خروج 3: 1-10


خروج 3: 1-10

 

القس جون جونغ

 

 

لقد كان هناك سيدة إسمها راعوث، توفِّي زوجها دون أن يكون لهما ذُرِّية، وكان من عادات الزواج في إسرائيل أن يتزوَّج الأخ أرملة أخيه لكي يُقيم نسلاً له. وفي حالة عدم وجود أخ للمتوفّى، يقوم أكثر الناس قَرابة له بتحمُّل المسؤلية، ويُدعى هذا الرجل الأقرب بـ"الولي". وفي هذه القصة نجد أحد الأقرباء واسمه بوعز كان ينوي الزواج من راعوث،

 

ولكن كان أمامه عائقاً، وهو أنه كان هنالك ولياً آخر له الحق الأوَّل في الزواج من راعوث لأنه أقرب من بوعز إلى زوجها. لذلك كان على بوعز أن يذهب إليه ويتفاوضُ معه في هذا الأمر. وبعد أن ذهب إليه بوعز، ردَّ عليه قائلاً: أنا لا أريد الزواج منها ويمكنك أنت ذلك. ولكن ذلك لا يمكن أن يتمِّ شفوياً بل يجب أن يتمِّ علانية ورسمية أمام الناس. وأن يقوما بِتبادُل حق المُلكية بينهما أمام الشيوخ وأمام الشعب. إذاً كيف كان يَتِّم ذلك؟ 

 

نجد ذلك في سفر راعوث 4: 7و8،  ((7وَهذِهِ هِيَ الْعَادَةُ سَابِقًا فِي إِسْرَائِيلَ فِي أَمْرِ الْفِكَاكِ وَالْمُبَادَلَةِ، لأَجْلِ إِثْبَاتِ كُلِّ أَمْرٍ. يَخْلَعُ الرَّجُلُ نَعْلَهُ وَيُعْطِيهِ لِصَاحِبِهِ. فَهذِهِ هِيَ الْعَادَةُ فِي إِسْرَائِيلَ. 8فَقَالَ الْوَلِيُّ لِبُوعَزَ: «اشْتَرِ لِنَفْسِكَ». وَخَلَعَ نَعْلَهُ)) " وكانت العادة قديماً في بني إسرائيل، عند إثبات الشِّراء أو المُبادلة، أن يخلع البائِع حذائه ويُعطيه للشاري. فلما قال الولي لبوعز: اشتر لنفسك، خلع حذائه وأعطاه لبوعز".

 

وهذا يعني أن الولي قد تنازل عن حقوق زواجه من راعوث إلى بوعز. إنَّ مَراسيم خلع الأحذية هي خلعٌ للحقوق والمسئولـيّات، بحيث تنتقل تلك الحقوق والمسئوليّات إلى الطرف الذي استلم الأحذية ولبِسَها. إنّ طلب الله من موسى أن يخلع حذائه حينما إلتقى به للمرة الأولى.

 

"موسى موسى! لا تقترب ههنا. إخلع حذائَك من رجليك لأنَّ الموضِع الذي أنت واقف عليه هو أرض مُقَدَّسة"  هل يعني أنَّه لم يكن مقدساً بسبب حذائه؟  أو إنَّ موسى بدون حذائه سيكون طاهراً ومُقَدَّساً، ولهذا السبب أمره الرب بِخَلْع حذائه؟ الجواب كلاّ.  لم تكن المشكلة في حذاء موسى، بل في موسى نفسه. وهكذا نحن أيضاً، إذ كثيراً ما نبحث عن المشكلة في الأشياء المحيطة بنا   ولا ننتبه بأنها داخل نفوسنا. لهذا السبب حَثَّ الرب موسى ليخلع حذائه.  نرى هنا كأنّ الرب يقول لموسى: يا موسى، إخلع حذائك. أي يا موسى سلِّمْني حقوقك، سلمني مسئولية القيادة للشعب، وهكذا أنا سأكون المسئول عنك، فلا تخف....

 

ثم قال الله لموسى : أنا إله أبيك إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب...."(خروج 3: 6) لقد ظهر الله لموسى لكي يُعرِّفُه بأنَّه هو إلهه أيضاً، مثلما هو إله آبائه، إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب. ظهر له لأنه أراد أن يتسلَّم منه حقوقه وصلاحيّاته،  كما تسلَّم حقوق وصلاحيّات آبائه إبراهيم و إسحاق ويعقوب من قَبل. لقد أراد موسى أن يخرج مع شعبه من مصر قبل 40 سنة،  بقوَّته وحكمته وجهوده الذاتيَّة دون الاعتماد أو الاتِّكال على الله،  ولهذا السبب فشل في ذلك. ولكن الله الآن يريد أن يُعَّلِمَهُ بأنَّه سيقوم بذلك من موسى. أما هذه المرة فالأمر مختلف تماماً لأنَّ الله هو الذي سيقوم بذلك بنفسه  وكل ما كان على موسى عمله هو أن يَثِقَ بالله ويعتمد عليه فقط. فأطاع موسى الأمر، وسلَّمَ نفسه للرب متنازِلاً له عن كل حقوقه وصلاحيّاته، حيث خلع حذائه وأعطاه للرب.

 

 وبعدها ابتدأ موسى بإنقاذ وقيادة شعبه من مصر باتجاه أرض كنعان. كان موسى قادراً على القيام بهذه المهمة كقائد لشعب إسرائيل لمدَّة 40 سنة.  "ملقين كلَّ همِّكم عليه، لأنه هو يعتني بكم."(بطرس الأولى 5 :7) "مع المسيح صُلِبْتُ، فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فِيَّ،  فما أحياه الآن في الجسد فإنَّما أحياه في الإيمان، إيمان ابن الله الذي أحبَّني وأسلمَ نفسه لأجلي" (غلاطية 2: 20)

 

دعونا نُصَلِّي : أبانا السماوي القُدُّوس، إننا الآن نخلع أحذِيَتنا، ونُسَلِّمك كل ما لدينا، نسألك أنْ تقوم أنت بقيادة حياتنا كما تشاء. ونحن نثق بك بأنَّك أنت رئيس بيوتنا وراعي كنيستنا وسيِّد حياتنا،  ونحن نتوب إليك لأننا قُمنا بقيادة حياتنا حتى الآن لحظة بلحظة، باركنا لكي نظهر مجدك في كل أيام حياتنا، باركنا لنكون قادرين أن نقول مثل بولس الذي قال: (غلاطية 2: 20) كل هذا نطلبه باسم ربنا يسوع المسيح. آمين.



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6