Sat | 2018.Jan.27

روحُ الحقِّ


يُرْشِدُكُم إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ ... ويُخبرُكُمْ بأُمُورٍ آتِيَةٍ

كم هي نافعة خدمة الروح القدس كما تُبيِّن الآيات يوحنا 16: 13- 15. ويمكن تقسيمها تحت ثلاثة عناوين: «هُوَ يُرْشِدُكُمْ ... وَيُخْبِرُكُمْ ... ذَاكَ يُمَجِّدُنِي».

فالروح القدس يُرشد التلاميذ إلى جميع الحق (ع13): في الآية السابقة أشار الرب أن «إِنَّ لِي أُمُورًا كَثِيرَةً أَيْضًا لأَقُولَ لَكُمْ، وَلَكِنْ لاَ تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَحْتَمِلُوا الآنَ» (ع12). ولكن عندما يقبلون الروح القدس ينالون ”المَسْحَة“ التي يتكلَّم عنها 1يوحنا 2: 20، 27 «لَكُمْ مَسْحَةٌ مِنَ الْقُدُّوسِ وَتَعْلَمُونَ كُلَّ شَيْءٍ ... تُعَلِّمُكُمْ هَذِهِ الْمَسْحَةُ عَيْنُهَا عَنْ كُلِّ شَيْءٍ»؛ سيكون لهم القدرة على الفهم. ولذلك عندما جاء الروح القدس، قال الرب من خلاله الأشياء الكثيرة التي كان ينبغي أن يقولها. والرسل، بلا شك، هم أساسًا الموضوع هنا، ولكن كثمرة لهذا الإرشاد إلى كل الحق، كُتبت الرسائل، وبذلك وصل كل الحق إلى دائرة عِلم كل القديسين على مدى الأجيال، إلى أيامنا هذه.

والمهمة الثانية للروح القدس هي أن يُخبِر التلاميذ بأمور آتية (ع13): وكثمرة لهذه الخدمة الخاصة للرسل، صار لدينا ”سفـر الرؤيا“، وكذلك فصول مُعيَّنة في الرسائل، وبذلك أُتيح لنا الاستفادة من هذه الخدمة. فبهذه الكتابات النبوية أمكننا معرفة اتجاه الأحداث في الكنيسة، وفي العالم، ولذلك فإننا لسنا في ظلام، مع أن رفض المسيح وغيابه أدخل حقبة في تاريخ العالم تتصف بالظلام.

ثم ثالثًا، مهمة المُعزي هي أن يُمجِّد المسيح، الذي يكرهه العالم (ع14): وهذا يفعله بأن يُعلن لنا ما للمسيح، لكي نكتشف أن كل ما للآب هو له أيضًا. وعلينا ألاَّ يفوتنا المجال الهائل لهذا الإعلان العظيم. نقرأ مرتين في إنجيل يوحنا قبل هذا أن «اَلآبُ يُحِبُّ الاِبْنَ وَقَدْ دَفَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي يَدِهِ» ( يو 3: 35 ؛ 13: 3)، ولكن هذا قد لا يوصِّلنا أبعد من الحقيقة: أنه كان مثل يوسف في مصر مع ممتلكات فرعون، فقد أُوكِلَت إدارتها له. ولكن الحقيقة أبعد من هذا، وهي ما يُعلنه الروح القدس لنا «كُلُّ مَا لِلآبِ هُوَ لِي» (ع15)؛ وهذا ما قاله الابن نفسه وهو ما زال على الأرض في رحلة اتضاعه، وهذا التصريح لا يحده زمن، فهو يتنفس نسيم السرمدية. فكل ما هو للآب له: في الماضي والحاضر وإلى الأبد. وهذا القول يؤكد ألوهيته واتحاده مع اللاهوت. وإقرار خدمة المعزي لهذا الأمر تُمجِّد الابن فعلاً.

ف. ب. هول



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6