تصالحوا مع الله


تصالحوا مع الله

 

(2كو5: 14ـ21)

14 لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ تَحْصُرُنَا. إِذْ نَحْنُ نَحْسِبُ هذَا: أَنَّهُ إِنْ كَانَ وَاحِدٌ قَدْ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ، فَالْجَمِيعُ إِذًا مَاتُوا. 15 وَهُوَ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ كَيْ يَعِيشَ الأَحْيَاءُ فِيمَا بَعْدُ لاَ لأَنْفُسِهِمْ، بَلْ لِلَّذِي مَاتَ لأَجْلِهِمْ وَقَامَ. 16 إِذًا نَحْنُ مِنَ الآنَ لاَ نَعْرِفُ أَحَدًا حَسَبَ الْجَسَدِ. وَإِنْ كُنَّا قَدْ عَرَفْنَا الْمَسِيحَ حَسَبَ الْجَسَدِ، لكِنِ الآنَ لاَ نَعْرِفُهُ بَعْدُ.17 إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا. 18 وَلكِنَّ الْكُلَّ مِنَ اللهِ، الَّذِي صَالَحَنَا لِنَفْسِهِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَأَعْطَانَا خِدْمَةَ الْمُصَالَحَةِ،19 أَيْ إِنَّ اللهَ كَانَ فِي الْمَسِيحِ مُصَالِحًا الْعَالَمَ لِنَفْسِهِ، غَيْرَ حَاسِبٍ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ، وَوَاضِعًا فِينَا كَلِمَةَ الْمُصَالَحَةِ. 20 إِذًا نَسْعَى كَسُفَرَاءَ عَنِ الْمَسِيحِ، كَأَنَّ اللهَ يَعِظُ بِنَا. نَطْلُبُ عَنِ الْمَسِيحِ: تَصَالَحُوا مَعَ اللهِ.21 لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ. 

 

متى تبدأ الحياة الأبدية على الأرض أو في المستقبل؟ يخبرنا الكتاب المقدس أن الحياة الابدية تبدأ على الأرض مِن هنا لما يقبل أي شخص الرب يسوع مخلص لحياته، فالحياة الأبدية لها بداية وليس لها نهاية. فمثلا شخص حصل على الخلاص وأصبح مؤمناً حقيقياً وحصل على الحياة الأبدية في 6/6/2000 وفي يوم 10 /5 /2001 فعل خطية مثلاً: كذب على شخص أو شتم شخص وبعد فترة من الوقت مات هذا الشخص ووقف أمام الرب. وفي هذا التاريخ حصل وسأله الرب: أنت فكرت أنك فقدت خلاصك في اليوم الذي فعلت الخطية ولكن من التاريخ 6/6/2000 كُتب اسمك في سفر الحياة.ولك حياة أبدية سواء عشت أيام أو شهور أو سنين.فيقول الرب في(1يو5: 13) كَتَبْتُ هذَا إِلَيْكُمْ، أَنْتُمُ الْمُؤْمِنِينَ بِاسْمِ ابْنِ اللهِ، لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لَكُمْ حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَلِكَيْ تُؤْمِنُوا بِاسْمِ ابْنِ اللهِ.  

إذن نفهم من هذه الآية بأن الحياة الأبدية هي عطية من الله تُعطى مجاناً بالإيمان لأي شخص على مبدأ النعمة وليس على مبدأ الأعمال الصالحة فقط. السؤال هنا:" هل يمكن لأي شخص أن يحصل على الحياة الأبدية لمدة سنة واحدة فقط؟ وهذه السنة الواحدة تكون إلى الأبد؟ بالتأكيد لا، لأن السنة الواحدة هي زمن وقتي محدود والرسول بولس يقول في(2كو4: 18) وَنَحْنُ غَيْرُ نَاظِرِينَ إِلَى الأَشْيَاءِ الَّتِي تُرَى، بَلْ إِلَى الَّتِي لاَ تُرَى. لأَنَّ الَّتِي تُرَى وَقْتِيَّةٌ، وَأَمَّا الَّتِي لاَ تُرَى فَأَبَدِيَّةٌ. فالحياة الأبدية بحسب فكر وعطية الله الآب تبدأ من الأرض ولا تنتهي.  

ونجد آية أخرى من الكتاب المقدس عن هذا الموضوع على لسان الرب يسوع وهو على الأرض عندما قال في(يو3: 15) لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.  

وبناء على هذه الآية إن الحياة الأبدية كانت ولا تزال في وقتنا الحاضر طوال فترة حياتنا على الأرض. الحياة الأبدية أن تنتمي إلى شخص يسوع المسيح الذي هو الحياة الأزلي الأبدي المقام من بين الأموات الحي إلى أبد الأبدين الذي يشهد عنه الكتاب المقدس بأنه رئيس الحياة. ولذلك لن تبدأ الحياة الأبدية في الأيام القادمة، بل تبدأ هذه الحياة الأبدية في الذين دخلوا في علاقة حقيقية في المسيح "كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَة"ٌ.

