Sun | 2019.Sep.01

الخادم والنبي


«بَدءُ إِنجيلِ يَسُوعَ المَسِيحِ ابنِ اللَّهِ»

وقع الاختيار الإلهي على مرقس ليُظهر لنا ابن الله عاملاً بالنعمة المتواضعة والخضوع الكامل للآب، بصفته عبد الله القدوس ونبيَّه الكامل، فيدخُل على التو في لُب موضوعه، فيُقدِّم لنا في الستة عشـر أصحاحًا صورة الخادم ”المشغول“ بعمل من أعمال الرحمة تلو الآخر، هارعًا من مكان إلى مكان، صانعًا مشيئة أبيه. ومن حيث أننا لسنا معنيين بنَسَب خادمٍ أو عبد وإنما بمقدرته، فلا يَرِد في هذا الإنجيل ما يَمّت بصِلَة إلى نسَب الرب، بل يُطالعنا سجلٌّ مدهش عن النشاط في القيام بأعمال الخير، وفي إطلاع الناس على فكر الله. ويستخدم مرقس اللفظة ”للوقت“ حوالي أربعين مرة، ويكاد أن يُماثل هذا العدد مجموع ما وردَت فيه هذه اللفظة، أو ما كان بمعناها، في كل العهد الجديد. ولأن ”عمل الله يقتضـي سرعة“، فإن يسوع كان دائب الانهماك في العمل العظيم الذي من أجلهِ جاء إلى العالم.

إن غرض مرقس الفائق هو إظهار محبة الله الفاعلة في يسوع المسيح، هذه المحبة التي تخدم المحتاجين من الناس، وتسعى وراء الخطاة، وتُخلِّص كل مَن يتكل على المسيح.

ولقد اختلفت الطريقة التي تُعرَض بها ذبيحة المسيح في كل مِن الأناجيل، وذلك طبقًا للذبائح اللاوية. فيُحدّثنا يوحنا عن موت الرب على أنه المُحرقة؛ عن وضع الابن لحياته لكي يُمجِّد الآب في مشهد أهانته فيه الخطية. ويرسم لنا لوقا تلك الذبيحة العظيمة باعتبارها ذبيحة سلامة، إذ يتكلَّم عن المسيح صانعًا سلامًا بدم صليبه، بحيث يتصالح الله والإنسان، فتقوم بينهما شركة مقدسة. أما متى، كما يليق بمَن موضوعه حكم الله، فيُقرن عمل الصليب بذبيحة الإثم، حيث كان في وسع الرب أن يقول: «حينئذٍ رَدَدْتُ الذي لَم أَخطَفهُ» ( مز 69: 4 ).

بيد أننا في إنجيل مرقس، نتفرَّس بروعة ودهشة، في القدوسُ «الذِي لَم يَعرِف خطيَّةً»، وقد جَعَله الله «خطيَّةً لأَجلِنَا، لنصير نحنُ برَّ الله فيه» ( 2كو 5: 21 ). إن ذبيحة الخطية العظيمة هي التي أمامنا، فنرى المسيح مائتًا، لا لأجل الآثام التي ارتكبناها فحسب، بل لِما نحن عليه بالطبيعة، لكوننا خطاة، الأمر الذي يُبرهن عليه ممارساتنا أيضًا.

كان لإشعياء أن يتنبأ عن المسيح بوصفه خادم يهوه (أو عبد الرب) المتألم (إش52؛ 53). ولقد تنبأ موسى عن ظهور نبي تكون كلمته القول القاطع عن كل سؤال ( تث 18: 15 -19). وكان مرقس هو البشير الذي انتقاه الروح القدس ليُصوِّر لنا الرب وهو يقوم بهاتين المهمتين: الخادم والنبي.

أيرنسيد



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6