الفصل الرابع - نعمة الفداء


الفصل الرابع

 

نعمة الفداء

(را 4: 1 – 22)

 

 

1فَصَعِدَ بُوعَزُ إِلَى الْبَابِ وَجَلَسَ هُنَاكَ. وَإِذَا بِالْوَلِيِّ الَّذِي تَكَلَّمَ عَنْهُ بُوعَزُ عَابِرٌ. فَقَالَ: «مِلْ وَاجْلِسْ هُنَا أَنْتَ يَا فُلاَنُ الْفُلاَنِيُّ». فَمَالَ وَجَلَسَ. 2ثُمَّ أَخَذَ عَشَرَةَ رِجَال مِنْ شُيُوخِ الْمَدِينَةِ وَقَالَ لَهُمُ: «اجْلِسُوا هُنَا». فَجَلَسُوا. 3ثُمَّ قَالَ لِلْوَلِيِّ: «إِنَّ نُعْمِيَ الَّتِي رَجَعَتْ مِنْ بِلاَدِ مُوآبَ تَبِيعُ قِطْعَةَ الْحَقْلِ الَّتِي لأَخِينَا أَلِيمَالِكَ. 4فَقُلْتُ إِنِّي أُخْبِرُكَ قَائِلاً: اشْتَرِ قُدَّامَ الْجَالِسِينَ وَقُدَّامَ شُيُوخِ شَعْبِي. فَإِنْ كُنْتَ تَفُكُّ فَفُكَّ. وَإِنْ كُنْتَ لاَ تَفُكُّ فَأَخْبِرْنِي لأَعْلَمَ. لأَنَّهُ لَيْسَ غَيْرُكَ يَفُكُّ وَأَنَا بَعْدَكَ». فَقَالَ: «إِنِّي أَفُكُّ». 5فَقَالَ بُوعَزُ: «يَوْمَ تَشْتَرِي الْحَقْلَ مِنْ يَدِ نُعْمِي تَشْتَرِي أَيْضًا مِنْ يَدِ رَاعُوثَ الْمُوآبِيَّةِ امْرَأَةِ الْمَيِّتِ لِتُقِيمَ اسْمَ الْمَيِّتِ عَلَى مِيرَاثِهِ». 6فَقَالَ الْوَلِيُّ: «لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفُكَّ لِنَفْسِي لِئَلاَّ أُفْسِدَ مِيرَاثِي. فَفُكَّ أَنْتَ لِنَفْسِكَ فِكَاكِي لأَنِّي لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفُكَّ».( را 1:4-6).

 

 

نعمة الفداء

 

 

يعلمنا الإيمان من هو الشخص الذي نتبعه في حياتنا. فمن خلال قصة راعوث، حينما تركت أرض موآب، وذهبت إلى بيت لحم مع حماتها، رغم الأمور التي مرّت بها: فقدان زوجها، وحالة البؤس والشقاء، ولكنها تغلبت على كل هذه الأمور. فيجب على المؤمنين، أن لا يسيروا في الطريق البعيد عن الله. مأساة البشر أنهم اختاروا الطريق الخطأ (غير الصحيح) بقرار بشريّ. حتى الآباء يطلبون منا طريقة مخطئة أو غير صحيحة، ولابدّ لنا أن لا نتبعها. لأنه ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس.

عند خروج شعب إسرائيل من أرض مصر، كان في وسطهم لفيف "غرباء"عن شعب الرب (خر 38:12). وعندما أمر الله إبراهيم ولوط بخروجهما من أور الكلدانين، لم يقل الكتاب أن الله تكلم مع لوط، ولكن كان تابعاً لإبراهيم، ونال نعمة من الله.

 

"5وَأَمَّا الْغَرِيبُ فَلاَ تَتْبَعُهُ بَلْ تَهْرُبُ مِنْهُ، لأَنَّهَا لاَ تَعْرِفُ صَوْتَ الْغُرَبَاءِ(يو 5:10).

"27خِرَافِي تَسْمَعُ صَوْتِي، وَأَنَا أَعْرِفُهَا فَتَتْبَعُنِي"( يو 10: 27).

