«أَفرايِمُ صارَ خُبزَ مَلَّةٍ لَم يُقلَب» ( هو 7: 8 ) .. هذا تشبيه تصوري معروف في إسرائيل، فكم من ربة بيت إسرائيلية اختبرت هذا الاختبار المؤسف عندما تخبز كعكة احترق جانب منها، والجانب الآخر ظلَّ نيئًا لم تمسه النار. هذه الكعكة (خُبز المَلَّة) تُخبَز عادةً على سطح ساخن من صاج أو حجر، فيحترق سطحها المُلامس للصاج أو الحجر، ويجب أن تُقلَب على وجهها الأعلى حتى تتوزع الحرارة على العجين كله، لكن أفرايم مثل كعكة نصفها تفحَّم من الاحتراق، ونصفها عجين طري.

وكثيرون منَّا مثل أفرايم في خُلقهم وصفاتهم، ففيهم نواحِ أدبية رفيعة وعالية، وفيها نواحِ أخرى بدائية متخلِّفة. وكلنا بصفة عامة، إلى درجة ما نرغب في قداسة جزئية لأننا لا نريد أن نقلب بعض الجوانب فينا لتواجه فعل الروح القدس المُقدِّس. كم من قديسين ينظرون إلى الحق كمُجرَّد تعليم، بينما يتساهلون في السلوك في ذلك الحق من يوم إلى يوم! قد يكونون من الناحية التعليمية أصحاء، لكنهم من زاوية الاختبار العملي هم مُتساهلون، وغير مُبالين. نرى البعض يفهمون الكلمة بتدقيق، ولكنهم بلا نعمة. والبعض أسخياء في العطاء، لكنهم سريعو الغضب وعنفاء. والبعض يتشدَّدون في الحق سلوكًا وتعليمًا، لكنهم بطيئو القلوب في المحبة.

أما الرب يسوع فهو وحده الذي تساوَت فيه القداسة، ومن كل جوانبه تشتهيه النفوس؛ مملوء نعمة وحق. فيه ترى الصـراحة واللطف في توازن كامل. وما قيل عنه قط، ولا يمكن أن يُقال عنه «خُبزَ مَلَّةٍ لَم يُقلَب».

إنه من المألوف أننا نُسرف في إتقان نوع من الشغل نكون شغَوفين به، وأن نُهمِل الشغل الذي لا نميل إليه. والنواحي التي تنشط فيها طاقاتنا هي التي نُزيدها تحسينًا، والنواحي الخاملة فينا نتركها ليتراكم فوقها الصدأ. ومُحب الدرس يُنمي طاقات ذهنه بينما يضمر جسده. لكن الكتاب يُحرِّضنا أن نُنمي النواحي الضعيفة فينا «لِكَي تَثبُتوا كاملينَ ومُمتلئينَ فِي كُلِّ مشيئةِ اللهِ» ( كو 4: 12 ).

والحقيقة التي تُطمئننا هو أن النار ما زالت تتقد تحت الكعكة؛ أي أن هناك فرصة لكي نقلب الكعكة، ونستكمل نُضجها. هذا التقليب هو عملنا نحن لكي يكمل الناقص من صفاتنا وخُلقنا. فلنفسح المجال لعمل الروح القدس لكي يُقدِّسنا بالتمام.

أيرنسايد