أبناء أم أساس؟


أبَنَّاء أم أساس؟

 

متى 16: 13-23

القس جون كوري إبراهيم

 

عندما كنت مدرباً عسكرياً، قابلتُ أحد أفراد شهود يهوة، وقد رفض هذا الشخص أن يتدرب على السِّلاح. فذهب إلى السجن بسبب ذلك. ولكنه عاد إليَّ لكي يتدرب على السلاح بعد أن أنكر إيمانه بشهود يهوة. وقد كانت لدينا الفرصة لكي نتحدث عن الكتاب المقدس الذي لم أكن أعلم الشيئ الكثير عنه في ذلك الوقت. لقد قال لي إنه وجد جملة غريبة في الكتاب المقدس تقول "إنه ليس هناك إله." لقد كان يتكلم بجدية عن ذلك الموضوع ولم يكن يمزح، وفي ذلك الوقت لم أستطِع أن أردَّ عليه لأني لم أكن قد قرأْتُ الكتاب المقدس كله بعد.

 

 

 

بعدَ ذلك إستطعتُ أن أَجِدَ تلك الجملة بنفسي في الكتاب المقدس وهي "قال الجاهل في قلبه ليس إله." (مز 14). هل تعرفون لماذا قلت لكم عن هذه الحادثة؟ لقد حاوَلتُ من خلال هذه الحادثة أن أُوَضِّح لكم أهمية فهم الجُمَل أو العبارَات من سياق الكلام.

 

 

 

الأسبوع الماضي  وفي رسالتي التي ألقيتها عليكم والتي كانت بعنوان "أخادم أنا أم سيد؟" حسب سفر العدد 20 و1كورنثوس 10، درسنا بأن الرسول بولس يفسر أن كلمة "الصخرة" هي يسوع المسيح. ولكن في رسالتي التي كانت بعنوان مفاتيح ملكوت السموات حسب إنجيل متى 16: 18-20،  ورسالتي الثانية التي كانت بعنوان رؤيا من العلية حسب أعمال الرسل 14:1-41:2، كنت قد فسّرتُ لكم فيهما بأن  يسوع المسيح قد أطلقَ كلمة الصخرة على الرسول بطرس، لكي يكون أساسَ كنيسته.

 

ربما أن البعض منكم يقول، كيف يحاول القس جون أن يفسر الكتاب المقدس عكس تفسير الرسول بولس؟ حتى أنني أتذكر أن البعض منكم عقّب على كلامي مباشرة بعد إنتهاء خدمتنا. والبعض منكم ذكّرني بأن يسوع المسيح وبخ بطرس وقال له "إذهب عني يا شيطان." وقال آخرون بأن بطرس أنكر يسوع المسيح ثلاث مرات عندما قُبضَ عليه، لذلك كيف يمكن له أن يكون أساس كنيسة يسوع المسيح؟ والبعض منكم أراد أن يذكرني بـما قاله الرسول بولس في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس، "أنّه لا يستطيع أحد أن يضع أساساً آخر غَير الذي وُضع الذي هو يسوع المسيح". والبعض منكم كان يفكِّرُ بأن القس جون يفضل الرسول بطرس على يسوع المسيح، والبعض منكم كان خائفاً من أن أُؤْذِي الكنيسة بهذا التعليم.

 

 

 

الكثير منا يفسر كلمة الصخرة بأنها يسوع المسيح أو الله. لكننا نستطيع أن نرى عدة معانٍ لكلمة الصخرة من الكتاب المقدس. لنرى سوية كلمة الصخرة وهي مستخدمة في الكتاب المقدس بمعانٍ أخرى.

 

1.     نستطيع أن نجد أن الصخرة تعني إبراهيم،.ونجد ذلك في إشعياء 51: 1-2.  ومَن قال ذلك؟ إن الله قال لإشعياء، "اسمعوا لي أيها التابعون البر الطالبون الرب. اُنظروا إلى الصخر الذي منه قُطعتم وإلى نُقرة الجبّ التي منها حُفرتم انظروا إلى إبراهيم أبيكم وإلى سارة التي ولدتكم. لأني دعوته وهو واحد وباركته وأكثرته."