 

فالمؤمن يتبع الرب فقط، وحينما يخطو الخطوة الأولى من طريقه، فالرب يكمل معه مشوار الحياة إلى النهاية؛ لأن الرب صالح ويقودنا في طريقه. وفداء راعوث ليس من أعمالها، بل بنعمة الله، من خلال بوعز. وحينما نعيش بحسب إرادة الله، تنسكب نعمته علينا كراعوث. فهي أممية من الأمميين، ولكن بعد أن تبعت حماتها، حصلت على البركة. فلذلك أقول ما هو مهم : مَنْ نتبع ؟

 

 

أ.  عملية الفداء.

 

 

قابلت راعوث بوعز، حينما كانت تلتقط السنابل في حقله. وأخيراً تزوجت منه، والرب باركهما. ولذلك ليس هدفنا الحضور إلى الكنيسة، بل عندما ننال نعمة الفداء. وهو ليس بأعمالنا بل من الله كلياً، لأنه أرسل ابنه إلى العالم، وتألم لأجلنا لكي يغفر خطايانا، وهو أنقذنا من خطايانا بسفك الدم الغالي.

 

 

1.  قرار الوليّ

 

العادة المتبعة عند اليهود، أنه حينما يموت الزوج ولم يترك نسلاً، فالأقرب من أهل الزوج يتزوج امرأته، ويقيم منها نسلاً. هذه مسؤولية الوليّ. نفترض مثلاً أنّ أخاً متزوجاً، مات بدون أن يكون له نسلٌ. فإذا كان له أخ آخر يتزوج امرأته، ويقيم له نسلاً (تث 25: 5ـ 6) وفي حالة عدم وجود إخوة، فأقرب شخص يتزوج امرأته. فوليّ عائلة أليمالك، هو شخص أقرب من بوعز الذي يعتبر الشخص الثاني بعد الوليّ. فماذا فعل بوعز؟ صعد إلى باب المدينة واجتمع مع وليّ بيت أليمالك، وأخذ عشرة رجال من شيوخ المدينة. فماذا حدث في هذا الاجتماع؟ طلب بوعز من الوليّ أن يشتري قطعة الحقل من يد نعمِى، وهذا الوليّ أجاب بنعم، لأنه يهتم بقطعة هذا الحقل. وفي الحقيقة أن نعمِى باعت قطعة الحقل للآخرين، ومن حق الوليّ أن يشتري هذا الحقل، حتى يعيد هذا الميراث إلى بيت أليمالك. ولكن بوعز طلب من الوليّ أن عليه مسؤولية، ليست تجاه نعمِى فقط بل راعوث أيضاً. ولكن الوليّ لم يستطع أن يفعل هذا الأمر. لماذا؟ لأن الوليّ يفكر، أنه إذا تزوج راعوث، فابنها سيكون له حق الميراث، في إقامة اسم الميت عليه. ولكن بوعز قال للشيوخ ولجميع من هم في الباب.

 

"9فَقَالَ بُوعَزُ لِلشُّيُوخِ وَلِجَمِيعِ الشَّعْبِ: «أَنْتُمْ شُهُودٌ الْيَوْمَ أَنِّي قَدِ اشْتَرَيْتُ كُلَّ مَا لأَلِيمَالِكَ وَكُلَّ مَا لِكِلْيُونَ وَمَحْلُونَ مِنْ يَدِ نُعْمِي"(را 4: 9ـ 10).

 

 وكذا راعوث الموآبية امرأة محلون قد اشتريتها لي امرأة، لأقيم اسم الميت على ميراثه ولا ينقرض اسم الميت من بين إخوته ومن باب مكانه، وأنتم شهود اليوم. من الناحية الشرعية اشترى بوعز كل ما هو لراعوث، وبالتالي يحق له أن يتزوجها، وبالتالي الفادي لراعوث هو بوعز وليس الوليّ. ولذلك كل مؤمن لا يخلص إلاّ باسم الرب يسوع المسيح، وبوعز هو الوليّ الفريد الذي يقدر أن يقيم اسم الميت على ميراثه. ونحن نقول: "إن فادينا هو يسوع المسيح فقط". فنلاحظ من خلال هذه الأحداث، أن الولي لراعوث لديه ميزتان هما: الصبر والتضحية.

 

 

أولاً: الصبر

يستطيع بوعز أن يتزوج راعوث، من الليلة التي كانت فيها بالبيدر، ولكنه صبر وانتظر حتى تكون هذه الخطوة شرعية أمام الشعب. وأيضاً إلهنا يصبر حتى نتوب ونأتي إليه.

