فَلْسَانِ الأرملة الفقيرة وتكريسها


 فَلْسَانِ الأرملة الفقيرة وتكريسها

 

    سلام الرب يسوع لكم جميعاً في هذا اليوم الرائع دعونا نقرأ من كلمة الرب الحية كما جاء في(مر12: 41ـ42) وَجَلَسَ يَسُوعُ تُجَاهَ الْخِزَانَةِ، وَنَظَرَ كَيْفَ يُلْقِي الْجَمْعُ نُحَاسًا فِي الْخِزَانَةِ. وَكَانَ أَغْنِيَاءُ كَثِيرُونَ يُلْقُونَ كَثِيرًا. فَجَاءَتْ أَرْمَلَةٌ فَقِيرَةٌ وَأَلْقَتْ فَلْسَيْنِ، قِيمَتُهُمَا رُبْعٌ. فَدَعَا تَلاَمِيذَهُ وَقَالَ لَهُمُ:«الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ هذِهِ الأَرْمَلَةَ الْفَقِيرَةَ قَدْ أَلْقَتْ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ الَّذِينَ أَلْقَوْا فِي الْخِزَانَةِ، لأَنَّ الْجَمِيعَ مِنْ فَضْلَتِهِمْ أَلْقَوْا. وَأَمَّا هذِهِ فَمِنْ إِعْوَازِهَا أَلْقَتْ كُلَّ مَا عِنْدَهَا، كُلَّ مَعِيشَتِهَا».

عنوان موضوعنا اليوم هو: {{فَلْسَانِ الأرملة الفقيرة وتكريسها}}.

     يسوع المسيح دخل لساحة الهيكل الخارجية وطرد الذين يحصلون على المال من التجارة في المكان المقدس، ومنع أي شخص يجتاز بأي شيء للهيكل(مر11: 15) وَجَاءُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ. وَلَمَّا دَخَلَ يَسُوعُ الْهَيْكَلَ ابْتَدَأَ يُخْرِجُ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ فِي الْهَيْكَلِ، وَقَلَّبَ مَوَائِدَ الصَّيَارِفَةِ وَكَرَاسِيَّ بَاعَةِ الْحَمَامِ. وَلَمْ يَدَعْ أَحَدًا يَجْتَازُ الْهَيْكَلَ بِمَتَاعٍ.  

والسبب لأن هذه الساحة كانت مخصصة للأمم(لغير اليهود)، وكان قصد الله أن يكون الهكيل بيت الصلاة لجميع الأمم كما في(إش56: 7) آتِي بِهِمْ إِلَى جَبَلِ قُدْسِي، وَأُفَرِّحُهُمْ فِي بَيْتِ صَلاَتِي، وَتَكُونُ مُحْرَقَاتُهُمْ وَذَبَائِحُهُمْ مَقْبُولَةً عَلَى مَذْبَحِي، لأَنَّ بَيْتِي بَيْتَ الصَّلاَةِ يُدْعَى لِكُلِّ الشُّعُوبِ».    

ثم بعد ذلك دخل يسوع إلى ساحةَ النساء، والجدران الجانبية من هذه الساحة كان بها 13 صندوق تقريباً تخص الهيكل، وكان الجميعُ يلقون النقودَ في هذا الصناديق بحربة.

كان الرب يسوع يراقب الناس ماذا يفعلون. وألقى كثيرون من الأغنياء مالاً كثيراً في الخزانة، وألقت امرأة فقيرة فلسين فقط.

فدعا يسوع تلاميذه وقال لهم: إِنَّ هذِهِ الأَرْمَلَةَ الْفَقِيرَةَ قَدْ أَلْقَتْ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ الَّذِينَ أَلْقَوْا فِي الْخِزَانَةِ، لأَنَّ الْجَمِيعَ مِنْ فَضْلَتِهِمْ أَلْقَوْا. وَأَمَّا هذِهِ فَمِنْ إِعْوَازِهَا أَلْقَتْ كُلَّ مَا عِنْدَهَا، كُلَّ مَعِيشَتِهَا».

 إذاً ماذا نتعلم من هذه الكلمة اليوم؟

أرجو أن نفتح قلوبنا لكي نقبل هذه الكلمة ونطلب من الرب أن يعطينا النعمة والبركة لكي نطبق هذه الكلمة على حياتنا اليوم

أولاً: ظهر تكريس هذه المرأة في تناقض واضح مع الأغنياء الذين أعطوا من فضلتهم. أما هي  فقد أعطت كل ما عندها للرب.

الرب عالم أن الفلسين اللذين أعطتهما كانا معيشتَها ـ إذاً فهي أعطت أكثر من جميع الذين ألقوا.

(2صم24: 24)فَقَالَ الْمَلِكُ لأَرُونَةَ: «لاَ، بَلْ أَشْتَرِي مِنْكَ بِثَمَنٍ، وَلاَ أُصْعِدُ لِلرَّبِّ إِلهِي مُحْرَقَاتٍ مَجَّانِيَّةً». فَاشْتَرَى دَاوُدُ الْبَيْدَرَ وَالْبَقَرَ بِخَمْسِينَ شَاقِلاً مِنَ الْفِضَّةِ.  فيحتوي مذبح  داود للرب على تضحيته. فإذا كنت تحب الرب فلا بد لمذبحك أن يحتوي على تضحيتك.

في كوريا الجنوبية ليس لدينا عادة القبلة المقدسة، ولكن لدينا أرز مقدس، فعندما نعد الفطور في كل صباح يترك جزء من الأرز الغير مطبوخ، ويجمع هذا الأرز لمدة ستة أيام ويذهب به إلى الكنيسة في يوم الأحد وهذا الأرز يقدم للفقراء والكنيسة وهذا مشجع للخدمة والشركة في داخل الكنيسة.