أولا: محبة المسيح تحصرنا لأننا خليقة جديدة ولنا حياة أبدية

هل تشير "مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ تَحْصُرُنَا " في العدد 14 الى محبته لنا أو محبتنا له؟ هذه المحبة هي محبته هو لنا. ففي الحقيقة أن السبب الوحيد الذي يجعلنا نحبه هو محبته هو لنا أولا. فمحبته تحصرنا أي تحركنا بطريقة فيه انضباط الى هدف المسيح المحدد لنا. فبينما كان بولس يتأمل في محبة المسيح له، لم يمتلك حياته الا أنه تحرك قلبه بهدف وغرض واحد هو خدمة سيده. وهذه الكلمات الرائعة في(يو3: 16) لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. وكذلك أيضاً(يو3: 36) الَّذِي يُؤْمِنُ بِالابْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ». وأيضا(يو5: 24) « إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كَلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ. وأيضاً(يو10: 28) وَأَنَا أُعْطِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَلَنْ تَهْلِكَ إِلَى الأَبَدِ.

إذن مَنْ هو الذي أعطانا الحياة الأبدية بمعنى آخر من هو الشخص الذي  وراء هذه العطية؟ هي محبة المسيح التي أعطتنا الحياة الأبدية. فخلصت أنا وأنت، خلصنا الى الأبد. ويسوع قال لنا: لأَنَّهُ قَالَ:«لاَ أُهْمِلُكَ وَلاَ أَتْرُكُكَ» (عب 5:13). وأيضاً في(يو6: 37) كُلُّ مَا يُعْطِينِي الآبُ فَإِلَيَّ يُقْبِلُ، وَمَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ لاَ أُخْرِجْهُ خَارِجًا. فكل من الى حظيرة المسيح لا يخرج من الحظيرة أي لا يهلك الى الأبد لذلك يقول الرب يسوع(يو10: 25ـ28) خِرَافِي تَسْمَعُ صَوْتِي، وَأَنَا أَعْرِفُهَا فَتَتْبَعُنِي. وَأَنَا أُعْطِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَلَنْ تَهْلِكَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَخْطَفُهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِي. مرة واحدة أنت في المسيح عندما قبلت فأنت في المسيح الى الأبد.

وعندما مات المسيح لأجل الجميع، كان موته لأجل الكل، فعندما مات، متنا نحن أيضا في المسيح(رو5: 12ـ13)لأنه كما أن خطية آدم صارت خطية ذرية آدم، فهكذا موت المسيح عن الخطية صار الموت عن الخطية لكل من يؤمنون به. ومات لأجلنا بمحبته وقام من الأموات وهو حي في السماء فالذين يؤمنون به لا يهلكوا الى الأبد.

ثانيا: الله كان في المسيح مصالحا للعالم.

مكتوب في(العدد 17) إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا. وعندما نقرأ(يو3: 1ـ8) نجد قصة نيقوديموس مع الرب. فالولادة الجسدية ليست كافية في الحصول على الحياة الأبدية. والولادة الجسدية تجعلنا تحت الحكم البشري لأننا جميعا مولودين من الأب والأم وليس لنا الاختيار في هذه الولادة، أما الولادة الروحية هي من فوق أي من الله لأنها تجعلنا موجودين في الحكم الروحي. وهذه الولادة باختيار الشخص وتحتاج الى قرار ولابد لنا أن نختبر الولادة الجديدة(الثانية) لكي نحصل على التبرير بدم المسيح والحياة الأبدية ونعيش حياة روحية في علاقة حميمة مع الله الآب. ومتى يحدث ذلك؟ عندما نقبل المسيح في حياتنا أي نرحب به في حياتنا ليكون السيد والملك على قلوبنا. في هذا العالم الذي نعيش فيه نحن ولدنا بالنفس والجسد، لكن حينما نطلب من روح الله أن يسكن فينا، فنحصل على سكنى الروح القدس فينا(حياتنا/قلوبنا)وبدون هذه الطريقة لا يمكن نشارك الله في طبيعته الطاهرة والمقدسة ولا نقدر نختبر وجوده في حياتنا. نحن نولد من الله في المسيح كخليقة جديدة، فكل شيء في حياتنا قد تغير.

ولكن البعض عندما يسمع هذه الآية يظنون أنه عندما يخلص الانسان، معناها أن الانسان يخلص من العادات القديمة والأفكار الشريرة والنظرات الشريرة الشهوانية، وكل شيء يصبح جديداً بكلمة واحدة في حياة الانسان، غير أننا نعلم أن هذا ليس صحيحا. فالعدد هذا لا يصف سلوك المؤمن، بل مقامه في المسيح.لاحظ القول: "إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ" مفتاح الآية في كلمتين" فِي الْمَسِيحِ" الأشياء العتيق في شخص المسيح قد مضت والكل أصبح جديداً، ولكن للأسف المشكلة هي "فيّ أنا" فهذا الأمر غير صحيح لأن الحياة المسيحية الجديدة التي في المسيح تحتاج مني أن أنمو فيها لكي أتقدم وهذا يعطيني الرغبة أن أعمل ما يناسب الطبيعة الجديدة وبالتالي أحافظ على مقامي في المسيح بشكل مستمر وبكل اتزان.

