متى يأتي حضور الرب لحياتنا؟


متى يأتي حضور الرب لحياتنا؟

"الجزء الثاني"

القس عاطف عبد النور

المُقدمة:

يُقال أن كنيسة كانت تُصلي بأن يزيد عدد أعضاءها أكثر من 300 عضو واتفقوا معاً أن يعملوا نهضة انتعاشية لمدة ثلاث أيام وكان خادم من الخدام مشهور جداً بعظاتهِ الممسوحة بالروح القدس وأيضا بالمواهب الروحية وخاصة موهبة الشفاء وبالفعل الكنيسة أعلنت صوم وصلاة لأجل النهضة وفي أول يوم توقعوا قادة الكنيسة بأن المكان سيمتلئ ولكن لم يحدث شيئاً وأيضا اليوم الثاني والثالث وبعد انتهاء النهضة جلسوا قادة الكنيسة مع بعضهم البعض لُيناقشوا السبب وبالفعل الرب كلمهم بأنه لابد أن يعترفوا بخطاياهم الشخصية وفي يوم الأحد والكنيسة ساجدة أمام الرب وقف شيخ من شيوخ الكنيسة وقال: أنا عندي كلام لابد أن أقوله:

أنا يا أخوة وأخوات في يوم من الأيام طلبت مني الأخت/ فلانة أن أساعدها في مشكلة زوجها المريض وقالت بأنهم بحاجة إلى مساعدة مادية لأجل تكاليف العملية الجراحية التي يحتاج إليها زوجها، وبالفعل قمت بجمع تبرعات ولثقة الناس بي أعطوا بطريقة غير عادية لدرجة المبلغ الذي جمعته كان كبير جداً وضحك الشيطان عليَّ وأغراني واخذت من المبلغ كما فعل حنانيا وسفيرة وأنا اليوم بعترف بخطيتي وعلى استعداد كامل أن اعترف للأخت/ فلانة واسترجع المبلغ الذي أخذته.

 

واستكمل حديثه وقال:"أنا الرب وبخني بالروح القدس ولا أُريد أن أكون السبب في تعطيل النهضة الروحية القادمة على حياتي وحياة الكنيسة وأنا اقول لكم جميعاً سامحوني لأني كُنت السبب في فشل النهضة".  

واستخدم الرب هذا الاعتراف الحقيقي بأن كل شخص يعترف للرب ويتوب عن خطيته أمامه والبعض اعترفوا لبعضهم البعض، وأيضا أزواج لزوجاتهم والعكس صحيح.

 

والأحد الثاني من اعتراف كل الكنيسة امتلأ المكان للدرجة أن هناك أشخاص كانوا واقفين وجاء الرب ليس بـــ 300 شخص بل بالمئات وَيُقال أن هذه الكنيسة كانت مفتاح لحضور نهضة حقيقية ليس للكنائس فقط بل لكل المنطقة.

 

 

الملاحظة الهامة:  

أحياناً تمر حياة معظم خدمة الرعاة والقساوسة والمرسلين بل مُعظم الكنائس المحلية في كل مكان بما مرت به هذه الكنيسة ونتساءل هل خطيتي تُعطل حضور الرب في حياة الآخرين؟ هل عدم وحدتنا في الكنيسة كأعضاء جسد المسيح تُعطل حضور الرب؟

 

أخوتي وأخواتي الأحباء:

لا ننسَّى بأننا أعضاء بعضنا البعض في جسد المسيح وخطية عضو فيه يؤثر على باقي المجموعة نتذكر مريم أخت موسى القائد عندما تكلمت مع هارون على موسى ماذا حدث(عد12: 1ــ16)؟

 أولا: (عد12: 9ـ10) فَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَيْهِمَا وَمَضَى. فَلَمَّا ارْتَفَعَتِ السَّحَابَةُ عَنِ الْخَيْمَةِ إِذَا مَرْيَمُ بَرْصَاءُ كَالثَّلْجِ. فَالْتَفَتَ هَارُونُ إِلَى مَرْيَمَ وَإِذَا هِيَ بَرْصَاءُ. 

صارت برصاء وعُزلت خارج المحلة صارت مُنفصلة عن الشعب والتمتع بالحضور الإلهي، وصارت كأنها موقوفة عن الخدمة وهذه مريم النبية.

ثانياً: (عد12: 15ــ16) فَحُجِزَتْ مَرْيَمُ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَلَمْ يَرْتَحِلِ الشَّعْبُ حَتَّى أُرْجِعَتْ مَرْيَمُ. وَبَعْدَ ذلِكَ ارْتَحَلَ الشَّعْبُ مِنْ حَضَيْرُوتَ وَنَزَلُوا فِي بَرِّيَّةِ فَارَانَ.

