Wed | 2019.Sep.18

الإيمان والأعمال



«قَايِينَ قَدَّمَ مِن أَثمَارِ الأرضِ ... وقَدَّمَ هَابِيلُ أَيضاً مِن أَبكَارِ غَنمِهِ ومِن سِمَانِهَا»

يُمثل قايين طبقة كبيرة جدًا من المسيحيين بالاسم، الذين يسلكون طريق الإرادة الذاتية والاستحسان الذاتي، فيما يخص الله. لقد كان يريد الاقتراب إلى الله، وهذا أمر صالح في حد ذاته: لكنه يريد أن يفعل هذا حسب طريقه هو، وليس بالطريقة التي حدَّدها الله.

والواقع أن قايين وهابيل يقسمان الجنس البشـري إلى قسمين؛ رَجُل الإيمان ورَجُل العالم. ومع ذلك فقد كان قايين رجلاً مُتدينًا يعبد الإله الحقيقي، ولكن بدون إيمان ليرى خطيته وخرابه، وبدون إيمان ليُدرك دينونة الله ضد الخطية. وهذه حالة وصِفَة جماهير غفيرة من المعترفين بأنهم يعبدون الإله الحقيقي. فقد قدَّم قايين من الشـيء الذي تعب فيه ”بعرَقِ وجههِ“ ( تك 3: 19 )، كما هو مكتوب «قدَّمَ من أَثمَارِ الأَرضِ قُربانًا للرَّبِّ» ( تك 4: 3 ). ولكن مع أنه كان رجلاً مُتدينًا، لم يكن له ضمير أمام الله، فلم يُفكر في مطاليبه ولا في حقوقه، بل كانت الذات هي محور تفكيره، وبعبارة أخرى لم تكن في قلبه محبة الله ولا إيمان بكلمته.

أما هابيل فقد جاء كساجد في طريق الإيمان، مُعترفًا بخراب حالته، وبدينونة الله ضد الخطية. لقد عرف بأنه مطرود من الجنة، وأن الخطية قد حَالَت بينه وبين الله. فماذا يفعل؟ إنه لا يستطيع الاقتراب من الله بحالته التي كان عليها، لأن أُجرة الخطية موت، ولذلك فقد أخذ مركز الخاطئ الهالك. وبالإيمان وضع دم الذبيحة التي بلا عيب بين نفسه وبين إله القداسة، بعد أن نفَّذ فيها حكم الدينونة. وهذا هو دائمًا شأن الإيمان الذي لا يمكن أن يفوته إدراك الحقيقة العظمى، وهي أنه «بدُونِ سَفكِ دَمٍ لا تحصُلُ مَغفِرَةٌ» ( عب 9: 22 ).

«وقدَّمَ هابِيلُ أَيضًا مِنْ أَبكارِ غنمهِ ومن سِمَانِها. فنظرَ الرَّبُّ إِلى هابيلَ وقُربَانهِ» ( تك 4: 4 ). هنا نرى الموت والدم والشحم (أو ”فضل“ الذبيحة)، وهي تُمثل معًا – من الوجه الرمزي – كمال غفران الخطايا بواسطة الإيمان بذبيحة المسيح الثمينة، والقبول في فضائل الرب المحبوب والمُخلِّص. وهذه هي محبة الله الكاملة للخاطئ الهالك. فهو لكي يسد حاجته لم يعز عنه شيئًا، ولا حتى ابنه الوحيد المحبوب «لأَنَّهُ جعلَ الذي لَم يَعرِف خطيَّةً، خطيَّةً لأَجلنا، لنصيرَ نحنُ برَّ الله فيه» ( 2كو 5: 21 ). ومن هنا يستطيع الإيمان أن يهتف هتافه الواثق: «الذي لَم يُشفِق على ابنهِ، بل بذلَهُ لأَجلِنا أَجمَعِينَ، كيفَ لا يهَبُنا أَيضًا معهُ كلَّ شيءٍ؟» ( رو 8: 32 ).

أندرو مِلر



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6