Fri | 2020.Jul.17

أُنقذهم وأُصعدهم


«قَدْ رَأَيْتُ مَذَلَّةَ شَعْبِي ... فَنَزَلْتُ لِأُنْقِذَهُمْ ... وَأُصْعِدَهُمٍْ»

ظهر ملاك الرب لموسى «بِلَهِيبِ نَارٍ مِنْ وَسَطِ عُلَّيْقَةٍ. فَنَظَرَ وَإِذَا الْعُلَّيْقَةُ تَتَوَقَّدُ بِالنَّارِ، وَالْعُلَّيْقَةُ لَمْ تَكُنْ تَحْتَرِقُ!». أمر عجيب! إذا كان الله قد أعلن عن ذاته في قداسته المُطلقة التي تلتهم كل ما هو مُضاد لها، فَمَنْ يستطيع الوقوف؟ ولكنه قد جاء إلينا، وأظهر ذاته بنعمة متفاضلة في ربنا يسوع المسيح. لقد ستر مجده في ذلك الإنسان المتواضع. ولكن رغم ذلك، فقد كانت صفات الله ظاهرة بوضوح في ابنه الإنسان يسوع المسيح. فكما أن الشمس في اختراقها للسُحب، تُبرهن على قوة أشعتها بالضوء والحرارة اللذين توصلهما للأرض، هكذا الرب يسوع، في طريق خدمته وتعبه، ورغم تواضعه في هذا الطريق، نشر أشعة محبته ونوره لتدخل إلى قلوب أولئك الذين اخترقت حاجتهم قلبه أيضًا. لقد جاء إلى هذا العالم الهالك المسكين، في نعمة غنية، ليطلب ويُخلّص ما قد هلك. وبهذه الطريقة، استطاع الله، الذي هو نار آكلة، أن يُعلن عن ذاته، دون أن يلتهم الإنسان، لأنه كان يُعلن عن نفسه في النعمة، ولكن النعمة التي تملك بالبر.

وقد أعلن الله قصده لموسى: «نَزَلْتُ لِأُنْقِذَهُمْ ... وَأُصْعِدَهُمْ مِنْ تِلْكَ الأَرْضِ إِلَى أَرْضٍ جَيِّدَةٍ وَوَاسِعَةٍ». وهنا لا يذكر الله كلمة واحدة عن البرية، وعن سنواتها الأربعين الممتلئة بالعناء. كانت خطته أن يمتحنهم هناك، ولكن قصده كان أن يُحضـرهم إلى المكان الذي يستطيع فيه أن يسكن بينهم، إلى أرض «مِنْ مَطَرِ السَّمَاءِ تَشْـرَبُ مَاءً. أَرْضٌ يَعْتَنِي بِهَا الرَّبُّ إِلهُكَ. عَيْنَا الرَّبِّ إِلهِكَ عَليْهَا دَائِمًا مِنْ أَوَّلِ السَّنَةِ إِلى آخِرِهَا» ( تث 11: 11 ، 12). هكذا بالنسبة لنا نحن شعب الله السماوي؛ إن قصد الله أن يُحضـرنا إلى مكان يُشبع قلبه، حيث يُمكنه أن يسكن بيننا، ويتمتع بنا نحن شعبه. لقد افتدانا الله لكي يُدخلنا إلى السماء، إلى حضرته المُباركة، وذلك لمجده ومجد ابنه.

ف. ج. باترسون



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6