Wed | 2020.Nov.04

راحاب والإيمان


«وَسَلْمُونُ وَلَدَ بُوعَزَ مِنْ رَاحَابَ»

كانت رَاحَابُ كنعانية من جنس ملعون، وفوق ذلك هي زانية، خاطئة ضمن الخطاة. والشيء الوحيد الذي يسجله الوحي لصالحها هو الإيمان. ولا جدال في أن إيمانها كان له ثمرة. والرسول يعقوب يتخذ من إيمان رَاحَاب مثلاً، ويسألنا: «كَذَلِكَ رَاحَابُ الّزَانِيَةُ أَيْضًا، أَمَا تَبَرَّرَتْ بِالأَعْمَالِ، إِذْ قَبِلَتِ الرُّسُلَ وَأَخْرَجَتْهُمْ فِي طَرِيقٍ آخَرَ؟» ( يع 2: 25 ). وإنك لتلاحظ هنا أيضًا أن ما يسجله لها الوحي، ليس مما يفتخر به الناس عادة، فلم يكن في ما عملت تضحية أو صلاح بحسب الفكر الإنساني، بل إنه حتى في ذات الحادثة التي أظهرت فيها إيمانها قد كذبت، وكأنها بذلك تقدم لنا صورة جلية للإيمان «الَّذِي لاَ يَعْمَلُ وَلَكِنْ يُؤْمِنُ»، وللنفس الخاطئة التي لا تقدر أن تتبرر سوى قدام الله «ِالَّذِي يُبَرِّرُ الْفَاجِرَ» ( رو 4: 5 ).

ومَنْ ذا الذي يخامره الشك بأن إيمان رَاحَاب هو الذي أدخلها ضمن جدول نسب ربنا يسوع المسيح، كما أن خطية ثامار من قبلها هي التي أدخلتها ضمنه (تك38)؟ لولا الإيمان، لكان الموت نصيب رَاحَاب مع أولئك الذين أُغلقت عليهم أريحا وهلكوا فيها، واحتُسبت امرأة ملعونة في عِداد جنس ملعون. لكن الإيمان نزع تلك اللعنة عنها، وهو الذي أدخلها ضمن شعب الله، وربما هو الذي جذب قلب سلمون نحوها حتى تمت رابطة الزواج، فقيل «وَسَلْمُونُ وَلَدَ بُوعَزَ مِنْ رَاحَابَ» ( مت 1: 5 ).

إن الخاطر الذي يسودني وأنا أتأمل في رَاحَاب، هو القول «الَّذِي لاَ يَعْمَلُ وَلَكِنْ يُؤْمِنُ» ( رو 4: 5 )، الإيمان الذي يُبَرِّرُ الْفَاجِرَ، والذي يثق في ذاك الذي لا يُبَرِّر إلا بهذه الوسيلة أي الإيمان، الإيمان الذي لا يتفرّس في ذاته، والذي لا ينسب لنفسه شيئًا، والذي لا يحتج بأعماله، ولكنه يستحضر النفس لكي تقبل مركز الفاجر أمام الله، لأنه لأجل الفاجر فقط يوجد التبرير.

ف. و. جرانت



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6