Tue | 2021.Apr.13

تحريك العش


«كَمَا يُحَرِّكُ النَّسْرُ عُشَّهُ وَعَلى فِرَاخِهِ يَرِفُّ ... وَيَحْمِلُهَا عَلى مَنَاكِبِهِ»

في نشيد موسى الخالد الذي اختتم به حديثه لشعبه، يحملنا الخيال على أجنحة الريح لنقف بجانب عش أحد النسور في قمم الجبال الشامخة، حيث نجد مفتاحًا لإدراك طرق معاملة الله للإنسان. عندما تكبر فراخ النسر، ويكون في استطاعتها الطيران، تلازم عُشها، ولا تتجاسر أن تزج بنفسها في الجو الذي لم تختبره بعد، ولا تثق في أجنحتها. ولكنها يجب أن تتعلَّم الطيران. هنالك سعادة وأمجاد تنتظرها في الفضاء الفسيح المترامي الأطراف لا تُقاس بجانبها سعادة العش الخشن الذي نشأت فيه، لذلك يحرك النسر عُشه فيدفعها منه.

ويا له من رُعب لا مزيد عليه يملأ قلب النسور إذ ترى ذلك العش قد تهدَّم، وتتوهم أنها - وقد أُلقيَ بها في الجو - قد أصبح مصيرها الهلاك المُحقق! ولكنها عندما ترى كيف حملها الهواء على أجنحته، وعندما تختبر عمليًا لذة حرية الطيران وسعادته، تحس بأنها مَدِينة بالشكر الذي لا يُعبَّر عنه نحو الأب الذي لم يحجم عن تلك العملية المُزعجة، والذي يظل مُلازمًا فراخه بجانبها مستعدًا لأن يحملها لو خانتها قواها، ويرفعها إلى فوق. وهنالك في كَبد السماء يتركها ثانيةً ثم يتلقاها مرةً أخرى، وهكذا في كل مرة تزداد فراخ النسر ثقة بنفسها كما تزداد قوة وتتفتق موهبة الطيران التي كانت لا تحس بها وهي مُلازمة لعُشها.

هذا مَثَل جميل يمثل الحياة البشرية. فإننا جميعًا نميل إلى مُلازمة العش القديم، الموطن القديم الذي وُلدنا فيه، الأشخاص الأعزاء المُخلصين الذين يستطيعون حمايتنا والدفاع عنا، المكان الذي أصبحنا فيه معروفين. على أن محبة الله العظيمة قد ادخرت لنا أمورًا أفضل. إن اليد التي ثُقبت بالمسامير، هي التي تحطم عش الماضي، وتومئ إليك مُشيرة إلى الحقائق المباركة التي لم تختبرها، والتي تنتظرك.

ف. ب. ماير



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6