Sun | 2019.Jul.14

سبَّحوا وخرجوا


«ثمَّ سَبَّحُوا وَخرَجُوا إِلَى جَبَلِ الزَّيتونِ»

مع أننا نعتقد أن حياة المسيح هنا ميَّزها التسبيح في العديد من المناسبات، لكننا بحسب ما نعرف من الوحي هذه هي المناسبة الوحيدة التي سُرَّ الروح القدس أن يُخبرنا أن المسيح سبَّح فيها، وأنه سبَّح مع تلاميذه. والتسبيحة التي قيلت في تلك المناسبة، كما يُرَجِّح معظم المفسرين، هي تلك المعروفة بمجموعة مزامير ”الهلَل“، أي مزامير التهليل، ففي مناسبة الفصح كانت العائلة تُسَبِّح هذه المزامير 113-118. والمزمور الأخير 118 هو في تمام الموافقة مع رحلة المسيح وآلامه الرهيبة التي كان مزمعًا القيام بها. فإن كان ذلك كذلك فهذا التسبيح شمَل مزمور 116 الذي هو نُطق المسيا نفسه، محتفلاً بإنقاذ الرب له من الموت. وكم هو مناسب أنه قبل الدخول إلى مشهد الآلام الرهيب، كان الرب يتوقع الإنقاذ منه، بل ويتوقع الرِفعة والمجد من بعده، فيعلن أن «الحجَرُ الذي رفضَهُ البَنَّاؤُونَ، قد صارَ رأسَ الزَّاوية» ( مز 118: 22 ). لقد ختم الرب وتلاميذه مشهد العشاء بهذه التسبيحة، التي تُختم بالكلمات: «أَوثِقُوا الذبيحَةَ برُبُطٍ إِلَى قرونِ المذبَحِ» ( مز 118: 27 )، فالمسيح كان في تمام الاستعداد أن يمضي إلى الجلجثة ليكون هو الذبييحة التي تُبْطِل الخطية، وتُخَلِّص البشـر الخطاة، وتُمجِّد الله القدوس. ويقينًا فإن المسيح هو الذي قاد التلاميذ في هذه التسبحة. ولا نعرف بأي روح سبَّح التلاميذ هذه المرة، فلقد كانوا في حالة من الحزن والحيرة. أما هو المزمع أن يمضـي إلى جثسيماني وجباثا وجلجثة، فما أسماه إذ مضـى وعلى فمه وفي قلبه كلمات تلك المزامير العظيمة!

وإِذ نرَاكَ فِديةً يا ربَّنَا الفادي الحبيبْ
أُوثقتَ كالذبيحَةِ حتى إِلى عُودِ الصَّليبْ
لتُضـربَ عَن ذنبنَا وتحملَ الحُكمَ الرَّهيبْ

وبعد التسبيحة خرج المسيح وتلاميذه الأحد عشـر إلى جبل الزيتون. والمسيح - كما نفهم من إنجيل يوحنا - عَبَرَ مع تلاميذه وادي قدرون. وكان هذا الوادي في تلك الليلة مليئًا بالدم والماء. فكانت تُذبح فيه – بحسب تقدير يوسيفوس المؤرخ اليهودي - نحو 250 ألف ذبيحة. وكانت مياه الشتاء ما زالت تملأ الوادي. وخليط الدم والماء حتمًا ذكَّر المسيح بما كان مزمعًا أن يخرج من جنبه، في ختام عمل الفداء العظيم على الصليب.

يوسف رياض



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6