Thu | 2012.Aug.23

بولس قبيل رحيله


اُذْكُرُوا مُرشِدِيكُمُ الَّذِينَ كَلَّمُوكُمْ بِكَلِمَةِ الله. انْظُرُوا إِلىَ نِهَايَة سِيرَتِهِم فَتَمَثَّلُوا بِإيِمَانِهِم ( عب ١٣: ٧ )

كم هو مؤثر أن نتأمل في المشهد الأخير في حياة بولس، وهو على وشك الرحيل لينطلق ويكون مع المسيح، عندما كتب رسالته الأخيرة إلى ابنه الحبيب في الإيمان تيموثاوس وهو في سجن روما. ماذا كان يعمل، وكيف كان يفكر، وماذا كانت مشاعره وهو يقول: وداعًا. وداعًا لتيموثاوس، وداعًا لكنيسة الله، وداعًا للمشهد كله.

1ـ لقد كان لآخر لحظاته رجل صلاة، حتى في السجن. فكتب يقول:«كما أذكرك بلا انقطاع في طلباتي ليلاً ونهارًا» ( 2تي 1: 3 ). كان ساهرًا ومصليًا كعادته، وعاش ما علَّم به إخوته ( 1تس 5: 17 ).

2ـ كان يُقدِّر الكلمة ويعتز بها، فهي الكلمة الحية الثابتة والباقية إلى الأبد عندما يمضي كل شيء وينتهي بالفشل. ففي كل أصحاح من هذه الرسالة أشار إلى كلمة الله (1: 13؛ 2: 15؛ 3: 15، 16؛ 4: 2).

3ـ كان أمامه «ذلك اليوم» فقد كان يمد البصر إلى كرسي المسيح حيث التقييم الصحيح لكل شيء. كان على وشك الاستشهاد، لكنه كان واثقًا أن المكافأة العظيمة هناك في ذلك اليوم.

4ـ كان يشعر بالهَجْر والترك من إخوته فيقول: «جميع الذين في أسيّا ارتدوا عني» (1: 15)، «ديماس قد تركني» (4: 10)، «الجميع تركوني» (4: 16). كان هذا مؤلمًا، لكنه لم يحمل مرارة تجاههم، لقد تحوَّل إلى الرب ووجد فيه التعزية والتشجيع والتعضيد. «الرب وقف معي وقواني» (4: 17).

5ـ كان هدفه في المحاكمة ليس أن يدافع عن نفسه، بل أن تتم به الكرازة ويسمع جميع الأمم. هذا ما كان يفعله دائمًا في كل مرة وقف يُحاكَم أو يحتج.

6ـ احتاج إلى الرداء الذي تركه في ترواس، وطلب أن يُحضره تيموثاوس له قبل الشتاء، فلم يكن يملك غيره. هذا الرداء الذي يُدفئ الجسد. لكنه طلب أيضًا الكتب والرقوق التي تدفئ الروح. لقد ظل لنهاية حياته يقرأ ويكتب في أقسى الظروف.

7ـ كان أمامه «الرب» صاحب السلطان المُطلق المسيطر على كل الأحداث. فالأمور ليست في يد إسكندر النحاس، ولا نيرون، ولا الشياطين، بل في يد الرب الذي له الكلمة الأخيرة. لذلك نراه يتكلم عن «الرب» ست مرات في الأصحاح الأخير (4: 1، 8، 14، 17، 18، 22). فيا له من مثال رائع نحتاج أن نتمثل بإيمانه!


محب نصيف



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6