 

 نريد أن نتحدث عن هذا الموضوع فيما بعد

 

 

 

2. ونجد كلمة "صخرة" تُطلق على الله الذي هو بِمَثابة الحامي والحافظ القوي في مواضع كثيرة من الكناب المقدس في العهد القديم، وعلى سبيل المثال من إشعياء 17: 10، "لأنك نسيتِ إله خلاصكِ ولم تذكري صخرة حصنكِ، لذلك تغرسين أغراساً نزهةً وتنصبينَ نُصبَةً غريبةً"

 

 

 

3. ونجد كلمة صخرة بمعنى "عثرة"، وذلك في 1 بطرس 8:2، "وحجر صدمة وصخرة عثرة، الذين يعثرون غير طائعين للكلمة الأمر الذي جُعلوا له."

 

 

 

4. ونجد كلمة الصخرة بمعنى المسيح كما فسّرها الرسول بولس في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس. "... وجميعهم أكلوا طعاماً واحداً روحياً وجميعهم شربوا شراباً واحداً روحياً. لأنهم كانوا يشربون من صخرة روحية تابِعتهم والصخرة كانت المسيح"( 1كورنثوس 10: 4).

 

لقد عرف الرسول بولس أن موسى أخرج الماء من الصخرة من أجل شعب الله على الأقل لمرتين حسب الكتاب المقدس، المرة الأولى في سفر الخروج 17، والمرة الثانية في سفر العدد .2. فقد فسّر الرسول بولس إن هذه الصخرة كانت المسيح(في 1كورنثوس 4:10). وذلك لأنه عرف بأن مصدر القوة لإخراج الماء من الصخرة كان المسيح وليس موسى.

 

 

 

في الحقيقة، يجب أن نعرف هنا أي فقرة من الكتاب المقدس كان بولس يفسر ويشرح. فهم لم يكن يفسر كلمة الصخرة التي في متى 16، بل كان يفسر الصخرة التي في سفر الخروج 17، وسفر العدد 20. فبولس لم يكن يتكلم عن الأساس الحقيقي للكنيسة، بل عن المصدر الحقيقي للماء. لذلك لا يمكننا أن نُطبق تفسير بولس بأن الصخرة هي المسيح، على النص الذي في متى 16، الذي يحتوي

 

أيضاً على كلمة الصخرة. وعلينا أن نعرف كذلك بأن يسوع لم يكن يتكلم مع بطرس عن المصدر الحقيقي للماء، بل عن الأساس لكنيسته. نعم، فقد كان يسوع يتكلم عن: كيف، ومع من، ولماذا كان سيبني كنيسته.

 

 

 

ومن هنا نستطيع أن نرى أنه لا توجد أي علاقة بين الصخرة التي أخرج موسى الماء منها، وبين الصخر الذي هو إبراهيم، وبين الصخرة التي كانت تُطلق على الله الذي هو بِمَثابة الحامي والحافظ القوي، وبين كلمة الصخرة بمعنى عثرة، وبين الصخرة التي قال يسوع عنها بأنه سيبني كنيسته عليها.

 

 

 

دعوني أكرِّر لماذا فسّرتُ كلمة الصخرة بأنها "بطرس" وليس إبراهيم، أو الله الحافظ القوي، أو عثرة، أو يسوع المسيح في متى 16: 18، " وأنا أقول لك أيضاً أنت بطرس وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها" أولاً علينا أن نعرف ماذا قال يسوع المسيح لسمعان بطرس في لقائِهِما الأول. أين كان لقاءهما الأول؟ أين نجد ذلك؟  نجده في إنجيل يوحنا 1: 42. "فجاء أندراوس، بأخيه سمعان بن يونا إلى يسوع، فنظر إليه يسوع وقال، أنت سمعان بن يونا، أنت سوف تدعى (أي في المستقبل) صفا، الذي تفسيره "بطرس" (أي "صخر"). أولاً علينا أن نعرف أن المترجم إلى اللغة العربية كتب كلمة "صفا" بدلاً من الكلمة الآرامية "كيفا".  لذلك أريد أن أستخدم كلمة "كيفا" بدلاً من كلمة "صفا" من الآن فصاعداً.

