الكنيسة الجيدة والكنيسة غير الجيدة


الكنيسة الجيدة والكنيسة غير الجيدة

الدكتور أبو دورام

 

عندما نتكلم عن كلمة "الكنيسة" لابد أن نفرق بين الكنيسة العامة(جسد المسيح) الكنيسة الجامعة الرسولية، وعندما نتكلم عن الكنيسة المحلية نقصد بها الكنيسة الموجودة في أي منطقة من حولنا لأنها هي عبارة عن مجموعة من المؤمنين المخلصين بيسوع المسيح يجتمعوا معاً في الشركة الأخوية مع بعضهم البعض.

 

واليوم يا أحبائي لابد أن ننظر للكنيسة بطريقة مختلفة لأن الكثير يهتم بالحجم والفرق بمعنى الكنيسة الكبيرة والكنيسة الصغيرة.

لذلك دعونا اليوم نقرأ المقطع الرائع من كلمة الرب التي تعلمنا وتفتح عيوننا على الحق الكامل من سفر(أع4: 31ــ37)

وَلَمَّا صَلَّوْا تَزَعْزَعَ الْمَكَانُ الَّذِي كَانُوا مُجْتَمِعِينَ فِيهِ، وَامْتَلأَ الْجَمِيعُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَكَانُوا يَتَكَلَّمُونَ بِكَلاَمِ اللهِ بِمُجَاهَرَةٍ. وَكَانَ لِجُمْهُورِ الَّذِينَ آمَنُوا قَلْبٌ وَاحِدٌ وَنَفْسٌ وَاحِدَةٌ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَقُولُ إِنَّ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِ لَهُ، بَلْ كَانَ عِنْدَهُمْ كُلُّ شَيْءٍ مُشْتَرَكًا. وَبِقُوَّةٍ عَظِيمَةٍ كَانَ الرُّسُلُ يُؤَدُّونَ الشَّهَادَةَ بِقِيَامَةِ الرَّبِّ يَسُوعَ، وَنِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ كَانَتْ عَلَى جَمِيعِهِمْ، إِذْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَحَدٌ مُحْتَاجًا، لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ كَانُوا أَصْحَابَ حُقُول أَوْ بُيُوتٍ كَانُوا يَبِيعُونَهَا، وَيَأْتُونَ بِأَثْمَانِ الْمَبِيعَاتِ وَيَضَعُونَهَا عِنْدَ أَرْجُلِ الرُّسُلِ، فَكَانَ يُوزَّعُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ كَمَا يَكُونُ لَهُ احْتِيَاجٌ. وَيُوسُفُ الَّذِي دُعِيَ مِنَ الرُّسُلِ بَرْنَابَا، الَّذِي يُتَرْجَمُ ابْنَ الْوَعْظِ، وَهُوَ لاَوِيٌّ قُبْرُسِيُّ الْجِنْسِ، إِذْ كَانَ لَهُ حَقْلٌ بَاعَهُ، وَأَتَى بِالدَّرَاهِمِ وَوَضَعَهَا عِنْدَ أَرْجُلِ الرُّسُلِ.

 

هل الرب يهمه الكنيسة الضخمة أو الكبيرة أو المباني الفخمة الرائعة هل تتذكروا الهيكل كم كان جميل ورائع ولكن كان خالي من حضور الرب ويسوع المسيح ربنا وهو على الأرض ماذا قال لما التلاميذ افتخروا بحجارة الهيكل لا يترك فيه حجر على حجر إلا وينقض. يا أحبائي عندما ننظر لكنيسة الرب بعبونه سنعرف الأمر الهام جداً أن الكنيسة المكرمة عند الرب ليست بالأعداد الكثيرة ، وهي التي تعكس صورة مجده على الأرض.

 

هناك كثيرون من الكنائس كبيرة وفيها الكثيرون من الأعضاء، ولكن ليس لهم قلب المسيح. وهناك كنائس صغيرة ولكنها تعبد الله. وبالتالي تكون مرضية عند الله.

 

أحبائي، مَنْ هي الكنيسة المكرمة عند الله ؟ هل الله يكرم العدد أم يكرم جوهر العبادة؟ " الطاعة أفضل من الذبيحة"

 

في العهد القديم كانوا يقدمون أنواعا مختلفة من الذبائح، والمبدأ كان جيداً ومقبولاً من قبل الله، لكن بعد مرور الزمان أصبحت عادة روتينية، لذلك رفضها الله ويقول الرب يسوع في(يو4: 24) اَللهُ رُوحٌ. وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ فَبِالرُّوحِ وَالْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدُوا». وهكذا رأي يوحنا اللاهوتي أن صلاة القديسين مصاحبة بالتسبيح وصاعدة إلى الله كالبخور(رؤيا 4:8) فَصَعِدَ دُخَانُ الْبَخُورِ مَعَ صَلَوَاتِ الْقِدِّيسِينَ مِنْ يَدِ الْمَلاَكِ أَمَامَ اللهِ.