ثانياً: الأرملة الفقيرة أقلت معيشتها كلها. لقد عبرت عطيتها عن اقتناعها بأن كل شيء هو ملك للرب، وأنه مستحق الكل، وينبغي أن يكون له الكل والعطية الحقيقية هي الكل وليس جزء.

الفلس هو lepton عند الرومان وهو أصغر عملة في فلسطين ذاك الوقت، والفلسان هما واحد من 64 من قيمة دينار واحد روماني وهما أجرة اليوم للعامل الواحد.

لقد دفعت الأرملة الفقيرة بحسب قيمة العملة مقداراً قليلاً جداً لكن الرب يقدر عطاءنا بحسب الدافع. وهذا تشجيع عظيم لمن عنده القليل ولكن عنده رغبة عظيمة في العطاء لله. إذن دوافعنا مهمة جداً عند العطاء.

 

عندما نقف أمام كرسي المسيح ـ نُحاسب على دوافعنا مع أعمالنا الصالحة. فقيمة العطية ليست بمقدارها بل بالروح التي قدمت بها. وهذه العطية جاءت من التضحية بها. عندما تقدم العطايا تبدأ بالعشر وعليك أن تضحي بنفسك فالعطية التي تقدم بتذمر أو للإفتخار تفقد قيمتها. فإن العطايا الصغيرة مرضية عند الله عندما نقدمها بدافع الاعتراف بفضل الله علينا.

فالله وحده هو الذي نتجه إليه وليس إلى الناس. يمكن أن البعض يفتخرون وقد يسمحون بسقوط الدينار الأثقل رنة.

 ربما هذه المرأة ينتقدها كثير من المسيحيين في هذه الأيام لأنها لم تهتم بتأمين احتياجات المستقبل. هل هي تفتقر إلى الحكمة والتدبير؟ لا أبداً.

أظهرت تكريسها تماماً لأن عندها الإيمان في الإله الذي يهتم بها. وحياة الإيمان هي نستخدم كل شيء في عمل الله الآن والثقة به من أجل المستقبل.

 

ما  نفكر به في موضوع "العشر" أو "العشور".

عادة نحن نعتقد أن واحد من عشرة هو للرب والباقي هو لي وليس لله.

ولكن "حاشا" فهو أيضاً للرب.

لدينا قصة صغيرة عن هذا الأمر وهي:

ولدت البقرة عجلين وكان الزوجان مسرورين بهذه الولادة وقد خصص الزوج واحد للرب وواحد لهما، وبعد ستة شهور مات أحد العجلين فقال الزوج: " لقد مات العجل  الذي للرب و بقي العجل الذي لنا لنا"

 هل هذه الفكرة صحيحة؟

من أين جاءت هذه الفكرة؟ من الأنانية.

كذلك أنا أسأل: هل جسدي ملكي؟ لا هذا الجسد لله، ويسكن فيه الروح القدس. فجسدي يجب أن يستخدم للرب وموهبتي ليست لي وأوقاتي أيضاً لابد أن تستخدم للرب بل وحياتي أيضاً لابد أن تستخدم للرب.

فالتكريس يجب أن يكون 100%

 لقد أستخدم يسوع هذه القصة عن الأرملة الفقيرة لكي يعلم تلاميذه درس وهو: أهمية وقيمة الشيء عندما نكرسه بالكامل للرب.....وهذا يذكرنا بموت المسيح بالتزامه الكامل لله وتكريسه كان مئة في المئة.

قال جون وسلي: "أنا لا أثق  بمن لا يتوب جيبه". ارتكز في قوله هذا على الدوافع الحقيقة في صرف المال خصوصاً بعد الإيمان إذ أنه يحاول دائماً أن يستثمر أمواله في الجانب الصحيح.

كذلك يمكنك أن تستثمر فلسين التقدمة في إنجاز عمل معين يساعد في تقدم بشارة الإنجيل إلى الجميع.

فيجب عليك أن تعطي للرب لأن المعطي المسرور يحبه الرب، ولأن الله هو محبة ويسكن في قلب المؤمن، فتنسكب محبة الله في القلب بالروح القدس... وكذلك يكون دافع الإنسان هو المحبة والاهتمام بالغير.

(1يو4: 7ـ8) أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، لِنُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضًا، لأَنَّ الْمَحَبَّةَ هِيَ مِنَ اللهِ، وَكُلُّ مَنْ يُحِبُّ فَقَدْ وُلِدَ مِنَ اللهِ وَيَعْرِفُ اللهَ. وَمَنْ لاَ يُحِبُّ لَمْ يَعْرِفِ اللهَ، لأَنَّ اللهَ مَحَبَّةٌ. والمقصود من المحبة ليست مجرد العواطف الطيبة والكلمات المشجعة فقط. لكن المحبة هي بالعمل والحق وبالاهتمام الحقيقي بالناس.

كان أحد الشباب يعمل في " كازية"(البنزينة)وفي أحد الأيام شاهد سيارة جميلة في مكان عمله فسأل صاحب السيارة: مِن أين اشتريت هذه السيارة؟ فأجابه أن أخاه الكبير أعطاها له كهدية. وقد أعجبته هذه الفكرة جداً حتى أنه فكر في أن يقدم لأخيه هدية مثلها لأن أخاه كان قد فقد إحدى ساقيه في حدث سيارة.

 هذه القصة تعلمنا أن رغبة ودافع العطاء هو الشيء المهم إن كنا فقراء أو أغنياء.

السؤال هو...متى تفرح أكثر......عندما تأخذ أم عندما تعطي؟

 فهل تريد حياة العطاء؟ هل لديك رغبة في العطاء؟

 افتح قلبك وحياتك وقل لله غيرني.. لكي يتغير العالم. آمين.



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6