المواهب الرائعة لا تخلق مؤمنين رائعين


المواهب الرائعة لا تخلق مؤمنين رائعين

الدكتور أبو دورام

 

في إحدى المؤتمرات الروحية رأيت عمل الله غير العادي وخاصة كانت كل الطوائف الإنجيلية شاركت لأول مرة في هذا المؤتمر، والناس قالوا أن القسيس كان عمله رائع، ولكن لم يذكروا أن عمل وقوة الله كان رائع في هذا القسيس.

دعونا نقرأ اليوم من كلمة الله الحية والفعاّلة من رسالة(1كو12: 27ــ31)ونسمع ما يقوله الروح القدس لنا:

وَأَمَّا أَنْتُمْ فَجَسَدُ الْمَسِيحِ، وَأَعْضَاؤُهُ أَفْرَادًا. فَوَضَعَ اللهُ أُنَاسًا فِي الْكَنِيسَةِ: أَوَّلاً رُسُلاً، ثَانِيًا أَنْبِيَاءَ، ثَالِثًا مُعَلِّمِينَ، ثُمَّ قُوَّاتٍ، وَبَعْدَ ذلِكَ مَوَاهِبَ شِفَاءٍ، أَعْوَانًا، تَدَابِيرَ، وَأَنْوَاعَ أَلْسِنَةٍ. أَلَعَلَّ الْجَمِيعَ رُسُلٌ؟ أَلَعَلَّ الْجَمِيعَ أَنْبِيَاءُ؟ أَلَعَلَّ الْجَمِيعَ مُعَلِّمُونَ؟ أَلَعَلَّ الْجَمِيعَ أَصْحَابُ قُوَّاتٍ؟ أَلَعَلَّ لِلْجَمِيعِ مَوَاهِبَ شِفَاءٍ؟ أَلَعَلَّ الْجَمِيعَ يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ؟ أَلَعَلَّ الْجَمِيعَ يُتَرْجِمُونَ؟ وَلكِنْ جِدُّوا لِلْمَوَاهِبِ الْحُسْنَى. وَأَيْضًا أُرِيكُمْ طَرِيقًا أَفْضَلَ.

 

يا أحبائي، السؤال الأهم مَنْ هو رأس الكنيسة؟ هل راعي الكنيسة يستحق التصفيق من الناس؟ لمن تعطي المجد؟ لراعي الكنيسة أو للرب يسوع؟ هناك كثيرون من الأخوة يخدمون يسوع. ويقولون لولا الخادم الفلاني عندنا في الخدمة ما كنا وصلنا إلى هذه النتيجة.

هل الرب يحتاج إليك أم أنت بحاجة للرب!(لو11: 3) خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا كُلَّ يَوْمٍ. لابد من كل شخص مؤمن حقيقي يجب عليه أن يؤدي عمله بدون أي شعور من الكبرياء أو الإستقلالية أو بطريقة أنانية.

لنا شرف كبير لأني أخدم وأمثل أنا المسيح على الأرض. فالناس عندما تراني تمجد أبي الذي في السماء.  وكل مؤمن له أهمية في بناء جسد الرب. وأهميتي لا تكون سبب كبرياء لي.

وبعض الناس لديه موهبة الشفاء ولم يخطر في بالهم أن الله هو الذي يعمل بناء على إيمانهم.

 

السؤال هنا أمامنا . إذا كانت نتيجة الخدمة غير ناجحة فماذا تقول؟ مثلا يمكن أن تقول " أنت سبب الفشل واللعنة" أو تقول له " أنت سبب بركة". هل أنت تمهد وتسهل لطريق الرب؟ أم تضع الصعاب في طريق الرب؟ إذن من هو رأس الكنيسة؟

 

كما تعرفون، نحن أولاد الله ونحن قديسين، هل أنت منفصل عن العالم؟ نحن في العالم وليس من العالم. هل حياتك حياة مقدسة ونقية وطاهرة بعد الخلاص من الخطية؟ هل تتأكد من الخلاص ويسوع المسيح بذل نفسه لأجلنا. تبررنا بدمه على الصليب. تبررنا بالإيمان بدون أعمال الناموس. ولكن لماذا تريد أن ترجع إلى الناموس أي إلى قبل إيمانك بالمسيح! هل أنت بار أو تحسب أنك بار. إذا كنت تظن أنك تعمل عملا صالحا فأحذر من أن يدخل قلبك الكبرياء والحقد والمنافسة. احترس من خطية الكبرياء.