 

 

 

لكنه لم يقل له متى ولماذا سيدعَى بهذا الاسم الجديد "كيفا"، أي "بطرس". هل تعلمون متى  ابتدأ يسوع المسيح يُطلِق اسم بطرس(كيفا) على تلميذه سمعان بن يونا؟ علينا أن نلاحظ بأن يسوع لم يُطلِق اسم بطرس على تلميذه سمعان، إلا بعدما اعترف به أنه هو المسيح إبن الله الحيّ. نجد ذلك في متى 16: 18. " وأنا أقول لك أيضاً أنت بطرس وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها". نستطيع أن نتخيل أن يسوع قال لسمعان بن يونا "من اليوم أدعوك باسمك الجديد بطرس كما وعدتك بذلك في لقائنا الأول."

 

 

 

وهل تعلمون لماذا أراد يسوع أن يَدعو سمعان باسمه الجديد "بطرس"؟ علينا أن نلاحظ بأن يسوع لم يوضّح لبطرس السبب في تغيير اسمه من سمعان إلى بطرس، إلا بعدما اعترف بطرس أن يسوع هو المسيح إبن الله الحيّ. بكلمات أخرى، مع أن بطرس كان مع يسوع لمدة طويلة منذ أول لقاء لهما، إلا أن يسوع لم يطلق اسم بطرس على سمعان، ولم يوضح له السبب أيضاً في تغيير إسمه إلا بعد أن اعترف بأن يسوع هو المسيح إبن الله الحيّ.

 

إخوتي وأخواتي، نستطيع أن نلاحظ من متى 16: 17، كم كان يسوع سعيداً باعتراف سمعان أن يسوع هو المسيح ابن الله الحيّ، حيث قال له "طوبى لك يا سمعان بن يونا إن لحماً ودماً لم يعلن لك لكنَّ أبي الذي في السموات." هل تستطيعون الآن أن تعرفوا كم انتظر يسوع بشوق كبير هذا الوقت(أي وقت اعتراف بطرس به)؟ لقد انتظر فترة طويلة. ولكن لماذا انتظر يسوع كل هذه الفترة الطويلة، وبعد ذلك غير اسم سمعان إلى بطرس؟  نجد أنّ يسوع يقول له  في العدد 17- 18، "وأنا أقول لك أيضاً أنت بطرس وعلى هذه الصخرة أبني كنيـسـتـي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها (ع 17 ـ18 ) ". أي أنّ يسوع هنا يحقق لسمعان ما وَعَدَه به في لقاءهما الأول. أي عندما وعده بأن اسمه سوف يتغير من سمعان إلى بطرس، كما رأينا ذلك في إنجيل يوحنا 1.

 

 

 

إن اسم بطرس في اللغة اليونانية يعني "صخر".لذلك فمن المحتمل أن الصخرة  التي تحدّث عنها يسوع المسيح والتي سيبني كنيسته عليها كانت إشارة إلى الرسول بطرس الذي اعترف بيسوع أنه هو المسيح ابن الله الحيّ.