فالإيمان ليس مجرد المعرفة، بل اختبارنا في الحياة. إن أردت أن يثمر إيمانك، عليك أن تختبر قوة الله الحي. فقال الرب لبولس(2كو12: 9) فَقَالَ لِي:«تَكْفِيكَ نِعْمَتِي، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضَّعْفِ تُكْمَلُ». فَبِكُلِّ سُرُورٍ أَفْتَخِرُ بِالْحَرِيِّ فِي ضَعَفَاتِي، لِكَيْ تَحِلَّ عَلَيَّ قُوَّةُ الْمَسِيحِ.

إن الكنيسة المكرمة عند الله نجدها اليوم كما وردت في سفر الأعمال(4: 31ـ37) برغم مرور الزمان وتغيير الثقافة، لكن المبدأ لا يتغير في كل زمان ومكان. ما هي هذه المباديء؟

المبدأ الأول بحسب(أع4: 31ـ37) أنها الكنيسة المكرمة عند الله هي التي أولوية العبادة لله الآب، وأعضائها مملؤون بالروح القدس إذا سيطر الروح القدس على حياتنا، فثمار الروح القدس يكون واضحاً في حياتنا اليومية ويترجم في المحبة بعضنا للبعض التي هي مصدرها من الله لأن الله محبة. وبقوة الروح القدس العامل في الكنيسة تجعلها تمجد الله الذي أكرمها. أستفانوس رأى مجد الله وبموته كان يمجد الله وهو ممتليء من الروح القدس. وهذه هي الكنيسة المكرمة عند الله أحيانا منظورة وأحيانا غير منظورة.

المبدأ الثاني: الكنيسة المكرمة عند الله هي التي تلتزم بالكرازة أي مشاركة محبة المسيح مع الآخرين(أع 23:4) لأن الروح القدس ملأ حياة أعضاءها. كانوا قادرين على الكرازة لمجتمعهم بكل شجاعة وبدون خوف. وكان قادتهم قدوة في حياة التضحية حتى الموت(رؤيا 11:12)، هؤلاء لم يستحي بهم الله أن يدعى إلههم، لأنه أعد لهم مدينة(عب16:11). إذا كنا نفكر في رسل المسيح استشهد أغلبهم وهكذا آباء الكنيسة الأولون في سبيل محبتهم للمسيح.

وعندما يجد الله إناسا مستعدين للتخلي عن ممتلكاتهم له، يعطي لشهادتهم جاذبية وقوة تلفت النظر إليهم لمجد المسيح.

المبدأ الثالث: إن الكنيسة المكرمة عند الله تتصف بالوحدة كما نجدها(أع4: 32)، ولهم جميعا قلب واحد وفكر واحد وهدف واحد. وهو يمجد الله الذي أكرمهم. إن الله أكرمنا بالحياة الأبدية، أما أنت(يا ترى) فبماذا تكرم الله؟ عليك أن تكرمه في حياتك بمحبتك له. أي أن تعكس هذه المحبة للآخرين لسد حاجاتهم.

 

 تحكي قصة: في أثناء المباريات الأولمبية في سدني أشترك فيها وفد من الرياضيين من كوريا الجنوبية والشمالية جنباً إلى جنب كفريق واحد وهذا أول مرة تجري في تاريخ كوريا بعد الحرب الأهلية بينهما في سنة 1950. وفي تلك الحرب هجم الشيوعيون في كوريا الشمالية على أهل كوريا الجنوبية وقتلوا كثيراً من المسيحيين وكذلك قتل أبنيِّ القس(سون يانغ أون)بيد شيوعي من كوريا الشمالية وهذا القس سامح القاتل وتبناه كابنه وترجمت هذه الشهادة باللغة العربية بعنوان {عجائب كوريا} وأنا شخصياً تعلمت من حياته الشاهدة لمحبة المسيح. كما نعرف، أن خطايانا سبب نزول المسيح وصلبه ليرفع خطايانا ويمنحنا بره. والمحبة هي أم الفضائل ورباط الكمال والمحبة ليست العواطف والمشاعر. وامتحان المحبة يكون عندما تقبل شخصاً غير محبوب وعلاقتك به ضعيفة.

 

الرجل دائما يتوقع من زوجته الدعم والتشجيع. أما المرأة فهي دائما تريد أن تسمع الكلام اللطيف وهو "أنا بحبك وأنت جميلة، وأنت رائعة". وكذلك مرات نسمع شخصا يقول " أنا حضرت إلى هذه الكنيسة ولم أجد فيها المحبة ولكن هل هذه الكنيسة ليست فيها المحبة؟ لا، ولكن هذا الشخص لم يجد ولا واحد في هذه الكنيسة أهتم به. من السهل أن تحتضن شخص يحبك، ولكن من الصعب أن تحتضن شخص يبغضك لذلك يقول الرب(مت5: 43ـ44)«سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ وَتُبْغِضُ عَدُوَّكَ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ، لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.