 

لا يوجد إنسان على الأرض يستطيع أن يخلص نفسه بصلاحه فإن كنا نريد أن نحيا الى الأبد مع المسيح، فعلينا أن نعتمد اعتمادا كليا على نعمة الله الغنية التي تخلصنا. يسوع المسيح أحيانا بموته على الصليب. وبدون يسوع المسيح لا طريق للخلاص من الخطية. وخطية الإنسان جعلت علاقته مع الله منفصلة من وقت سقوط آدم وحواء. لا تنسى أن آدم وحواء خسرا القداسة والطهارة والنقاوة والبراءة في عدم اطاعة الله. ولا يمكن أن ترجع إلى الحالة الأصلية بدون يسوع المسيح، وهي شركة حقيقية مع الله بدون كبرياء.

 

أولا، المسيح هو رأس الكنيسة والكنيسة هي جسد المسيح دعونا من خلال هذه الشواهد الكتابية نعرف أن المسيح هو رأس الكنيسة

1)     (كو18:1) وَهُوَ رَأْسُ الْجَسَدِ: الْكَنِيسَةِ. الَّذِي هُوَ الْبَدَاءَةُ، بِكْرٌ مِنَ الأَمْوَاتِ، لِكَيْ يَكُونَ هُوَ مُتَقَدِّمًا فِي كُلِّ شَيْءٍ.

2)     (أف1: 22) وَأَخْضَعَ كُلَّ شَيْءٍ تَحْتَ قَدَمَيْهِ، وَإِيَّاهُ جَعَلَ رَأْسًا فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ لِلْكَنِيسَةِ،  

3)     (أف1: 23) الَّتِي هِيَ جَسَدُهُ، مِلْءُ الَّذِي يَمْلأُ الْكُلَّ فِي الْكُلِّ.

فالسؤال، مَن هو جسد يسوع المسيح؟ هم جماعة المؤمنين المخلصين الذين وضعوا ثقتهم في شخص يسوع المسيح وغفرت خطاياهم وصاروا أعضاء جسده(1كو12: 27)وَأَمَّا أَنْتُمْ فَجَسَدُ الْمَسِيحِ، وَأَعْضَاؤُهُ أَفْرَادًا. فما هي علاقة المواهب الروحية وجسد المسيح؟ الجواب هو أن المواهب الروحية تعطي لأعضاء الجسد لكي يعمل الجسد بصورة سليمة.

ثانياً، أعطى الله المواهب المختلفة لكل المؤمنين بهدف خدمته.

وهذه االمواهب تبني الكنيسة كيف؟ أنا قوي في التعليم مثلا، وربما الأخ فلان ضعيف في الوعظ، هل يمكن أن تتهم الضعيف في موهبة ما، أنه يعطل الخدمة. لابد أن نقدر الآخرين ونعطي قيمة لكل واحد في مكانه. فلا تحكم على الآخرين ولا تدينهم. واحذر من الأنانية وفي عدم الأنانية محبة الآخرين. وهذا يبني الكنيسة.

في العالم دائما يعتبر المتفوقين محبوبين للناس. هل نحن نقيس المؤمنين بنفس المقياس الذي يقيس به في العالم؟ كل واحد في العالم يحب النجاح. أما المؤمن فلا يسعى للنجاح لأجل نفسه بل يسعى للنضج الروحي لبناء ملكوت الله.

وقد يكون شخص فعاّل ومؤثر أكثر من شخص آخر رغم أن لديهما نفس الموهبة. ويمكن أن تقول أن كل مؤمن يمتلك موهبة روحية واحدة على أقل تقديرـ(1كو12: 7ــ13).

مهما كانت موهبة كل واحد نوعيتها، ومهما كانت خدمة كل واحد كبيرة أم صغيرة فكل مؤمن له أهميته في جسد المسيح. وهناك قصد إلهي في حياة كل مؤمن ويجب أن تكون متوافقة مع ذلك القصد وتتكل عليه فقط على رأس الكنيسة شخص الرب يسوع المسيح. وكذلك يجب علينا أن نشجع المؤمنين الجدد لكي يكتشفوا مواهبهم الروحية للخدمة ولا تنسى أن المواهب الرائعة لا تخلق مؤمنين رائعين.  لذلك ينبغي على المؤمن أن يخضع لروح الله لكي تكون موهبته عاملة وفعالة.وبمعنى آخر يعتمد الأعضاء على الرأس أي المسيح في الخدمة وعلى بعضهم البعض في التعاون.