 

 

 

فطوال تاريخ الكنيسة تم تفسير كلمة "الصخرة" بإحدى المعاني الثلاثة التالية، إما "بطرس"، أو "اعتراف بطرس"، أو المسيح نفسه. ولكنني  شخصياً مقتنع تماماً من أن المقصود هنا هو الرسول بطرس. لأن  التفسير الفِطري والمستَنْبَط للمعنى حسب سياق الكلام سيكون هو التفسير الأفضل. لقد كان يسوع حكيماً في استخدام الكلمات، فنجده يدعو تلميذه باسم  بطرس الذي يعني "صخر" ثم يَضيف بعد ذلك، "وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي"(متى 16: 18) بمعنى أن يسوع كان يقول لسمعان بطرس، "عليك أنت يا بطرس، أي عليك أنت يا صخر أبني كنيستي." وإن ما يُؤَيِّد هذه الفكرة هو البِناء اللغوي لتلك الجملة. فالكلمتان "صخر" و"صخرة" مرتبطتان بأداة الرَّبْط "و" وهي تَدُلّ على أن هنالك  ارتباطاً وثيقاً فيما بين الكلمتين، "صخر" و"صخرة". وأعتقد شخصياً أن كلمة "الصخرة" سوف تفقد معناها الحقيقي بحسب سياق النص، لو إنها كانت تُشير إلى المسيح أو إلى اعتراف بطرس. وأيضاً فإن الحُكم العام لأسبقية كلمة "هذه الصخرة"، تشير إلى الكلمة التي سَبَقَتْها وهي بطرس. فإن لم يكن هنالك أي علاقة بين كلمة الصخرة وبين تغيير اسم سمعان إلى بطرس(صخر)، فسيكون من الصعب علينا جداً أن نفهم أهمية وقصد يسوع المسيح من هذا التغيير في الإسم، وإننا بذلك سنتجاهل الهدف الذي قصده يسوع المسيح من تغيير إسم تلميذه من سمعان إلى بطرس. فهل من اللائق أن نتجاهل مَقاصِد يسوع؟

 

 

 

إن يسوع المسيح لم يكن يتكلم اللغة العربية أو اليونانية، بل كان يتكلم اللغة الأرامية. وفي هذه اللغة لا يوجد تمييز بين المذكر والمؤنث لكلمة "الصخرة"، حيث لا يوجد فيها سوى كلمة واحدة فقط بمعنى الصخرة وهي كلمة "كيفا". "فنظر إليه يسوع وقال أنت سمعان بن يونا أنت (سوف) تدعى صفا الذي تفسيره بطرس"(يوحنا 1: 42-43). بِناءً على ذلك، نجد أن يسوع يقول لسمعان "أنت "كيفا" وعلى هذه(أو هذا) الـ"كيفا" أبني كنيستي." لذلك فقد كتب يوحنا، في إنجيله، كلمة "كيفا" (الآرامية الأصل)، بالغم من أنه كان قد كتب نص الإنجيل باللغة اليونانية، لكي يوضح لنا قصد يسوع المسيح. إن يسوع المسيح أتى من السماء إلى هذه الأرض لكي يبني كنيسته التي سيكون أساسها بطرس.

 

 

 

إذاً فالسبب في تغيير يسوع اسم تلميذه من سمعان إلى بطرس هو لأنه سيكون الأساس لكنيسته التي ينوي تأسيسها على الأرض. بالطبع إنَّ سـمعـــان بن يونا كإنسـان طبيـعـي ليس بإستطاعته أن يكون أساساً للكنـيـسـة، لكن بطرس الذي اعترف أنَّ يـسوع هو المسيح إبن الله الحي، بإمكانه أن يكون الأساس لكنيسة المسيح.