عطلت مسيرة الشعب لمدة سبعة أيام، وتخيل معي أصبع من أصابع اليدين مجروح سوف يؤثر على حركة الكف بل الذراع كله بل على كل الجسد كله فهو يُعيق حركته وأنا أقول هذه الكلمات الآن صدقنا أصبع من أصابع يدي اليمنى محروق فهو مؤثر على يدي كلها وخاصة الألم الذي يخرج منه فيشعر به كل الجسد ولذلك دعونا نُكمل موضوعنا"متى يأتي حضور الرب لحياتنا" ونأتي للجزء الثاني ونقرأ قراءة كتابية موجودة في(مز133: 1ــ3)هُوَذَا مَا أَحْسَنَ وَمَا أَجْمَلَ أَنْ يَسْكُنَ الإِخْوَةُ مَعًا! مِثْلُ الدُّهْنِ الطَّيِّبِ عَلَى الرَّأْسِ، النَّازِلِ عَلَى اللِّحْيَةِ، لِحْيَةِ هَارُونَ، النَّازِلِ إِلَى طَرَفِ ثِيَابِهِ. مِثْلُ نَدَى حَرْمُونَ النَّازِلِ عَلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ. لأَنَّهُ هُنَاكَ أَمَرَ الرَّبُّ بِالْبَرَكَةِ، حَيَاةٍ إِلَى الأَبَدِ.

1.  المرنم يستخدم كلمة" أَنْ يَسْكُنَ الإِخْوَةُ مَعًا" يستخدم أسلوب التفضيل"هُوَذَا مَا أَحْسَنَ وَمَا أَجْمَلَ" ويستخدم كلمة"مَعًا" وهذه الكلمة معناها: في تناغم مثل الفرقة المُوسيقية/ وأيضاً معناها في وئام/ في جو روحي يَسوده المودة الأخوية والانسجام مع بعضهم البعض بدون تذمر وبدون دمدمة وتأفف

أ‌.    وكلمة" مَعًا"هي موجودة ظاهرياً في(رو8: 28) وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ.    نلاحظ كلمة" كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ" تَعْمَلُ مَعًا أي في تناغم عجيب ورائع وهنا كل الأشياء تعمل في وحدة وهدف وغاية واحدة بحسب فكر الله الآب لنا للخير.

ب‌.  وكلمة"مَعًا"هي موجودة ضمنباً(مت18: 19) وَأَقُولُ لَكُمْ أَيْضًا: إِنِ اتَّفَقَ اثْنَانِ مِنْكُمْ عَلَى الأَرْضِ فِي أَيِّ شَيْءٍ يَطْلُبَانِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُمَا مِنْ قِبَلِ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.  في كلمة"إِنِ اتَّفَقَ اثْنَانِ"فالرب يسوع يؤكد على الحالة القلبية التي يجب فيها الشخصان اللذان يطلبان من الآب السماوي فكلمة" اتَّفَقَ"معناها إنسجام وهي ذات الكلمة التي تُستخدم في الموسيقي عندما تعزف الفرقة مقطع أو لحن مُعين فكل الآلات تكون على نغمة واحدة في الأوتار وهو اتحاد في الآلات الموسيقية حتى لا يكون اللحن شاذاً.

مثلا: كلنا نُلاحظ لما ندعو مُرنم ممسوح ومعروف أن يقودنا في فترة التسبيح بالكنيسة ويكون هذا المرنم يعزف على أي آلة موسيقية مثل: العود أو الجيتار وعندنا بالكنيسة أورج وشخص يعزف عليه فنجد هذا المرنم العازف على الجتيار والأخ العازف على الأورج قبل بداية الاجتماع بالكنيسة"أن المرنم يضبط نوع النغمة بذات النغمة على الأورج"حتى لا يكون هناك أي خلل في النغمة واللحن.  

هذه الصورة الرائعة التي يُعبر عنها المرنم في علاقة العابدين مع بعضهم البعض فالله الآب يري حالة القلوب ودوافع قلوبنا كجسد المسيح هل فينا واحد في وقت عبادتنا لله الآب عنده موقف تجاه أخوه؟ أو هل الأخت العابدة اللي بجوارها أخت عابدة أخرى بينهما مودة ناتجة عن المحبة الأخوية الصادقة؟

وجودنا مع بعضنا البعض في محضر الله الآب بمحبة قلبية صادقة وفي تناغم رائع يجعلنا نعكس صورة المحبة والوحدة الموجودة في تناغم رائع بين: الله الآب، الله الابن، الله الروح القدس، وبالتالي نجعل الروح القدس يأتي بمجد الرب يسوع في وسطنا ونلمس حضوره ليس في تعزية ترنيم أو عظة ولكن هذا المجد الإلهي يُطلق فينا قوة يسوع المقام وروح القيامة فتأتي النهضة الحقيقية لحياتنا.

كُلنا نشتاق كرعاة كنائس، كمرسلين حول العالم، كأعضاء جسد المسيح في كل مرة نأتي فيها إلى الله الآب لكي نرى المجد الإلهي الذي لنا في يسوع المسيح بالروح القدس.  أن نرى المجد الذي نحن ننسَّى أننا منظراً للعالم، وللناس، وللملائكة. الآب يعكس  

الإنسجام والتوافق مع بعضنا البعض هو ناتج عن قرار إرادي إن يجتمعوا الأخوة معاً وصورة هذه الشركة(الشراكة) يُعبر عنها بالألفة والمودة الناتجة عن المحبة الأخوية الحقيقية لجسد المسيح أي كنيسته في أي مكان وزمان.

