Tue | 2021.Mar.16

نجنا فإننا نهلك!


«فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَأَيْقَظُوهُ قَائِلِينَ: يَا سَيِّدُ،نَجِّنَا فَإِنَّنَا نَهْلِكُ!»

تصرُّف التلاميذ هذا يدُّل على عدم إدراكهم لمجد ذلك الشخص العجيب النائم معهم. فهم لو عرفوا قدره، لمَا خافوا، إذ إن معهم “عمانوئيل”، الذي قَبِل أن يأتي في صورة إنسان لتتميم مشورات الله الأزلية؛ ولَمَا ساوَرهم الشك لحظة واحدة في غرق السفينة. فهو نفسه الذي قيل عنه في سفر أيوب: «حَجَزَ الْبَحْرَ بِمَصَارِيعَ ... جَزَمْتُ عَلَيْهِ حَدِّي، وَأَقَمْتُ لَهُ مَغَالِيقَ وَمَصَارِيعَ، وَقُلْتُ: إِلَى هُنَا تَأْتِي وَلاَ تَتَعَدَّى، وَهُنَا تُتْخَمُ كِبْرِيَاءُ لُجَجِكَ» ( أي 38: 8 -11). أَ كان يمكن للبحر أن يبتلع خالقه؟! لذلك لو كانت معرفتهم عنه كاملة، وإيمانهم كبيرًا، لاقترب كل واحد منهم إلى المسيح ووضع وسادته إلى جواره ونام، بالرغم من البحر الهائج. إذ لا يمكن أن تغرق سفينة فيها يسوع!

لكن من الجانب الآخر، بلجوء التلاميذ إلى الرب، وقولهم له: «نَجِّنَا فَإِنَّنَا نَهْلِكُ!»، فقد تصرَّفوا حسنًا إذ التجأوا إليه. وأفضل شيء للإنسان في خوفه وحيرته، أن يلجأ إلى الرب «فِي يَوْمِ خَوْفِي، أَنَا عَلَيْكَ أَتَّكِلُ» ( مز 56: 3 )، وأن يذهب بحيرته إلى ذاك العجيب المُشير ( إش 9: 6 ). وحسنٌ لمَن يواجه الهلاك، أن يصرخ للمسيح المخلص الوحيد طالبًا النجاة ( مز 107: 23 -30).

وقول المسيح للتلاميذ: “يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ”، سببه أنه كان قد أمر بالذهاب إلى العبر. فهل مَن أمر بالذهاب إلى العبر (ع18) سيتركهم يهلكون وسط المياه؟ وهل سيغرق فى المياه أيضًا الرب رفيقهم؟ فطالما أنه أمر بالذهاب إلى العبر فلا بد أنهم سيصلون إلى هناك، مهما كانت مخاطر الرحلة. وطالما هو معهم فهم في أمان.

وكما قام المسيح هنا من النوم، وأتى بالسلام لركاب السفينة، فقد قام بعد ذلك من بين الأموات، وأتى بالسلام للملايين. وعن قريب جدًا سيقوم عن عرشه ويأتي بالسلام لكل الخليقة، فيسود في كل الكون “هُدُوءٌ عَظِيمٌ”.

يوسف رياض



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6