"وَلكِنْ لاَ يَخْفَ عَلَيْكُمْ هذَا الشَّيْءُ الْوَاحِدُ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ: أَنَّ يَوْمًا وَاحِدًا عِنْدَ الرَّبِّ كَأَلْفِ سَنَةٍ، وَأَلْفَ سَنَةٍ كَيَوْمٍ وَاحِدٍ. لاَ يَتَبَاطَأُ الرَّبُّ عَنْ وَعْدِهِ كَمَا يَحْسِبُ قَوْمٌ التَّبَاطُؤَ، لكِنَّهُ يَتَأَنَّى عَلَيْنَا، وَهُوَ لاَ يَشَاءُ أَنْ يَهْلِكَ أُنَاسٌ، بَلْ أَنْ يُقْبِلَ الْجَمِيعُ إِلَى التَّوْبَةِ( 2 بط 8:3-9).

 

 فبعد أن صرت خادماً له، عرفت بأن يسوع المسيح تألم لأجلي، وصبر عليّ برحمته ورأفته، انتظر حتى أصبحت خادماً له. والآن الله ينتظر كل واحد فينا، مثل قصة الابن الضال، فلذلك بولس يخبرنا بأن المسيح يشفع فينا عند الآب.

 

 "34مَنْ هُوَ الَّذِي يَدِينُ؟ اَلْمَسِيحُ هُوَ الَّذِي مَاتَ، بَلْ بِالْحَرِيِّ قَامَ أَيْضًا، الَّذِي هُوَ أَيْضًا عَنْ يَمِينِ اللهِ، الَّذِي أَيْضًا يَشْفَعُ فِينَا"(رو 34:8).

 

 

ثانياً: التضحية

وافق الوليّ الأول لراعوث على ما قاله بوعز في البداية، لأنه يهتم فقط بالحقل، بينما بوعز يهتم براعوث شخصياً.

 

"5فَقَالَ بُوعَزُ: «يَوْمَ تَشْتَرِي الْحَقْلَ مِنْ يَدِ نُعْمِي تَشْتَرِي أَيْضًا مِنْ يَدِ رَاعُوثَ الْمُوآبِيَّةِ امْرَأَةِ الْمَيِّتِ لِتُقِيمَ اسْمَ الْمَيِّتِ عَلَى مِيرَاثِهِ». 6فَقَالَ الْوَلِيُّ: «لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفُكَّ لِنَفْسِي لِئَلاَّ أُفْسِدَ مِيرَاثِي. فَفُكَّ أَنْتَ لِنَفْسِكَ فِكَاكِي لأَنِّي لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفُكَّ» (را 4: 5 – 6).

 

فهو لا يريد أن يحمّل نفسه مسؤولية تجاه راعوث، وإذا ولدت له ابناً بعد الزواج فالحقل الذي لنعمِى يرجع إلى ابن راعوث، ويخاف أن يحدث شجار ومشاكل مع إخوته أو أولاده الآخرين بسبب حقل نعمي، فالوليّ الأول لا يفكر الإّ في نفسه. فراعوث إذا تزوجت وليها الأول لا يحدث معها كما سيحدث مع بوعز، لأن الوليّ لا يهتم بالحالة الشخصية لراعوث، بقدر ما يهتم بحقّه الشخصي. فالرب يسوع أحبنا، ولكن من المفروض علينا أن نحب الآخرين، ولا ننتظر محبتهم لنا. بمعنى آخر علينا أن نبادر بمحبتنا للآخرين. فالرب يسوع يحبنا بدون أن يرى ما هو عندنا له، ولكن العالم يستغلنا إذا كان لدينا شيءً مميزاً. ولذلك يكون لقاؤنا بالآخرين على مثال يسوع المسيح، بلا استغلال شخصي. وفي اختيارنا لشريك الحياة. لا ننظر إلى الشروط بقدر المحبة، لأن محبة الرب يسوع هي محبة مضحية، وباليوناني هي (أغابي)، المحبة التي تعطي وتضحي دون أن تفكر بالأخذ أو ما سيعطى لها. كما فعل بوعز، عندما نظر إلى راعوث من الناحية الشخصية لها فقط .

