Fri | 2019.Aug.23

توقيت الله


«حِينمَا يَصِيرُ لَكَ خيرٌ ... تذكُرُنِي لِفِرعَونَ، وتخرِجُنِي مِن هَذا البَيتِ»

بعد تفسير الأحلام لكل من ساقي فرعون وخبازه، طلب يوسف من الساقي أن يذكره أمام فرعون، بعد أن يخرج من السجن. ولو كان هناك مَن يُراقب الأحداث دون العلم بنهاية القصة لظن أن هذه اللحظة هي الفاصلة فى حياة يوسف؛ أخيرًا سيتمكن من رفع دعواه للملك! لكننا - عوضًا عن ذلك - نقرأ أكثر الأعداد إحباطًا في سفر التكوين «ولكن لَم يذكُر رئيسُ السُّقَاةِ يُوسُفَ بل نَسِيَهُ» ( تك 40: 23 ).

وبالرغم من اعتقاد مراقب الأحداث أن تلك كانت فرصة ضائعة، إلا أن وقت الله لم يكن قد نضج بعد. وبعد سنتين حلم فرعون أحلامًا غريبة عن بقرات وسنابل قمح، حينئذ تذكَّر الساقي مقابلته مع يوسف.

ولمَّا استدعى فرعون يوسف من السجن، تعجَّب جدًا من البصيرة التى حبَاه الله إيَّاها من جهة تفسير الأحلام، حتى إنه سلَّطه على كل أرض مصـر، فكان وهو في الثلاثين من عمره مسؤولاً عن جمع الطعام خلال سني الشبع السبع، استعدادًا لمواجهة سني الجوع السبع، التي أنبأ الله عنها في حُلم فرعون. وبهذه الطريقة كان يوسف قد تعيَّن لمساعدة، ليس فقط الأُمة المصـرية، بل أيضًا عائلته التي جاءت إلى مصـر طلبًا للطعام أثناء المجاعة.

من وجهة نظرنا نحن لا نرى أي صلاح فيما صادف يوسف خلال 13 سنة، إلا أن توقيت الله ربط كل من هذه الأحداث المؤسفة بالتي تليها. ففي الوقت الذي بيع فيه يوسف عبدًا كان فوطيفار يطلب عبدًا، ثم تبلورت الأحداث ليوضَع في السجن، حيث قابل الساقي الذي نسيه أولاً، لكنه تذكَّره فيما بعد، في وقت أكثر حسمًا. وأخيرًا فإن مركز يوسف المرموق ونفوذه، دعَّم الخير الجسدي لإخوته، وأيضًا استعادهم روحيًا «أَنتُم قَصَدتُم لِي شَرًّا، أَمَّا اللهُ فقَصَدَ بهِ خَيرًا، لِكي يفعَلَ كمَا اليَومَ لِيُحيِيَ شَعبًا كثِيرًا» ( تك 50: 20 ). فكان يوسف مُدركًا أن الله بنفسه هو مَن رتب هذه الأحداث.

وربما نواجه نحن أيضًا أحداثًا تتطلب الصبر الكثير لمواجهة الشدائد والظلم، لكن حياة يوسف تُذكِّرنا بأن الله صاحب السلطان، وأنه دائمًا مُمسك بزمام الأمور، وأنه يجعل كل الأشياء تعمل معًا للخير، فى الوقت المناسب بالضبط. لذا دعنا في تجاربنا، نتشجع لأن نصبر ونثق فيه «انتَظِرِ الرَّبَّ واصبِر لَهُ» ( مز 37: 7 ).

ستيفن كامبل



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6