 

 

 

إذاً متى بدأ يسوع يبني كنيسته على بطرس؟ أي متى تمت النبؤة التي تحدث عنها يسوع المسيح بمشروع بناء كنيسته، التي سيكون أساسها تلميذه بطرس؟ أي متى بدأ بطرس يستخدم مفاتيح ملكوت السموات التي أعطاها له يسوع المسيح؟  بالتأكيد إن هذه النبؤة لم تَتِّم مباشرة بعد اعتراف بطرس أن يسوع هو المسيح ابن الله الحيّ، أي أن بطرس لم يستطع استخدام تلك المفاتيح لكي يوسع ملكوت السموات في ذلك الحين. لذلك أوصى يسوع تلاميذه أن لا يقولوا لأحد إنه يسوع المسيح بعد أن تحدّث مع بطرس عن مشروع بِناء كنيسته(متى 16: 20). ولهذا السبب، نجد أن يسوع المسيح بدأ يُعلِّم تلاميذه درساً مهماً جداً بعد اعتراف بطرس به: حيث نقرأ "من ذلك الوقت ابتدأ يُظهر لتلاميذه أنه ينبغي أن يذهب إلى أورشليم ويتألم كثيراً من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويُقتَل، وفي اليوم الثالث يقوم"(21). وكذلك بدأ يَعِدَهم فيما بعد بإرسال الروح القدس إليهم بعد صعوده إلى السماء، أي منذ ذلك الوقت إبتدأ يسوع يُظهر لتلاميذه أنه سوف يتألم ويموت ويقوم ويصعد إلى السماء ويرسل إليهم الروح القدس.

 

 

 

إن يسوع كان يعلم تماماً أن بطرس وباقي التلاميذ لم يكونوا مؤهلين ومستعدين بعد للقيام بمسئوليات مشروع بناء الكنيسة، فقد كانوا بحاجة إلى تعليم وتدريب أكثر للقيام بمسئولياتهم. حيث نجد، على سبيل المثال، أن يسوع المسيح وبخ بطرس وقال له "إذهب عني يا شيطان." وذلك لأن بطرس لم يُدرك ما كان عتيداً أن يحصل ليسوع المسيح، ثم نجد أن بطرس ينكر يسوع المسيح ثلاث مرات عندما قُبض عليه. حقاً لقد كان بطرس في ذلك الحين، غير مؤهلٍ ليكون هو الصخرة التي تُبنى عليها الكنيسة، كما ذَكَّرَني البعض منكم بذلك.

 

إذاً متى بدأ يسوع يبني كنيسته على بطرس؟ لقد بدأ يسوع المسيح يبني كنيسته على بطرس، بعد أن أرسل الروح القدس. أي إن تلك النبؤة بخصوص مشروع بناء الكنيسة، والتي سيكون أساسها تلميذه بطرس، تمت بعد أن أرسل يسوع الروح القدس  إليهم في يوم الخمسين. وانضم ثلاثة آلاف نفس إلى الكنيسة وذلك عندما بدأ بطرس يَستخدِم مفاتيح ملكوت السموات، في يوم الخمسين (أعمال 2). وهكذا بنى يسوع المسيح كنيسته على بطرس مع اليهود في أورشليم، ووسّع ملكوته.

 

ونستطيع أن نلاحظ أيضاً أنّ يسوع المسيح بنى كنيسته على بطرس مع أهل السامرة الذين بشرهم فيلبس، حيث أرسل يسوع إليهم الروح القدس(أعمال 8). وكذا الحال ما  قام به بطرس مع كرنيليوس وأهل بيته وأقربائه، المواطن الروماني قائد المئة في الكتيبة التي تدعى الإيطالية، حيث أرسل إليهم الروح القدس فبنى يسوع المسيح كنيسته على بطرس بين الأمم في قيصرية أيضاً(أعمال 10). نلاحظ هنا أن يسوع أعطى بطرس دوراً ومسؤليةً فريدة باعتباره ممثلاً لتلاميذه لكي يؤسس كنيسته بين اليهود في أورشليم وبين السامريين في السامرة وبين الأمم في قيصرية.