 

        7"فَقَالَ الرَّبُّ لِصَمُوئِيلَ: «لاَ تَنْظُرْ إِلَى مَنْظَرِهِ وَطُولِ قَامَتِهِ لأَنِّي قَدْ رَفَضْتُهُ. لأَنَّهُ لَيْسَ كَمَا يَنْظُرُ الإِنْسَانُ. لأَنَّ الإِنْسَانَ يَنْظُرُ إِلَى الْعَيْنَيْنِ، وَأَمَّا الرَّبُّ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إِلَى الْقَلْبِ»(1 صم 7:16).

 

فعندما يقدم المؤمن على الزواج. عليه أن ينظر إلى قلب الشريك، وبالتالي يحصل على السعادة الحقيقية. وفي هذه الأيام، كثير من الأزواج يقدمون على الطلاق بسبب الأنانية، ولا يعيش للآخر لأجل سعادة زوجاتهم. فبوعز صورة عن الرب يسوع المسيح، لأنه يعتني بنا بالرغم من أننا خطاة، وبدون فائدة أمامه، ولكنه يحافظ علينا إلى الأبد. قال يسوع المسيح في (يو 10: 14 – 15)"14أَمَّا أَنَا فَإِنِّي الرَّاعِي الصَّالِحُ، وَأَعْرِفُ خَاصَّتِي وَخَاصَّتِي تَعْرِفُنِي، 15كَمَا أَنَّ الآبَ يَعْرِفُنِي وَأَنَا أَعْرِفُ الآبَ. وَأَنَا أَضَعُ نَفْسِي عَنِ الْخِرَافِ. وكذلك قال لنا في(يو 13:15) "13لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ.

أعظم حب، هو أن يضع الشخص نفسه لأجل الآخرين. ويسوع قدم حياته لأجل الجميع، بسبب محبته لنا وتضحية ربنا هي نعمة عظيمة.

 

2.  أسلوب الشراء

 

 

       أمام الجميع (علانية).

1فَصَعِدَ بُوعَزُ إِلَى الْبَابِ وَجَلَسَ هُنَاكَ. وَإِذَا بِالْوَلِيِّ الَّذِي تَكَلَّمَ عَنْهُ بُوعَزُ عَابِرٌ. فَقَالَ: «مِلْ وَاجْلِسْ هُنَا أَنْتَ يَا فُلاَنُ الْفُلاَنِيُّ». فَمَالَ وَجَلَسَ.2ثُمَّ أَخَذَ عَشَرَةَ رِجَال مِنْ شُيُوخِ الْمَدِينَةِ وَقَالَ لَهُمُ: «اجْلِسُوا هُنَا». فَجَلَسُوا (را 4: 1 – 2).

 

 تزوج بوعز من راعوث علانية، وجلس في باب المدينة، وتم الشراء أمام الجميع والشيوخ. وبحسب إرشاد نعمِى لراعوث، وصلت إلى بوعز وتزوجته، واستقبلها أمام الجميع كزوجة له. ويسوع أيضاً حكم عليه من قبل بيلاطس، وصلب علانية أمام الجميع. فالرب يسوع لديه أيضاً شهود عيان، حتى يقدموا رسالة الخلاص للجميع. ونحن تحررنا بيسوع المسيح وصار لنا الحياة الجديدة فيه. وكما استقبل بوعز راعوث الأممية، التي ليست من شعبه، فالرب يسوع أيضاً استقبلنا، وأحبنا وخلصنا بدمه الغالي، بالرغم من أننا مثل راعوث الأممية. يقدم أهل العالم المساعدة لنا، عندما يكونون في حاجةٍ إلينا، بينما يسوع المسيح قدم نفسه لأجلنا، بسبب محبته الكاملة لنا. دعونا نتعلم من بوعز، حينما نقدر مهمتنا ومسؤوليتنا. نجد في الإصحاح الرابع من راعوث، أن الولي الأول لم يتحمل المسؤولية التي كانت على عاتقه، وكان يفكر في مصلحته فقط. ونحن أيضاً نستطيع أن نحصل على الحلول لمشاكلنا، في المسيح يسوع ربنا.