 

2.    تشبيهات العلاقة التي فيها الألفة والمحبة بين الأخوة:

أ‌.   التشبيه الأول(مز 133: 2) مِثْلُ الدُّهْنِ الطَّيِّبِ عَلَى الرَّأْسِ، النَّازِلِ عَلَى اللِّحْيَةِ، لِحْيَةِ هَارُونَ، النَّازِلِ إِلَى طَرَفِ ثِيَابِهِ.   يُعتبر هذا المزمور من مزامير المصاعد والشعب كان يذهب لكي يعبد الرب سواء في الأعياد أو المناسبات أو الاحتفالات الدينية، فالمرنم يُشبه العلاقة بين العابدين في أجواء الألفة والوحدة والمحبة معاً بتشبيه رائع وهو:"مِثْلُ الدُّهْنِ الطَّيِّبِ عَلَى الرَّأْسِ"وكلمة الدَهْنِ هو الزيت المقدس أو المسحة الخاصة التي لها مواصفات سماوية بناءًا على طلب الرب من موسى له على الجبل أن يصنعها وهي ذات تركيب إلهي عحيب لها رائحة طيبة تُسكب عند مسح هذه النوعية:الملوك، الكهنة، الأنبياء.

 

يقول المرنم لنا أن العلاقة الروحية الصحيحة بين الأخوة معاً يجعل رائحتهم عطرة تُعطر المكان الذي هم فيه لذلك يا أحبائي إن المكان لا يُقدسنا بل نحن نُقدس المكان بسبب وجود الرب يسوع في حياتنا.

 

ونحن مجتمعين معاً بأي مكان وفي أي زمان من خلال أجواء الألفة والمودة والمحبة الحقيقية لبعضنا البعض فنحن رائحة المسيح الزكية لله وأيضا نحن رائحة حياة نحن رائحة الحب الإلهي الذي ينبع من مكان الجلجثة فنحن الرائحة الطيبة والمسحة الرائعة التي فينا التي لا يمكن للعالم كله أن يُقلدها وهذه المسحة"الروح القدس الذي يسكن فينا". هللويا

 

ب‌.  التشبيه الثاني(مز 133: 3) مِثْلُ نَدَى حَرْمُونَ النَّازِلِ عَلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ.   المرنم يتحدث عن "مِثْلُ نَدَى حَرْمُونَ" ومعنى حرمون الجبل المقدس وهو قمته عالية جدا لذلك يسقط عليه الندى بطريقة رائعة والندى في الكتاب المقدس يُعطي لنا صورة عن الهدوء في سقوطه وهو يرمز إلى الانتعاش وأيضا"النَّازِلِ عَلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ". جبل صهيون هو مكان مُشمش وهو يُطلق على شعب الرب.

3.  أجواء العلاقة النقية هو مكان البركة الإلهية(حضور الرب)(مز133: 3ب) لأَنَّهُ هُنَاكَ أَمَرَ الرَّبُّ بِالْبَرَكَةِ، حَيَاةٍ إِلَى الأَبَد. ِ  وهذا تأكيد على المكان الذي يُسكب فيه البركة  

صلاة

يارب يسوع المسيح حقق في حياتي هذا المزمور حتى بركتك أي حضورك العجيب يكون في عائلتي ويكون في خدمتي وفي كلامي.

 

يارب يسوع المسيح اجعل قلبي وقلب زوجتي وأولادي في انسجام وألفة ومودة فنكون في البيت في علاقة دائمة مثل العلاقة التي بين الله الآب، والله الابن، والله الروح القدس.

 

يارب يسوع المسيح اجعلني أنا وزوجتي وأخوتي وأخواتي في علاقة محبة حقيقية تتوافق مع طبيعة محبتك لنا

 

يارب يسوع المسيح اجعل كنيستك في كل مكان في وحدة كاملة بحسب طبيعتك وبحسب فكرك وحقق فينا ككنيسة ما قلته(يو17: 21ــ23) لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِدًا، كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا وَاحِدًا فِينَا، لِيُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي. وَأَنَا قَدْ أَعْطَيْتُهُمُ الْمَجْدَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي، لِيَكُونُوا وَاحِدًا كَمَا أَنَّنَا نَحْنُ وَاحِدٌ. أَنَا فِيهِمْ وَأَنْتَ فِيَّ لِيَكُونُوا مُكَمَّلِينَ إِلَى وَاحِدٍ، وَلِيَعْلَمَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي، وَأَحْبَبْتَهُمْ كَمَا أَحْبَبْتَنِي.        أَيُّهَا الآبُ أُرِيدُ أَنَّ هؤُلاَءِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي يَكُونُونَ مَعِي حَيْثُ أَكُونُ أَنَا، لِيَنْظُرُوا مَجْدِي الَّذِي أَعْطَيْتَنِي، لأَنَّكَ أَحْبَبْتَنِي قَبْلَ إِنْشَاءِ الْعَالَمِ. 

  

 



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6