الولاء حتى الموت


الولاء حتى الموت

الدكتور أبو دورام

 

قصة: كان هناك كوري يؤمن بولاءه للإله الحي فقدم بيته لله، وكان مرسل أمريكي يخدم في هذا البيت الذي تحول إلى كنيسة وسأل الشخص الكوري "ماذا تحب أن تطلب مني، أنا أود أن أساعدك؟". وهذا الشخص الكوري رفض أي مساعدة. ولكن المرسل الأمريكي كرر هذا الأمر. وبعد أيام كثيرة سأل المرسل الأمريكي للشخص الكوري حتى يحكي هذا الشخص احتياجه له . وأخيرا قال له: "هل يمكن أن تساعد ابني الصغير علشان يدرس في أمريكا!" فابنه الصغير ذهب إلى أمريكا وحصل على درجة الدكتورة في التربية وبعد رجوعه إلى كوريا أصبح رئيس جامعة يُنسيِ  yonsei، وأخيرا أصبح وزير التربية. هللويا أكيد ألله استجاب بحسب إيمانه وولاء والده لله الحي.

 

فالسؤال الشخصي لكل واحد اليوم. هل تشعر بعدم وَلاءِ الآخرين لك؟ هل تشعرِ أنه يوجد شخص لديه ولاء ومحبة صادقة وكبيرة لك؟ هل تشعر في يوم من الأيام أنك خُدِعَتْ من الناس؟

دعونا نقرأ اليوم من كلمة الرب الرائعة لحياتنا من سفر(را1: 6ـ18)ونرى ماذا يعلمنا الرب من خلال كلمته فنسمع ما يقوله الروح القدس لنا:

