Sun | 2020.Feb.09

بكى يسوع


«فَلَمَّا رَآهَا يَسُوعُ تَبْكِي ... بَكَى يَسُوعُ» ( يوحنا ١١: ٣٣ -٣٥)

قبل أن يُقيم الرب ابنة يايرس، رثى للأب وشجعه، وقال للجموع المحيطة بجثة الصبية «لاَ تَبْكُوا». وقبل أن يُقيم ابن الأرملة، فإنه تحنن عليها وقال لها «لاَ تَبْكِي». أما في بيت عنيا، فعندما لمس الحزن أحباءه وقديسيه، فإنه «فِي ... ضِيقِهِمْ تَضَايَقَ»، ولم يقل لمريم لا تبكي، بل «بَكَى يَسُوعُ»!

وفي يوحنا11: 33-35 نقرأ عن البكاء ثلاث مرات. المرة الأولى عن بكاء مريم، والثانية عن بكاء اليهود (ع33)، والمرة الثالثة عن بكاء المسيح (ع35). لكنها ليست نفس الكلمة في المرات الثلاث. فكلمة “البكاء” بالنسبة لمريم ولليهود تعني البكاء بصوت مرتفع. وأما بالنسبة للمسيح فهي كلمة مختلفة تعني حرفيًا “ذرف الدموع”. فالمسيح لما رأى مريم تنتحب، واليهود الذين معها ينتحبون، فلقد تأثر بحزنهم الشديد وضعفهم الواضح أمام الموت، وإذ تحركت مشاعره، فإنه في إنسانية كاملة “ذرف الدمع”.

«بَكَى يَسُوعُ» ... مَنْ يسبر غور هذه الأعجوبة؟! ابن الله يبكي؟! وماذا تحكي لنا دموع المسيح هذه؟ يقينًا هي تحكي لنا رثاءه لأحبائه، وتعاطفه مع الأختين. أليس هو المكتوب عنه: «فِي كُلِّ ضِيقِهِمْ تَضَايَقَ» ( إش 63: 9 )؟ لكن فيها شيئًا أكثر من مجرد الرثاء، فيها الشعور بما سببته الخطية من نتائج مُحزنة للبشر.

وإذا كانت دموع داود تُحفظ عند الرب في زِقه ( مز 56: 8 )، ففي أي مكان ينبغي أن تُحفظ دموع ربنا يسوع؟! وإذا كانت دموعنا مُقدَّرة عنده، فكيف لا يكون لدموعه كل التقدير عندنا؟! أصاب أحد الشـرَّاح الأفاضل عندما علَّق على هذه الآية القصيرة «بَكَى يَسُوعُ»، فقال: “إنها قصيدة مُركزة في نبرة، وبحر خضم متجمع في قطرة، وأبدية طويلة مُختزلة في لحظة، وثروة هائلة مُختزنة في لؤلؤة”.

يوسف رياض



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6