نِعْمَتِي، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضَّعْفِ تُكْمَلُ». فَبِكُلِّ سُرُورٍ أَفْتَخِرُ بِالْحَرِيِّ فِي ضَعَفَاتِي، لِكَيْ تَحِلَّ عَلَيَّ قُوَّةُ الْمَسِيحِ. لِذلِكَ أُسَرُّ بِالضَّعَفَاتِ وَالشَّتَائِمِ وَالضَّرُورَاتِ وَالاضْطِهَادَاتِ وَالضِّيقَاتِ لأَجْلِ الْمَسِيحِ. لأَنِّي حِينَمَا أَنَا ضَعِيفٌ فَحِينَئِذٍ أَنَا قَوِيٌّ.

 

عنوان موضوعنا اليوم من خلال هذا المقطع الكتابي الرائع هو{{ فوائد الشوكة في الجسد}} يا ترى هل فكرنا في الفوائد؟ أم فكرنا في الخسارة من الشوكة؟ تعالوا بنا نرى فوائد الشوكة في الجسد

 

أولا: إن الشوكة تزيل الكبرياء من حياتنا.

يقول بولس في النص اليوم أن لديه شوكة في جسده. ولا نعلم على وجه اليقين، ماذا كانت تلك الشوكة في الجسد لأنه لم يذكرها لنا. وقد ظن البعض أنها الملاريا أو مرض من العينين أو الأذنين أو تقرح شديد في ظهره. ولكن مهما كان الأمر فإن تلك الشوكة كانت مشكلة جسدية مزمنة تعوقه في بعض الأحيان عن العمل. وحسب علاقتك مع الله يختلف مدة جلوسك مع الله. اذا أحببته لا تسرع أن تغادر مكانك.

 وكانت تلك الشوكة عقبة في طريق الخدمة وقد صلى طالبا أن يزيلها من جسده أو من حياته ولكن الله رفض ذلك لأنها كانت ضرورية في حياته وهي لحفظ بولس في أن يبقى دائماً متواضعاً، فهي تذكره بحاجته إلى الاتصال والتواصل الدائم مع الله الآب كما كانت مفيدة لمن حوله إذ يرون الله عاملا في حياته.

 

يقول بولس في(العدد7)وَلِئَلاَّ أَرْتَفِعَ(أي أتكبر/ أشوف حالي) بِفَرْطِ الإِعْلاَنَاتِ، أُعْطِيتُ شَوْكَةً فِي الْجَسَدِ. وأنتم تعرفون هذه الآية جيدا ولكن السؤال" ما هي الشوكة؟" الشوكة هنا هي " الضعف" وهذا قد يكون نوعاً من الصعوبات الدائمة في خدمتك أو في حياتك. وهذا يكون مرضا وراثيا وقد يجعل خدمتك محصورة أو صغيرة أو محددة وقد يسبب لك الألم وقد يكون هجوم من العدو.

 

 وبهذا الضعف تضرع بولس إلى الله ثلاث مرات لينزعها منه. واستجاب الرب لصلاة بولس لكن ليس كما هو كان يتوقع. لأن الله سمح بأن تكون الشوكة موجودة في جسد بولس لغرض وهدف معين، فأجابه الله هكذا " لن أنتزع الشوكة منك، ولكني سأفعل ما هو أفضل لأن نعمتي في الضعف تكمل. وهنا نلاحظ أن الشوكة ليست خطيئة، بل هي ضعف غير مرغوب به. هناك شوكة ما تكون زمنية في فترة معينة وشوكة تكون مزمنة دائمة مثل شوكة بولس، فكان بولس يعيش مع الشوكة طول عمره. وبسبب شكر بولس على شوكته كان دليل تواضعه قدام الرب والنتيجة الرب رفعه بالنعمة.

 

هناك قصة عن خادم أمريكي وكان لديه إعاقة في بعض خلايا الدماغ منذ طفولته، وهذه كانت مشكلة في طريقة الخدمة ولكن في يوم من الأيام قاد اجتماع الكنيسة في عيد القيامة لحوالي 26000 شخص في غرب أمريكا.

لماذا  اختار الله هذا الخادم المتألم جسديا؟ لقد استخدم الرب هذه الشوكة لكي ينجح  عمل الرب من خلال ابقاءه متواضعاً. وكلما يكون الألم كبير وعظيم، كلما تكون هناك بركة في حياتك. وهذا يجعلك سبب البركة للآخرين، لأن الشوكة هي فرصة لتقودك إلى محضر الله دائما.

 

ثانياً: إن الشوكة تعطي الآخرين كرامة أكثر.

لا أحد في العالم عنده كل المواهب، لذلك نحن نحتاج لبعضنا البعض بمعنى آخر بحاجة إلى مساعدة ومعونة الآخرين. يوجد أشحاص يحبوا الشهرة. وهذه الشهرة  لا تساوي أي أهمية. على سبيل المثال، إذا ليس عندي أنف يمكن أن أعيش بدون أنف. ولكن اذا ليس عندي قلب، هل يمكن أن أعيش بدون قلب. هل يمكن القول أن القلب غير المنظور أهم من الأنف المنظور؟ طبعا لا. فإذا كنت تخدم في قرية صغيرة أو كنيسة صغيرة أو خدمة بسيطة، هل هذا غير مهم في عيون الله. كلا. فخدمتك مهمة جدا من قبل الله حتى إذا كانت صغيرة أمام الناس. ولذلك الشهرة غير مهمة.