حَدَثَ فِي أَيَّامِ حُكْمِ الْقُضَاةِ أَنَّهُ صَارَ جُوعٌ فِي الأَرْضِ، فَذَهَبَ رَجُلٌ مِنْ بَيْتِ لَحْمِ يَهُوذَا لِيَتَغَرَّبَ فِي بِلاَدِ مُوآبَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ وَابْنَاهُ. وَاسْمُ الرَّجُلِ أَلِيمَالِكُ، وَاسْمُ امْرَأَتِهِ نُعْمِي، وَاسْمَا ابْنَيْهِ مَحْلُونُ وَكِلْيُونُ، أَفْرَاتِيُّونَ مِنْ بَيْتِ لَحْمِ يَهُوذَا. فَأَتَوْا إِلَى بِلاَدِ مُوآبَ وَكَانُوا هُنَاكَ. وَمَاتَ أَلِيمَالِكُ رَجُلُ نُعْمِي، وَبَقِيَتْ هِيَ وَابْنَاهَا. فَأَخَذَا لَهُمَا امْرَأَتَيْنِ مُوآبِيَّتَيْنِ، اسْمُ إِحْدَاهُمَا عُرْفَةُ وَاسْمُ الأُخْرَى رَاعُوثُ. وَأَقَامَا هُنَاكَ نَحْوَ عَشَرِ سِنِينٍ. ثُمَّ مَاتَا كِلاَهُمَا مَحْلُونُ وَكِلْيُونُ، فَتُرِكَتِ الْمَرْأَةُ مِنِ ابْنَيْهَا وَمِنْ رَجُلِهَا.فَقَامَتْ هِيَ وَكَنَّتَاهَا وَرَجَعَتْ مِنْ بِلاَدِ مُوآبَ، لأَنَّهَا سَمِعَتْ فِي بِلاَدِ مُوآبَ أَنَّ الرَّبَّ قَدِ افْتَقَدَ شَعْبَهُ لِيُعْطِيَهُمْ خُبْزًا. وَخَرَجَتْ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ وَكَنَّتَاهَا مَعَهَا، وَسِرْنَ فِي الطَّرِيقِ لِلرُّجُوعِ إِلَى أَرْضِ يَهُوذَا. فَقَالَتْ نُعْمِي لِكَنَّتَيْهَا: «اذْهَبَا ارْجِعَا كُلُّ وَاحِدَةٍ إِلَى بَيْتِ أُمِّهَا. وَلْيَصْنَعِ الرَّبُّ مَعَكُمَا إِحْسَانًا كَمَا صَنَعْتُمَا بِالْمَوْتَى وَبِي. وَلْيُعْطِكُمَا الرَّبُّ أَنْ تَجِدَا رَاحَةً كُلُّ وَاحِدَةٍ فِي بَيْتِ رَجُلِهَا». فَقَبَّلَتْهُمَا، وَرَفَعْنَ أَصْوَاتَهُنَّ وَبَكَيْنَ. فَقَالَتَا لَهَا: «إِنَّنَا نَرْجعُ مَعَكِ إِلَى شَعْبِكِ». فَقَالَتْ نُعْمِي: «ارْجِعَا يَا بِنْتَيَّ. لِمَاذَا تَذْهَبَانِ مَعِي؟ هَلْ فِي أَحْشَائِي بَنُونَ بَعْدُ حَتَّى يَكُونُوا لَكُمَا رِجَالاً؟ اِرْجِعَا يَا بِنْتَيَّ وَاذْهَبَا لأَنِّي قَدْ شِخْتُ عَنْ أَنْ أَكُونَ لِرَجُل. وَإِنْ قُلْتُ لِي رَجَاءٌ أَيْضًا بِأَنِّي أَصِيرُ هذِهِ اللَّيْلَةَ لِرَجُل وَأَلِدُ بَنِينَ أَيْضًا، هَلْ تَصْبِرَانِ لَهُمْ حَتَّى يَكْبُرُوا؟ هَلْ تَنْحَجِزَانِ مِنْ أَجْلِهِمْ عَنْ أَنْ تَكُونَا لِرَجُل؟ لاَ يَا بِنْتَيَّ. فَإِنِّي مَغْمُومَةٌ جِدًّا مِنْ أَجْلِكُمَا لأَنَّ يَدَ الرَّبِّ قَدْ خَرَجَتْ عَلَيَّ». ثُمَّ رَفَعْنَ أَصْوَاتَهُنَّ وَبَكَيْنَ أَيْضًا. فَقَبَّلَتْ عُرْفَةُ حَمَاتَهَا، وَأَمَّا رَاعُوثُ فَلَصِقَتْ بِهَا. فَقَالَتْ: «هُوَذَا قَدْ رَجَعَتْ سِلْفَتُكِ إِلَى شَعْبِهَا وَآلِهَتِهَا. اِرْجِعِي أَنْتِ وَرَاءَ سِلْفَتِكِ». فَقَالَتْ رَاعُوثُ: «لاَ تُلِحِّي عَلَيَّ أَنْ أَتْرُكَكِ وَأَرْجعَ عَنْكِ، لأَنَّهُ حَيْثُمَا ذَهَبْتِ أَذْهَبُ وَحَيْثُمَا بِتِّ أَبِيتُ. شَعْبُكِ شَعْبِي وَإِلهُكِ إِلهِي. حَيْثُمَا مُتِّ أَمُوتُ وَهُنَاكَ أَنْدَفِنُ. هكَذَا يَفْعَلُ الرَّبُّ بِي وَهكَذَا يَزِيدُ. إِنَّمَا الْمَوْتُ يَفْصِلُ بَيْنِي وَبَيْنَكِ». فَلَمَّا رَأَتْ أَنَّهَا مُشَدِّدَةٌ عَلَى الذَّهَابِ مَعَهَا، كَفَّتْ عَنِ الْكَلاَمِ إِلَيْهَا.

عنوان  موضوعنا لهذا المقطع الكتابي هو "الولاء حتى الموت".

خلفية النص: حدث جوع شديد في بيت لحم، وكان هناك عائلة مكونة من أرْبَع أفراد هم: أَلِيمَالِكُ، وَامْرَأَتِهِ نُعْمِي زوج نُعميَ وأولادهما مَحْلُونُ وَكِلْيُونُ، هذه العائلة خرجت من بيت لحم ومعناها(بيت الخبز أو بيت الشبع) وذهبوا الى أرض  موآب وهي كلمة معناها " بلا آب". وفي آلغُرْبةَ مات زوجها وأولادها وبَقَيت نعَمي وراعوث وعُرْفَة.

