مختبيء في الخزانة


 مختبيء  في الخزانة

 

الدكتور أبو دورام

 

 

كان مرسل كوري يخدم في إحدى دول آسيا وهناك فيه شخص أمن بشخص الرب يسوع مخلص شخصي لحياته وقام هذا المرسل بمعمودية الشخص المؤمن الحقيقي الذي آمن بيسوع المسيح وطبعاً سلطة الدولة عرفت بموضوع المعمودية وهذا أمر مرفوض في هذه الدولة لأن المعمودية هي اتحاد مع شخص المسيح في موته وقيامته في جدة الحياة، وأيضاً هي انتماء إلى يسوع المسيح. فقامت بقتل الشخص الذي تعمد على يد المرسل الكوري، وبهذا الأمر كان عبارة إعلان خارجي وخطير للحياة المسيحية وخاصة إذا كان الشخص يعيش في الظروف غير المسيحية.

 

دعونا نقرأ من كلمة الله الرائعة الحية في هذا اليوم هي من(يو12: 42ـ43) وَلكِنْ مَعَ ذلِكَ آمَنَ بِهِ كَثِيرُونَ مِنَ الرُّؤَسَاءِ أَيْضًا، غَيْرَ أَنَّهُمْ لِسَبَبِ الْفَرِّيسِيِّينَ لَمْ يَعْتَرِفُوا بِهِ، لِئَلاَّ يَصِيرُوا خَارِجَ الْمَجْمَعِ، لأَنَّهُمْ أَحَبُّوا مَجْدَ النَّاسِ أَكْثَرَ مِنْ مَجْدِ اللهِ.

 

عنوان موضوعنا لهذا اليوم هو{{ مختبىء في الخزانة }}

يوحنا يذكر في هذه الكلمات أن الرؤساء هم مؤمنون. بمعنى آخر لهم علاقة شخصية مع شخص يسوع المسيح، وهذا يُعني أن هؤلاء الرؤساء هم مؤمنون مولودون ثانية ولكنهم رفضوا الاعتراف بالعلاقة الشخصية مع يسوع  أمام الناس بسبب خوفهم من أن يطردوا من الهيكل.وهو مصدر رزقهم كي لا  تضيع منهم مكانتهم المتميزة في المجتمع.

 

بعض الأخوة يمكن أن يؤمنوا بالمسيح بشكل جيد حتى وإن لم يملكوا شهادة أكاديمية عالية أو مكانة اجتماعية عالية أو يمتلكوا الأموال الكثيرة لأن هذه الأشياء تمنع عن إيمانهم بالمسيح.

ولكن هناك واحد من الرؤساء واسمه نِيقُودِيمُوسُ ولديه مكانة اجتماعية عالية هذا الشخص الذي قد جاء إلى يسوع ليلاً في(يو7: 50، 51) قَالَ لَهُمْ نِيقُودِيمُوسُ، الَّذِي جَاءَ إِلَيْهِ لَيْلاً، وَهُوَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ: «أَلَعَلَّ نَامُوسَنَا يَدِينُ إِنْسَانًا لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ أَوَّلاً وَيَعْرِفْ مَاذَا فَعَلَ؟»

 

فالسؤال لماذا جاء نِيقُودِيمُوسُ ليلاً؟ هل مؤمن حقيقي في الإصحاح السابع؟ يسوع قال في الإصحاح الثامن لماذا لا تصدقونني؟ ومعنى هذا في الحقيقة أن بعض التابعين بالمسيح لا يؤمنون به.

لماذا لاتصدقون كلام يسوع؟لماذا لا تنادون بكلمة الرب؟

هل تخاف .. طرد من المجتمع؟

هل تخاف من فقدان مكانتك المتميزة في المجتمع؟

أنا كنت في أبوظبي في الأيام الماضية مع بعض الأخوة العرب بالكنيسة الإنجيلية وكان واحداً من الأخوة هناك يعمل في الكرازة بين العمال في المزارع  وكانت كرازته عن يسوع المسيح امتيازاً لنا هناك.