 

المبدأ الرابع: إن الكنيسة المكرمة عند الله هي التي أعضاءها يحبوا بعضهم البعض ونجده في(أع4: 32ـ37) وَكَانَ لِجُمْهُورِ الَّذِينَ آمَنُوا قَلْبٌ وَاحِدٌ وَنَفْسٌ وَاحِدَةٌ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَقُولُ إِنَّ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِ لَهُ، بَلْ كَانَ عِنْدَهُمْ كُلُّ شَيْءٍ مُشْتَرَكًا. أنا متأكد أن الخلافات في الكنيسة الأولى بينهم كان تختفي وتنتهي بسرعة من بينهم، بسبب وجود روح الغفران وعندما تشتعل القلوب بحب المسيح، تشتعل أيضا المحبة نحو بعضنا البعض، وهذا الحب يظهر نفسه في العطاء.

والنتيجة من ذلك أن كان كل شيء مشتركاً بينهم. وكذلك عرفوا معنى المأمورية العظمى التي كانت جوهر رسالة المسيح، ومحبتنا تفيض خارج جدران الكنيسة وهذه هي الكرازة. يدعونا الله في هذه الأيام أن نقدم حياتنا ونفوسنا على مذبح التكريس.

 

((قصة)) عن زوجة تدعى سوزان وكان عمرها 43 سنة، وكانت تعمل في الشركة وفي يوم من الأيام كان عندها إلتهاب في عينيها وذهبت إلى المستشفى لكن فحص الطبيب كان خطأ لحالتها، الأمر الذي أدى إلى إصابتها بالعمى(فقدت بصرها)، وهذا سبب حزنا كبيرا لها. وبعد خروجها من المستشفى أرادت أن تعمل في شركتها السابقة ثانية. ووافقت شركتها على رجوعها إلى العمل. وكانت تذهب إلى العمل برفقة زوجها الجندي بالباص، وبعد ستة شهور من بدء عملها  قال زوجها لها، هل من الممكن الذهاب إلى العمل لوحدك؟ ولكن زوجته سوزان غضبت كثيراً عند سماعها ذلك. لأنها فكرت أن زوجها تعب من مرافقتها ولم يعد يهتم بها. قالت له " أنا ممكن أذهب لوحدي".

 

وفي اليوم التالي قررت سوزان الذهاب وحدها بالباص. ومضت عدة شهور ويوم من الأيام سائق الباص يقول لها: " أنت محظوظة لأن رجلاً جندياً وسيما ينتظرك ويهتم بك كل يوم. عرفت سوزان أن هذا الجندي هو زوجها. وبكت وشكرته على حبه الكبير.

هكذا الله يحبنا دائما ويحمينا ولكن مشكلتنا بأننا لا ندرك محبته يقول يوحنا الحبيب رسول المحبة(1يو4: 19، 8، 21، 11). نَحْنُ نُحِبُّهُ لأَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا أَوَّلاً. وَمَنْ لاَ يُحِبُّ لَمْ يَعْرِفِ اللهَ، لأَنَّ اللهَ مَحَبَّةٌ. مَنْ يُحِبُّ اللهَ يُحِبُّ أَخَاهُ أَيْضًا. أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، لِنُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضًا، لأَنَّ الْمَحَبَّةَ هِيَ مِنَ اللهِ، وَكُلُّ مَنْ يُحِبُّ فَقَدْ وُلِدَ مِنَ اللهِ وَيَعْرِفُ اللهَ. 

كم مرة بكينا من أجل النفوس الضالة؟ كما صلينا لأجلهم؟ الكنيسة التي تمتاز بالمحبة للنفوس البعيدة هي الكنيسة التي تُرسل مرسلين لها خارج البلاد لأن الرب يدعونا أن نصلي لأجل الآخرين لأن الصلاة هي طريقة الله التي بها يريد أن يباركنا.

هل أنت تعلم أنك مكرم من عند الله؟ هل تشارك الآخرين عن هذا الإكرام ومحبته؟ كما أن الكنيسة الاولى عاشت بالنعمة والإيمان المعطى لها من الله.

لنتذكر الكنيسة التى المكرمة عند الله هي:

1(      الكنيسة أغضاءها مملؤون بالروح القدس

2(     الكنيسة الملتزمة بالكرازة

3(     الكنيسة التي تتصف بالوحدة

4(     الكنيسة التي شعبها يحب بعضهم البعض  



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6