 

هل نحن على استعداد أن تكون خدمتنا أن نهتم بالغرباء  ونأتي بهم لبيوتنا مثلاً كما فعل إبراهيم(تك18) أسرع لإستقبال ثلاثة رجال عند باب الخيمة ولكن ماذا قال لهم: "دعني أقدم لكم بعض ماء تغسلون به أرجلكم. وكذلك يقول الكتاب المقدس " أي من سقى واحدا من هؤلاء الصغار ولو كأس ماء بارد فقط لأنه تلميذ لي فالحق أقول لكم : إن مكافأته لن تضيع أبداً.

 

عندما يدعوك الله إلى خدمته فعملك مهم جدا، فتقول كلمة الرب في(1كو12: 22) بَلْ بِالأَوْلَى أَعْضَاءُ الْجَسَدِ الَّتِي تَظْهَرُ أَضْعَفَ هِيَ ضَرُورِيَّةٌ. وَأَعْضَاءُ الْجَسَدِ الَّتِي نَحْسِبُ أَنَّهَا بِلاَ كَرَامَةٍ نُعْطِيهَا كَرَامَةً أَفْضَلَ. وَالأَعْضَاءُ الْقَبِيحَةُ فِينَا لَهَا جَمَالٌ أَفْضَلُ.

وكذلك نجد أيضاً(1كو12: 21) لاَ تَقْدِرُ الْعَيْنُ أَن تَقُولَ لِلْيَدِ:«لاَ حَاجَةَ لِي إِلَيْكِ!». أَوِ الرَّأْسُ أَيْضًا لِلرِّجْلَيْنِ:«لاَ حَاجَةَ لِي إِلَيْكُمَا!».

 

يا أحبائي مرات كثيرة نشارك الجوانب الرائعة في حياتنا مع الآخرين بسبب المنافسة والافتخار بأنفسنا، ولكن للأسف لا نشارك الجوانب السلبية من حياتنا مع الآخرين حتى لا نكون ضعفاء.

 

 يا أحبائي لابد أن ننظر ليسوع المسيح ويكون لنا الهدف الأسمى والأعظم وهو أن نسير في طريق التواضع لأنه يقودنا للمجد وللكرامة وللرفعة والرب عنده الاستعداد أن يستخدم ضعفك عندنا تعترف بضعفك قدامه. ولا تستطيع أن تعمل شيئا من نفسك، بل تستطيع إذا كنت تعمل مع الفريق بروح الجماعة. لذلك اقترح عليك الآتي:     

شارك مخاوفك مع الله

شارك مشاعرك مع الله

شارك غلطاتك مع الله

شارك احباطك مع الله

شارك مخافتك مع الله

 

ومن خلال هذه المشاركات ينتقل الله بنا من الضعف إلى القوة. فالشوكة تجعلنا أن ندع الله يملأنا بقوته.

 

ثالثاً: يجب أن نشكر الله على ضعفاتنا.

حينما نفشل الفشل القاسي والمرير ونصرخ لله" يا رب أنا ما عندي القوة أن افعل أي شيء، يارب، أنا مضغوط من ضعفي، أنا ما عندي أي طريقة أعملها، وعندما تعترف بضعفاتك في محضر الله بخشوع، ولكن عليك أن تقول في تواضع قدام الرب " أنا أحتاج إلى قوتك"

 السؤال اليوم، هل تشعر في قلبك خصام أو زعل تشعر به تجاه الآخرين. وقد تقول: "أنا ممكن أحل مشكلتي بنفسي". ويمكن أن تقول إن الزمن أو الأيام تحلها، وبصراحة كل ما تفكر فيه مستحيل لأن الرب يقول لك: " أينما تواجه المشاكل، أنا معك". فلا توجد أية طريقة أخرى تحتاجها.

 

عندما يضيع منك كل شيء وتخسر كل ما لديك، أو تخسر أعز الناس في حياتك أو تفقد أي معونة من الناس، في هذه اللحظة كل ما تحتاجه هو الله فقط. مرة أخرى كل ما تحتاجه هو الله فقط. وتذكر كلمات الرب يسوع(مت7: 7) «اِسْأَلُوا تُعْطَوْا. اُطْلُبُوا تَجِدُوا. اِقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ.

 

الله يظهر قوته فينا حينما نعترف أننا ضعفاء. لما كانت قوة الله تظهر بشدة في الناس الضعفاء فهذا يجب أن يكون مشجعا لنا. فإذا أدركنا حقيقة أنفسنا، فنلجأ إلى الله لنكون فعالين. فيجب أن نعتمد على الله وليس على طاقاتنا أو جهودنا أو مواهبنا، فضعفنا لا يعمل على نمو شخصيتنا المسيحية فحسب، بل يعمل أيضا على عمق عبادتنا لله، لإننا باعترافنا بضعفنا نثبت قوة الله فينا. عندما نحس بضعفنا وندع الله يملأنا بقوته، نكون أقوى من كل ما نستطيعه الاعتماد عليه سواء ذواتنا أو الآخرين. فيجب أن نعتمد على الله. ولذلك نأتي أمام الرب في الخشوع وبالقلب المنكسر.

 

التحدي الذي أمامنا اليوم  أن نتذكر فوائد الشوكة في الجسد وهو:

1)     الشوكة تزيل الكبرياء من حياتنا.

2)     الشوكة تعطي الآخرين كرامة أكثر.

3)     الشوكة تجعلنا نعبد الله من قلوبنا المتواضعة

صلاتي اليوم أن الرب يشددك ويقويك ويملأك بقوته وأنت في وسط المصاعب والصعوبات لأنها فرصة من الرب لحياتك لتختبر قوته في حياتك.

 



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6