   ثالثا: لا تلجأ لقياس موهبتك اعتمادا على الثمار التي تراها الآن.

شارك موهبتك لتجعلها فعالة باستمرار. فيجب أن يكون لدينا صبر وانتظار للرب كالفلاح الذي يصبر طويلا وهو ينتظر وقت الحصاد(يع 7:5-8). فالثمر الكامل يأتي عن طريق التطوير التدريجي لموهبتك وعليك أن تسعى لاكتشاف مواهبك ومن ثم عليك أن تسعى بجد لاستعمالها في الخدمة. ويستحسن أن يكون ذلك في كنيستك المحلية التي تخدم فيها.

أخيرا: الله أعطانا وزنات لكي نستثمرها في عمل الله.

لقد ذكر الرسول بولس بوضوح أنه لا توجد موهبة أفضل من الأخرى ، لكنه يحث المؤمنين على اكتشاف كيفية خدمة المسيح بطريقة أفضل بالمواهب التي منحت لهم. فمواهبك الروحية ليست لتقدمك الشخصي، لكنها منحت لك لتخدم بها الله ولتعزيز النمو الروحي لجسد المسيح. فيمكن أن نقول هكذا  " حينما لا يقوم المؤمن باستعمال موهبته لمجد الله قد يتعرض الجسد للألم".

(1كو12: 26) فَإِنْ كَانَ عُضْوٌ وَاحِدٌ يَتَأَلَّمُ، فَجَمِيعُ الأَعْضَاءِ تَتَأَلَّمُ مَعَهُ. وَإِنْ كَانَ عُضْوٌ وَاحِدٌ يُكَرَّمُ، فَجَمِيعُ الأَعْضَاءِ تَفْرَحُ مَعَهُ.

   وقد ترى كنيسة مشلولة أو عرجاء في وقتنا الحاضر فقد يكون السبب هو أنك لا تستعمل موهبتك(1 كو 26:12). فيجب أن تبارك الآخرين من استعمالك لموهبتك. فلا تخشى الفشل في الخدمة لأن الفشل ليس عيبا. كما تعرفون، الله أعطانا وزنات لكي نستثمرها في عمل الله. فعليك أن تبحث عن موهبتك الفعلية.

أيها الأحباء، هناك موهبة خاصا بالكرازة لكن ينبغي على جميع المؤمنين أن يكونوا شهادة حسنة للآخرين. إذا لم تستخدمها ستحاسب عليها مثلما قال بولس" فويل لي ان كنت لا أبشر". الشيء نفسه ينطبق على العطاء والتعليم وأعمال الرحمة والإيمان. ويعطي الله المواهب الخاصة للمؤمنين لكي يشجعوا غيرهم من المسيحين في خدمتهم للرب. والهدف من المواهب هو توصيل المسيح إلى غير المؤمنين وبناء المؤمنين في المسيح.

 

أنواع المواهب كثيرة ولكن الروح واحد، الرب واحد, الله واحد. فوصية المسيح هي أن تحبوا بعضكم بعضا كما أحبكم الرب(يو12:15).وهذه الوصية تدعو لتوحيد التنوعات. كان الكورنثيون يفضلون موهبة الألسنة عن المواهب الأخرى وقال لهم بولس "جدوا للمواهب الحسنى" إذن ما هي المواهب الحسنى هي أول ثلاث ذكرها بولس وهي: الرسل، الأنبياء والمعلمون وهؤلاء يخدمون الكنيسة كلها. وتساعد على بناء الكنيسة.

فبولس يذكر الرسل أولا والألسنة آخرا، فيما كان الكورنثيون يضعوا الألسنة أولا ويستخفون بالرسول. وحينذاك أهم حاجة عند الكورنثيين هي " أن يحبوا الآخرين". وهذا مكتوب في(العدد13) " أما الآن فيثبت الإيمان والرجاء والمحبة.هذه الثلاثة ولكن أعظمهن المحبة. فالمحبة تفتكر بالغير وليس بالذات. فالأكثر روعة أن ترى أي شخص يستعمل موهبته لبناء الآخرين في الإيمان بدلا من جذب الانتباه إلى نفسه. ويسعى الروح القدس أن ينتج ثماره(غل 22:5-23). ومنها أهم شيء هي المحبة. المحبة أهم من المواهب لكل المؤمنين فشجع بولس الكورنثيين وهو يشجعنااليوم " اتبعوا المحبة"(1:14).



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6