 

لقد بنى يسوع المسيح كنيسته بالرغم من أنه قد صعد إلى السماء وجلس عن يمين الآب، ولم يرجع حتى الآن. كيف ذلك؟ الجواب، وذلك بواسطة الرسول بطرس الذي قَبِلَ الروح القدس المرسل منه. إن يسوع المسيح لم يرجع من السماء إلى الأرض لكي يبني كنيسته. إنه لم يقل "يا أيها الروح القدس" تعال ننزل إلى الأرض لكي نبني الكنيسة. بل إنه أرسل الروح القدس من أجل تلاميذه لكي يبني كنيسته بواسطتهم. وعلينا أن لا ننسى إن يسوع المسيح لم يرسل الروح القدس إلى بطرس فقط، بل إلى كل تلاميذه. لقد أعطى يسوع المسيح بطرس مفاتيح ملكوت السموات. "وأعطيك مفاتيح ملكوت السموات فكل ما تربطه على الأرض يكون مربوطاً في السموات وكل ما تحله على الأرض يكون محلولاً في السموات." ونستطيع أن نجد نفس هذه الحقيقة في متى 18: 18، حيث يقول لأعضاء الكنيسة أن "كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطاً في السماء وكل ما تحلونه على الأرض يكون محلولاً في السماء".

 

 

 

علينا أن نعرف أن الرب يسوع المسيح بدأ يبني كنيسته  ليس فقط بواسطة بطرس، بل بواسطة بقية التلاميذ وبواسطة المؤمنين أيضاً بين كل الأمم والشعوب لكي يوسع ملكوته على الأرض. ونلاحظ هنا أن يسوع المسيح أعطى كل تلاميذه والمؤمنين به دوراً ومسؤليةً لكي يشتركوا مع بطرس في تأسيس كنيسته. "مبنيين على أساس الرسل والأنبياء ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية." هل تعلمون أين ورد هذا العدد في الكتاب المقدس ومن قال بأننا نحن أي الكنيسة، مبنيين على أساس الرسل؟ إنه الرسول بولس في رسالته إلى أهل أفسس 2: 20.

 

 

 

إن يسوع المسيح أتى من السماء إلى الأرض ليس فقط لكي يبني كنيسته بواسطة بطرس بين اليهود في أورشليم والسامريين في السامرة والأمم في قيصرية، بل لكي يبني كنيسته مع كل تلاميذه والمؤمنين به في كل العالم، وذلك لكي يوسع ملكوت الله. هل تؤمنون أن يسوع المسيح أعطاكم مفاتيح ملكوت السموات لكي توسعوا هذا الملكوت؟ وهل تستخدمون هذه المفاتيح؟ وهل تؤمنون أنّ يسوع المسيح يبني كنيسته على كل واحد منكم؟ علينا أن لا ننسى أننا جميعاً كمؤمنين، أصبح كلُ واحد منا، إلى حدٍّ ما،  بطرس اليوم، وصخرة اليوم، لكي يبني ربنا يسوع المسيح كنيسته بواسطتنا على الأرض.

 

 

 

لقد درسنا أن يسوع المسيح هو الذي يبني كنيسته على الأساس بطرس حسب متى 16: 13-20، ولكننا أيضاً نستطيع أن نجد بَنَّاءً آخر للكنيسة ما عدا يسوع المسيح في الكتاب المقدس! أين نجد ذلك؟ نجد ذلك في رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 3: 9-11. ومن قال ذلك؟ بولس قال ذلك. إذاَ من هو بَنَّاء الكنيسة؟  إن بناء الكنيسة هو بولس نفسه وأبولس والآخرين أيضاً. هل تعرفون لماذا قال ذلك؟ لكي نعرف ذلك، دعونا نفرأ سوية  1كورنثوس 3: 9-11. هل وجدتم أنتم الجواب هناك؟ أعتقد أنكم وجدتم ذلك الجواب. إن بولس لم ينكر بأن البَنَّاء الحقيقي هو يسوع المسيح كما في متى 16. نستطيع أن نعرف أن بولس اعتبر بأن يسوع المسيح هو الأساس لكنيسته(3: 11). نستطيع أن نعرف الجواب من أجل على تساؤلاتكم بأنه لا يستطيع أحد أن يضع أساساً آخر غير الذي وُضع الذي هو يسوع المسيح" ولقد قال الرسول بولس إنّ أساس الكنيسة هو يسوع المسيح إذاَ نفهم أن الرسول بطرس وبولس وأبُلُّس، هم بنائي الكنيسة.