 

سؤالي لكل شخص اليوم ما الفرق بين هذا الشخص الذي يكرز وبيننا نحن؟ هل هذا شخص يُحب يسوع أكثر من كل واحد فينا؟ هل لدينا خوف من الكرازة بيسوع المسيح؟ مَنْ الذي سيشارك كلمة الرب مع أقربائنا وجيراننا؟

 

نِيقُودِيمُوسُ جاء ليلاً وهو ليس صديق ليسوع المسيح ولم يعلن الرب نفسه كثير لأنه صديقاً له.

هل لديك إيمان بالله؟ إذن لديك علاقة مع الرب هل تستمر الشركة مع الله من خلال الصلاة وكلمة الرب فالرب يعطي قوته لأنه أحب العالم.

 

على سبيل المثال لو شخص وخطيبته كل واحد يحب الآخر، ماذا سيكون حديثه وكلامه عن خطيبته، وعن شخصيتها، وعن جمالها، يا ترى ما السبب؟

لماذا يفتخر بها أمام الناس؟ لأنه أحبها فعلاً.

هل تحب الرب يسوع المسيح! إذا كنت تحب يسوع فلابد أن تفتخر به وبشخصيته وبجماله وبحبه فهذا هو الإيمان الحقيقي.

 

ولكن نِيقُودِيمُوسُ لم يعلن يسوع المسيح في الأصحاح السابع. الآن دعونا ننظر إلى قصة الأعمى الذي شفى عينيه يسوع ونتيجة إيمانه(يو9: 38ـ39) فَقَالَ: «أُومِنُ يَا سَيِّدُ!». وَسَجَدَ لَهُ. فَقَالَ يَسُوعُ:«لِدَيْنُونَةٍ أَتَيْتُ أَنَا إِلَى هذَا الْعَالَمِ، حَتَّى يُبْصِرَ الَّذِينَ لاَ يُبْصِرُونَ َيَعْمَى الَّذِينَ يُبْصِرُونَ».

وعندما نقرأ في(يو19: 38ــ42) ثُمَّ إِنَّ يُوسُفَ الَّذِي مِنَ الرَّامَةِ، وَهُوَ تِلْمِيذُ يَسُوعَ، وَلكِنْ خُفْيَةً لِسَبَبِ الْخَوْفِ مِنَ الْيَهُودِ، سَأَلَ بِيلاَطُسَ أَنْ يَأْخُذَ جَسَدَ يَسُوعَ، فَأَذِنَ بِيلاَطُسُ. فَجَاءَ وَأَخَذَ جَسَدَ يَسُوعَ. وَجَاءَ أَيْضًا نِيقُودِيمُوسُ، الَّذِي أَتَى أَوَّلاً إِلَى يَسُوعَ لَيْلاً، وَهُوَ حَامِلٌ مَزِيجَ مُرّ وَعُودٍ نَحْوَ مِئَةِ مَنًا.

 

في هذه اللحظة كان نِيقُودِيمُوسُ مستعداً ليعلن يسوع أمام الناس. هو جاء مع يوسف الرامي ولكن لدفن جسد المسيح وطلبا جسد المسيح من بيلاطس. في هذه الاصحاح نجد أن يوسف هو تلميذ يسوع أيضاً. ما معنى كلمة "التلميذ"؟ هو الشخص الذي يدفع الثمن مثلما دفع يسوع الثمن لأجلنا، وأيضاً يلازم تعليم يسوع.

 

هل لدينا الاستعداد لدفع الثمن من أجل ربنا يسوع المسيح. ويبدأ نيقوديموس يخرج من الخزانة لأنه اعترف بيسوع أمام الناس وجاء نهاراً وليس ليلاً. يسوع المسيح لم يأتمنهم على نفسه في(يو2: 24) لأنهم حديثي الإيمان. لقد عرق يسوع قلوبهم وهو يعرف قلوبنا ودوافعنا ولا مجال لنختبيء منه فيسوع عرف أنهم أشخاص جدد في الإيمان لا يحبونه كثيراً.

 

هل تحب يسوع؟ إذا كنت تحب يسوع فهو يعيش فيك فتتلاقى معه وتحاول أن تخدمه في أي مجال، وأما إذا كنت لا تحبه فخدمتك وعملك يكون من أجلك أنت وليس من أجله.