ففي المسيح يسوع قامت علاقة جديدة بين الله وبيننا عن طريق الخلاص واتحادنا معه. وهذه العلاقة تجعلنا أن النمو روحيا في شركة مستمرة مع الله وهذه العلاقة تثبت شركتنا مع الله، فيمكن تنقطع الشركة ولكن لا نخسر العلاقة لأن العلاقة ثابتة من اللحظة التي قبلنا الخلاص فيها.

ويمكن توضيح(2كو5: 19)أولا:أن الله كان في المسيح وثانيا، أن المسيح كان في الله، مصالحا العالم نفسه، بمعنى أن الله كان يصالح العالم، لكنه كان يفعل ذلك عن طريق شخص الرب يسوع المسيح. وأن الذين قبلوا يسوع مخلص حياتهم فبهذه الطريقة يسوع دخل في حياتهم، والآن الدعوة المقدمة من الرب للخطاة الهالكين الذين يسمعون كلامه الآن، كما قال الرب لنا: إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كَلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ(يو5: 24) وكذلك يتجاوب مع دعوته كما مكتوب في(أع16: 30ـ31)«آمِنْ بِالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِكَ».

فاذا قبل الخاطىء دعوة الرب له هكذا يدخل المسيح إلى حياته. وهذه الآية طبعا تؤكد عل أن الهالك حصل على حياة أبدية وصار ابنا لله(يو1: 12)وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ". بعد هذا يسكن الروح القدس المعزي الى الأبد في حياته(يو14: 16) وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّيًا آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ.

ثالثا: الله صالحنا بغفران كل خطايانا ويجعلنا أبرارا.

فهذه الرسالة التي أمامنا يكتبها بولس الرسول الى المؤمنين في كورنثوس وهنا من المهم أن بولس لا يطلب الى الكورنثيين أنفسهم أن يتصالحوا مع الله لأن هؤلاء المؤمنين قد تصالحوا مع الله، ولكنه يطلب منهم أن يكرزوا للذين لم يتصالحوا مع الله. فمتى تتأكد بأنك قوي بالايمان؟ متى تشعر بأنك تمتليء بالروح القدس؟ متى تختبر بأن الله حي قادر على كل شيء؟ حينما أنت تنادي بالانجيل للآخرين.

 

كانت هناك عداوة. لكن هذه العداوة هي من جانب الانسان. والله رفع الحواجز القائمة بينه وبين الانسان لاستكمال الشركة، وكذلك الخطايا كلها في الماضي والحاضر والمستقبل قد غفرت تماما. ورفع الله سبب التباعد بينه وبين الانسان ومعالجة مشكلة الخطية، فمن الواضح أن الله لا يحتاج لِمَنْ يصالحه، بل الإنسان هو الذي يحتاج أن يتصالح مع الله. وبمعنى آخر أن الرب يسوع عالج مشكلة خطايانا بالكامل، لأنه غفر خطايانا في الماضي والحاضر والمستقبل. فجعل الله المسيح خطية لأجلنا لنصير نحن برالله فيه، مع أن المسيح لم يعرف خطية ، بل صار لأجلنا خطية. علينا نكون حذرين من أية تعليم أو فكرة تقول بأن الرب يسوع المسيح على صليب الجلجثة، صار خاطئا في ذاته، لأن مثل هذا التعليم أو الفكرة غير صحيحة بحسب الكتاب المقدس لأن خطايانا وضعت{عليه}(إش53: 6) كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ، وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا. ولكنها لم تكن {فيه}.

الله جعل شخص المسيح ذبيحة خطية بدلا منا، فإن آمنا به يجعلنا الله أبراراً، لأن كل مطالب الناموس قد وفاها يسوع بديلاً عنا بالكامل. ويا له من حق مبارك أن الشخص الذي لم يعرف خطية جُعل خطية لأجلنا لنصير نحن بر الله. وهذا البر يؤخذ بالايمان فقط(رو3: 22) بِرُّ اللهِ بِالإِيمَانِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، إِلَى كُلِّ وَعَلَى كُلِّ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ. لأَنَّهُ لاَ فَرْقَ.  وعطية البر لا يمتلكها أي شخص في الحياة الا عن طريق واحد فقط، هو شخص يسوع المسيح. ومهما عبرت ألسنتنا الفانية لا يمكن أن تعبر عن شكرها لله شكراً كافياً عن هذه النعمة غير المحدودة التي أعطانا إياها الله الآب في المسيح يسوع.

 



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6