 

 

 

وهكذا نرى أن سياق الكلام مهم جداً في تفسير كلمة الله، ومعرفة حقائقه. إن قلنا أن البناء هو يسوع المسيح فالرسول بطرس وباقي الرسل والأنبياء وكل المؤمنين يكونوا هم الأساس. أما إذا قلنا أن يسوع هو الأساس فالرسول بطرس  وباقي الرسل والأنبياء وكل المؤمنين يكونوا هم البنائين. لذلك يمكننا أن نصلي هكذا "أبانا السماوي، باركنا لكي نبني كنيستك على أساس يسوع المسيح" أو نصلي هكذا "أبانا السماوي، إبنِ كنيستك علينا نحن". البناء أم الأساس هو عنوان رسالتنا اليوم.

 

 

 

 

 

الأسئلة:

 

1. نستطيع أن نرى عدة معانٍ لكلمة "الصخرة" من الكتاب المقدس. أي نوع من المعاني نستطيع أن نجد؟ وماذا نستطيع أن نستنتج بخصوص تفسير الكتاب المقدس لتلك المعاني؟

 

2. ماذا قال يسوع المسيح لسمعان بطرس في لقائهما الأول؟ وأين كان هذا اللقاء؟

 

3. متى أطلق يسوع المسيح اسم بطرس على تلميذه سمعان، كما وعده في لقائهما الأول؟ ومتى وضح يسوع السبب في ذلك؟ وكيف كان شعور يسوع المسيح في ذلك الوقت (أي وقت إطلاق إسم "بطرس" على سمعان، ووقت توضيح سبب التغيير)؟

 

4. ماذا ابتدأ يسوع المسيح يُظهر لتلاميذه، عندما أطلق إسم "بطرس" على سمعان، وعندما وضَّح سبب التغيير؟ (متى 16: 21، يوحنا 14: 15-31، 16: 26، 16: 4-15)؟

 

5. متى بدأ يسوع يبني كنيسته على بطرس؟ أي متى تمت النبؤة التي تحدث عنها يسوع المسيح بمشروع بناء كنيسته، التي سيكون أساسها تلميذه بطرس؟ أي متى بدأ بطرس يستخدم مفاتيح ملكوت السموات التي أعطاها له يسوع المسيح؟

 

6. نستطيع أن نلاحظ أن الرسول بطرس كان لديه دوراً ومسئولية فريدة في تأسيس كنسية يسوع المسيح. إذاً ما هو الدور والمسئولية الفريدة؟ وما هو دور ومسؤلية بقية تلاميذ يسوع المسيح وكل المؤمنين، بضمنهم نحن، في تأسيس كنيسة يسوع المسيح؟

 

7. أين ورد في المقدس ومن قال بأننا نحن، أي الكنيسة، مبنيين على أساس الرسل؟

 

8. إذا فهمنا أنه لم يكن هنالك أي علاقة بين كلمة "الصخرة" وبين تغيير إسم سمعان إلى بطرس (صخر)، فلماذا إذاً غيَّر يسوع المسيح إسم تلميذه من "سمعان" إلى "بطرس"؟

 

9. لقد درسنا أن يسوع المسيح هو الذي يبني كنيسته على الأساس بطرس حسب متى 16: 13-20. ولكننا أيضاً نستطيع أن نجد أن هناك بَنّاءً آخر للكنيسة غير يسوع المسيح في الكتاب المقدس حسب رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس3: 9-11. إذاً فمن هو بناّء الكنيسة؟ وهل تعرفون لماذا قال الرسول بولس ذلك؟

 

10. ما هو عنوان رسالتنا لهذا اليوم؟ وما هو رأيك بهذا الموضوع؟



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6