يمكن أن تخدم في الكنيسة بدون شركة مستمرة مع الرب، ولكن ليس لديك فرح حقيقي من الرب. إذا كنت تحب الرب يمكن أن تشكره على كل شيء في كل حين. الشكر بدون المحبة هو شكر زائف.عندما تحب الرب يسوع فإنك تطيع كلمته.

 

لا يظهر الرب لمن لا يحبه ولا يصدقه كما في(يو21:14) اَلَّذِي عِنْدَهُ وَصَايَايَ وَيَحْفَظُهَا فَهُوَ الَّذِي يُحِبُّنِي، وَالَّذِي يُحِبُّنِي يُحِبُّهُ أَبِي، وَأَنَا أُحِبُّهُ، وَأُظْهِرُ لَهُ ذَاتِي». يمكن أن نقول أن يسوع اختار بطرس ويعقوب ويوحنا لأنهم بسطاء وليسوا أغنياء وبلا مكانة اجتماعية عالية. نيقوديموس أخذ جسد المسيح وأتى به جهارا.ً

 

كما أن جسم الإنسان يكون ميتاً إذا فراقته الروح كذلك يكون الإيمان ميتاً إذا لم ترافقه الأعمال(يع2: 26) لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْجَسَدَ بِدُونَ رُوحٍ مَيِّتٌ، هكَذَا الإِيمَانُ أَيْضًا بِدُونِ أَعْمَال مَيِّتٌ. إذاً إيماني في الحياة يحيي أعمالي. هل إيمانك حي أم ميت؟

يمكن أن تعرف أعمالك. الله يرى إيماناً والناس ترى أعمالنا. فإذا كانت الكنيسة ميتة فلن يكون فيها أعمال.

 

 الإيمان بدون أعمال ميت. هل للكنسية إيمان فيه حياة؟ إذا كان للكنيسة هذا النوع من الإيمان فهذا يعني أن إيمان حقيقي وبالتالي ستعلن يسوع أمام الناس أنه الرب والمخلص. فإذا كان لديك إيمان فسيتبع ذلك الأعمال وستكون النتيجة تلقائية لذلك الإيمان.

 القصة التي تختص بنيقوديموس قد سمعنا عنها الآن، فالسؤال ما هي الخطوات العملية بالنسبة لنا من هذه القصة؟ ماذا نتعلم من هذه القصة؟

 

  في البداية كان نيقوديموس قليل الإيمان فيما يخص إيمانه بشخص يسوع مما جعل حياته ضعيفة وكان يعيش مختبئا في الخزانة سراً. وكان هذا مصدر خوف للاعلان بما يؤمن به عن الرب يسوع المسيح. ولكن نجد أن نيقوديموس قد تغير من حياة الاختباء والسرية الى حياة والاعلان بما يؤمن به عن يسوع لدرجة أن ايمانه دفعه أن يطلب جسد يسوع.

 

لكن التحدي الذي أمامنا هو نريد أن نجاهر(نعلن يسوع بكل قوة)حتى لا نندم على حياة الاختباء والخوف ونخبر الناس بما نؤمن به ونقدم يسوع بطريقة حية وفعاّلة.

في الختام السؤال العملي لحياتنا ما هي الطرق التي نعبر بها بالإعلان عن إيماننا؟

1)     يجب أن نكرز(نخبر) الآخرين مع الاهتمام بأحوال السامعين لكلمة الرب.

2)     يجب أن نكون مجموعة بيتية نصفها من المؤمنين والنصف الآخر من غير المؤمنين.

3)     أدع أقربائك وجيرانك إلى العشاء لمنزلك.

4)     شارك باختباراتك بما استجاب الرب في حياتك اليومية.

إذا كنت اختبرت محبة الله فمن الطبيعي أن تكرز بكلمته لأن الكرازة هي جزء من حياتك وليس اجبارياً. وهذا يعني شهادة الشخص في الحياة العملية. فيجب أن تعيش شاهداً ليسوع المسيح في حياتك اليومية.

 

 



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6