نعْمي عندما تَركتْ بيت لحم بهذه الطريقة فهي لم تظهر ولاءها لله حتى النهاية. ولكن الله يظهر ولاءه حتى النهاية فهذه العائلة تركت بلادها. والقرار كان غير سليم. فهل نحن نفعل ما فعلته هذه العائلة في قراراتنا غير سليمة؟ نسمع ما يقوله الكتاب المقدس في(أم12:14) تُوجَدُ طَرِيقٌ تَظْهَرُ لِلإِنْسَانِ مُسْتَقِيمَةً، وَعَاقِبَتُهَا طُرُقُ الْمَوْتِ.

ونجد في سفر راعوث ثلاثة أنواع من الولاء وهي:

1)             الولاء من الله نراه في(را1: 6، 8)

2)             والولاء من راعوث نراه في(را1: 17ــ18، 3: 10)

3)             والولاء من بوعز نراه في(را 2: 2)

أولا: الولاء من الله، عندما قررت راعوث أن تبقى في مكانها الصحيح الذي بحسب مشيئة الله، فهي حصلت على إحسان من الله. ونحن عندما نرجع إلى مكاننا الصحيح وإلى خدمتنا التي بحسب مشيئة الله، هذا يعني أننا مازلنا نحب الله لأننا نعلن ولاءنا له وهو يعلن ولاءه لنا.

ثانيا،الولاء لله وللآخرين كما أظهر ولاءه لنا، نحن لابد أن نظهر ولاءنا للآخرين بحسب ما تقوله كلمة الله في إنجيل(مت7: 12) فَكُلُّ مَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النَّاسُ بِكُمُ افْعَلُوا هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا بِهِمْ، لأَنَّ هذَا هُوَ النَّامُوسُ وَالأَنْبِيَاءُ.

ماذا قالت نُعمي لراعوث"أنتِ صنعتِ معي إحساناً، وبالتالي يصنع الرب معكِ إحساناً".

ثالثا، معنى الولاء، لا تدين نفسك لأن الله يغفر لنا عندما نرجع ونعترف بخطايانا. نعمي كانت تحتاج إلى شفاء النفس حتى تقدرأن تختبر الشفاء الروحي من الرب. إذن ماذا قالت نعمي: «لاَ تَدْعُونِي نُعْمِيَ بَلِ ادْعُونِي مُرَّةَ، لأَنَّ الْقَدِيرَ قَدْ أَمَرَّنِي جِدًّا. وهذا ليس بصحيح لأن الله لم يعطيها مرارة. ولكن هي ذهبت إلى المكان غير الصحيح الذي بمشيئة الرب. ماذا يقول الوعد الالهي(1 يو 9:1) إِنِ اعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ. الله يغفر خطايانا.

رابعا، بسبب ولاء الله، الله يبارك أولادنا. مثلما  بارك الله نعمي وراعوث وبوعز. وعندما وَلَدَ بوعز من راعوث عُوبِيدَ وهو أبو يسى أبو داود ، الذي منه جاء الرب يسوع المسيح بالجسد.

  يا أحبائي ماذا يقول الكتاب المقدس لنا؟ " كن أمينا الى الموت." وأنا أعطيك إكليل الحياة. وعندما يبقى الولاء لله حتى الموت، الله يكافئنا بالبركات السماوية ويمتعنا أيضا بالبركات الكثيرة.

في الختام،

عيش بالأمانة إلى النهاية. قصة حقيقة تقول: عندما أراد نيرون  Nero أن يقتل شخصاً مسيحياً، قال له هذه الكلمات" انكر سيدك الآن" وأنا على استعداد أن أطلقك في الحال، فقال له: سبعين سنة، كنت أرى أمانة الرب يسوع نحوي واليوم أنا أنكره؟ ففضل أن يموت ولا ينكر سيده يسوع المسيح.

وأيضاً قصة أخرى تقول: كان سنداسينغ هندي وصديقه معه يمشيان في الثلج بين جبل هماليا الذي يوجد بين شمال الهند والتبيت. وجدوا شخصا آخر يكاد  يموت.ولكن صديقه لم يهتم بالشخص الذي على وشك الموت ولكن سنداسينغ حمله على ظهره واستمر في المشي به وبعد وقت قصير وجد سنداسينغ أن صديقه توفي بسبب البرد والثلج وقال هذه العبارة ((عندما تنقذ الآخرين أنت تنقذ نفسك))  وهو عنده الولاء لله وللآخرين حتى الموت.

 



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6