 

 

        تحمل المسؤولية

 

7وَهذِهِ هِيَ الْعَادَةُ سَابِقًا فِي إِسْرَائِيلَ فِي أَمْرِ الْفِكَاكِ وَالْمُبَادَلَةِ، لأَجْلِ إِثْبَاتِ كُلِّ أَمْرٍ. يَخْلَعُ الرَّجُلُ نَعْلَهُ وَيُعْطِيهِ لِصَاحِبِهِ. فَهذِهِ هِيَ الْعَادَةُ فِي إِسْرَائِيلَ. 8فَقَالَ الْوَلِيُّ لِبُوعَزَ: «اشْتَرِ لِنَفْسِكَ». وَخَلَعَ نَعْلَهُ(را 4: 7 – 8).

 

وكما ذكرنا آنفاً، أن الوليّ الأول لم يتحمل مسؤوليته. فعادة خلع النعال، يُعني أنه ينقل ملكيته للآخر، حسب التقليد اليهودي. فلذلك الشخص الذي لا يبني بيت أخيه، يُدعى اسمه "بيت مخلوع النعل"(تث 25: 9 – 10). وهذا الاسم يوحي بالخزي، لأنه يتهرّب من واجبه لمصلحته فقط. وكذلك نحن أيضاً حينما نخدم في داخل الكنيسة، لا نستخدم الخدمة لمصلحتنا الشخصية، مثل المحافظة على كرامتنا وحفظ وجوهنا، فهذا كله لا يمجد الله. ففي الوقت الذي نُظهر فيه تضحيتنا وخدمتنا، يسدد الله كل احتياجاتنا. وعادةً الأشخاص - سواء العريس أو العروس- الذين يتمتعون بالغنى يضعون شروطاً في اختيار الطرف الآخر. ولكن بوعز لم يفعل هذا الأمر، بل كان اختياره لراعوث مبنياً على التضحية.

 

كان اليهود في أيام راعوث لا يتزوجون امرأة أممية. ولكن بوعز كسر هذا الحاجز، لكي يقوم بمسؤوليته تجاه هذه العائلة. وربنا يسوع المسيح، دائماً يفكر فينا أكثر مما نفكر في أنفسنا. ولذلك جاء الرب يسوع إلى الأرض، وعمل العجائب الكثيرة في يوم السبت، وفي أيامه اليهودي لم يكن يفعل شيئاً في ذلك اليوم، بسبب الوصية التي في الناموس. ولكن يسوع كان يفهم ما تعنيه الوصية، وتحمل المسؤولية لكي يقدم الخير للآخرين، مثل طرد الروح النجس (مر1: 21 – 26) وشفاء الرجل صاحب اليد اليابسة (مر 3: 1 – 5) وشفاء المرأة المنحنية (لو13: 10 – 17) وشفاء الإنسان المستسقي (لو 14: 1 – 4)، وشفاء مريض منذ ثمانية وثلاثين سنة (يو5: 5 – 9) شفاء الأعمى منذ ولادته (يو9: 1 – 14). وكل هذه المعجزات صنعها يسوع يوم السبت، واجتاز تلاميذ يسوع معه في يوم السبت بين الزروع، وابتدأوا يقطفون السنابل، وسأل الفريسيون لماذا يفعلون ما لا يحق فعله في السبت؟

 

فقال يسوع لهم: حينما جاع داود، فدخل بيت الرب، وأكل خبز التقدمة، الذي لا يحل أكله إلاّ للكهنة. ثم قال يسوع إن السبت جُعل لأجل الإنسان، لا الإنسان لأجل السبت، إذا ابن الإنسان هو رب السبت (مر2: 23 – 28). وُضع القانون لأجل الشعب، وهو جيد له، وعلى كل شخص أن يلتزم به، ولكن عندما يخسر الإنسان حياته بسبب القانون، فإنه يعتبر غير جيد، وهذا ينطبق على يوم السبت، من وجهة نظر الفريسيين. لأنهم طبقوا الوصية حرفياً، ونسوا المعاني الروحية لها. وأعطانا يسوع المسيح وصية جديدة، قائلاً لنا في (يو 34:13)34وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَنَا أُعْطِيكُمْ: أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا تُحِبُّونَ أَنْتُمْ أَيْضًا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. فيسوع المسيح لا يجبرنا على قانون، لأن ناموس المسيح يحررنا.

