Thu | 2012.Aug.09

شمشون غلام عديم الفهم


فَقَالَتْ دَلِيلَةُ لِشَمْشُونَ: أَخْبِرْنِي بِمَاذَا قُوَّتُكَ الْعَظِيمَةُ؟ وَبِمَاذَا تُوثَقُ لإِذْلاَلِكَ؟ ( قض ١٦: ٦ )

افتقر شمشون إلى الحكمة والمنطق السليم في التفكير. فمن الغريب أن تمر به الأحداث وتُحاك ضده المؤامرات، وهو مستمر في انحداره غير عابئ بشيء دون أن يُقيم وزنًا لِما يحدث من حوله!! لقد مرَّت مقابلته للأسد، وهو ذاهب للاقتران بالتمنية، مرور الكرام واكتفى منها بالعسل والأحجية! (قض14). ولنعذره (جدلاً) أنه اعتبره من الأقدار أن يحدث ذلك. فماذا بعد أن تبيَّن له سوء نية الأنسباء الذين ألقى نفسه في أحضانهم؟ إنه لم يكن تصرف بيت حميه فقط، بل تصرف شعب بأكمله؛ أما كان ينبغي أن يقرِّر الابتعاد عنهم، واتقاء شرهم المُضمر له؟!

ثم دعنا نتفحص ما حدث عند دليلة، تلك المرتزقة التي قيل لها: «تملَّقيه ... فنعطيكِ كل واحدٍ ألفًا ومئة شاقل فضة»، لنحكم على طريقة تفكيره. لقد سألته سؤالاً من شقين: قد يمر الجزء الأول من سؤالها دون التفات: «أخبرني بماذا قوتُك العظيمة؟»، لكن أي عاقل يمرِّر الثاني: «وبماذا تُوثق لإذلالك؟»!! شمشون، إنها تريد إذلالك؛ أ فلا تفهم؟ ألا تهرب بحياتك لتنجو؟ ألا تعرف أن «الذكي يُبصر الشر فيتوارى، والحمقى يعبرون فيُعاقبون» ( أم 22: 3 )؟

وسأستمر (جدلاً أيضًا) محاولاً أن ألتمس له عذرًا أنه اعتقدها تمزح مثلاً!! فماذا بعد أن تحقق له بالدليل القاطع أنه ضحية مؤامرة خسيسة إذ وجد الفلسطينيين عليه بالفعل؟! لعلك الآن توافقني أنه لا عذر له في كل ما سبق ( أم 6: 32 ؛ 7: 7؛ 9: 4).

بكل أسف، عاش شمشون وكأن شعار حياته أنه ”لا يعلم“، ”لا يفهم“، ”لا يعي“، ”لا يميز“.

فهو لم يعلم أن كلمة الله هي نبراسه الوحيد الذي إذا تركه سار في الظلام؛ فأغفل مبادئها وضل.

ولم يعلم مَنْ هو عدوه، ومَنْ هو صديقه؛ فعايش، وتوقع الخير مِن، ووثق في، مَنْ حقَّ فيهم القول: «إذا حسَّن صوتهُ فلا تأتمنهُ، لأن في قلبهِ سبع رجاسات» ( أم 26: 25 ).

ولم يفهم معاملات الله؛ فما استوقفته نصيحة، ولا حرَّكه حَدَث ليراجع نفسه.

ولم يَعي أن الفخ هو له، وأن هناك خطرًا، فأسرع إلى نهايته الأليمة بتفاصيلها المروعة.

وفي النهاية ”لم يعلم أن الرب قد فارقه“!!

آه! إننا نرفعها عليه مرثاة، وكذا على كل سائر على دربه!


عصام خليل



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6