 

 

يتبع تعليمات

 

   9فَقَالَ بُوعَزُ لِلشُّيُوخِ وَلِجَمِيعِ الشَّعْبِ: «أَنْتُمْ شُهُودٌ الْيَوْمَ أَنِّي قَدِ اشْتَرَيْتُ كُلَّ مَا لأَلِيمَالِكَ وَكُلَّ مَا لِكِلْيُونَ وَمَحْلُونَ مِنْ يَدِ نُعْمِي. 10وَكَذَا رَاعُوثُ الْمُوآبِيَّةُ امْرَأَةُ مَحْلُونَ قَدِ اشْتَرَيْتُهَا لِيَ امْرَأَةً، لأُقِيمَ اسْمَ الْمَيِّتِ عَلَى مِيرَاثِهِ وَلاَ يَنْقَرِضُ اسْمُ الْمَيِّتِ مِنْ بَيْنِ إِخْوَتِهِ وَمِنْ بَابِ مَكَانِهِ. أَنْتُمْ شُهُودٌ الْيَوْمَ»(را4: 9 – 10).

 

في المجتمع الإسرائيلي القديم كان باب المدينة يستخدم للمحكمة أو استقبال الضيوف رسمياً، فبوعز دعي الوليّ أولاً، مع شيوخ المدينة وكشهود عيان، وهذا يعني أنه يتبع عادات معروفة في أيامه. ونحن أيضاً حينما نخدم الرب، لا نعمل وحدنا، ولكن من المفروض أن نعلن هذا الشيء أمام الرب، وأمام الآخرين علانية. ولكي نوضح ما يجب فعله. 32كُونُوا بِلاَ عَثْرَةٍ لِلْيَهُودِ وَلِلْيُونَانِيِّينَ وَلِكَنِيسَةِ اللهِ.

 

 33كَمَا أَنَا أَيْضًا أُرْضِي الْجَمِيعَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، غَيْرَ طَالِبٍ مَا يُوَافِقُ نَفْسِي، بَلِ الْكَثِيرِينَ، لِكَيْ يَخْلُصُوا(1كو 10: 32 – 33).

 

فعلى كل مؤمن أينما يذهب، أن لا يكون عثرة للآخرين، ولذلك فإن حياة الإيمان تحتاج إلى تدريب كراعوث، لأنها تجتاز أوقات قطف السنابل. ومن ثمَّ يدخل إلى طريق نوال البركة. فإذا وجد مؤمن عثرة أمام الآخرين، يجب عليه أن يكون ذا فائدة للآخرين. ولكننا عرفنا دروساً كثيرة، أن نستثمر في كل شيء نجتاز فيه من تدريبات روحية، وأيضاً لا بد أن نفهم وندرك، أن المؤمن بدون آلآم، لا يمكن أن ينمو روحياً. فراعوث الأممية، اجتازت كثيراً من الضيقات والآلام، ثم استطاعت أن تقطف الثمار الروحية لحياتها، لأنها أطاعت كل ما قالته لحماتها، وعملت بكل ما قالته لها، وأيضاً قبلت كل الضيقات بشكر، مما أدى هذا إلى نوالها للبركة، لها ولعائلتها وكل فرد في بيت لحم، وأخيراً نالت الشرف العظيم أن تكون في نسب المسيح كجدّة.

 

أخوتي، أخواتي، لأبدّ أن نتوقع بركة الله الجزيلة، بعد اجتيازنا في الضيقات والتدريبات الكثيرة التي نمر بها. وكشخص اختبرت ضيقات كثيرة، وتدريبات روحية، وبخاصة بعد التخرج من كلية اللاهوت، وكانت مدة فترة التدريب خمس عشرة سنة، وفي بداية الأمر وجدت صعوبات، ولكن لم أهمل هذه الأشياء، والرب سمح لي بأن أجتاز هذه الاختبارات. وهذه الخطوة تتم لحظة بلحظة، وخطوة تلو الأخرى، لأن كل شيء بحسب فكر الله. ربما من وجهة نظرنا، ليس من الضروري أن أجتاز هذه الصعوبات، ولكن الرب يدرك جيداً أن هذه الدروس مهمة لحياتنا الروحية، فالرب دائماً يشجعنا، حتى في وسط الضيقات.



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6