الفصل الثالث الطريق إلى السعادة (را 3: 1 – 18)


الفصل الثالث الطريق إلى السعادة 

 

(را 3: 1 – 18)

 

 

 

1وَقَالَتْ لَهَا نُعْمِي حَمَاتُهَا: «يَا بِنْتِي أَلاَ أَلْتَمِسُ لَكِ رَاحَةً لِيَكُونَ لَكِ خَيْرٌ؟ 2فَالآنَ أَلَيْسَ بُوعَزُ ذَا قَرَابَةٍ لَنَا، الَّذِي كُنْتِ مَعَ فَتَيَاتِهِ؟ هَا هُوَ يُذَرِّي بَيْدَرَ الشَّعِيرِ اللَّيْلَةَ. 3فَاغْتَسِلِي وَتَدَهَّنِي وَالْبَسِي ثِيَابَكِ وَانْزِلِي إِلَى الْبَيْدَرِ، وَلكِنْ لاَ تُعْرَفِي عِنْدَ الرَّجُلِ حَتَّى يَفْرَغَ مِنَ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ. 4وَمَتَى اضْطَجَعَ فَاعْلَمِي الْمَكَانَ الَّذِي يَضْطَجعُ فِيهِ، وَادْخُلِي وَاكْشِفِي نَاحِيَةَ رِجْلَيْهِ وَاضْطَجِعِي، وَهُوَ يُخْبِرُكِ بِمَا تَعْمَلِينَ». 5فَقَالَتْ لَهَا: «كُلَّ مَا قُلْتِ أَصْنَعُ». ( را 1:3-5).

    

أ. سعادة العروس

  

فقدت راعوث زوجها في أرض موآب، وهي كغريبة وبائسة عاشت في أرض غريبة، وبهذه الصورة كان الرجاء لديها مقطوعاً. لكن عندما قابلت بوعز تغيرت حياتها واستمر رجائها، كما قال الرب في(2كو 17:5) 17إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا. يا أخوتي وأخواتي: أقصى ما يتمناه قلبي، أن يحصد كل واحدٌ منكم هذه السعادة الحقيقية، كما حصلت عليها راعوث عندما التقت ببوعز؛ لأن عريسنا الحقيقي هو يسوع المسيح، وفيه ننال النعمة والبركة غير المحدودة.

 

 

 1. بوعز، عريسها ونفوذه:

 

راعوث تحصل على بوعز بترتيب إلهي .

راعوث امرأة أممية، وبحسب العهد الموسوي، لا يجوز على شعب الله أن يتزوج بامرأة غريبة، أو يلتصق بهذا الشعب. ولكن بترتيب إلهي، قابلت راعوث بوعز العريس صاحب المكانة المرموقة في بيت لحم.

 

 8لأَنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ، وَذلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ. 9لَيْسَ مِنْ أَعْمَال كَيْلاَ يَفْتَخِرَ أَحَدٌ( أف 8:2 و 9).

 

فالخلاص المقدم لنا من الله، ليس مبنيا على أعمالنا، بل بالإيمان نحن نحصل على هذا الخلاص بنعمته. ودخولنا إلى السماء ليس عن طريق برنا الذاتي، بل ببر يسوع المسيح الذي يعتمد كليا على معونة الله فقط. لذلك لا يستطيع البشر أن يقولوا: "بأننا نستطيع أن نخلص بأعمالنا وقوتنا" لأن كل شيء مُعد لنا في المسيح، بحسب فكر الله.

 

"18قَبْلَ الْكَسْرِ الْكِبْرِيَاءُ، وَقَبْلَ السُّقُوطِ تَشَامُخُ الرُّوح"ِ( أم 18:16).

 

 فكل شخص من البشر يتكبر، ولا يقبل هذا الخلاص المقدم من الله سوف يهلك.           فنرى نُعمِيِ تأتي براعوث إلى بيت لحم، لكي تتعرف على الإله الحقيقي هناك. وكان قلبها متواضعاً حتى يُخيل إليّ أنها كانت تقول: يارب أنا عاجزة عن أن أفعل أي شيء، ولكن أعتمد عليك وحدك. وبالفعل بمعونة الله الذي اتكلت عليه، تم اللقاء بينها وبين بوعز. وأنا أقول إن سر النجاح، في حياتنا هو عندما نعتمد كلياً على شخص يسوع المسيح. وما أريد أن أقوله، هذه العبارة: "لا تفشل إذا كنت فقيراً، ولا تمتلك أموالاً، ولا تتكبر إذا كنت غنياً". قد تستطيع أن تشتري سريراً ولكن لا تستطيع أن تشتري النوم بأمان، قد تستطيع أن تذهب لأشهر طبيب، ولكنك لا تستطيع أن تشتري الصحة، يمكنك أن تشتري مئات الكتب، ولكنك لا تستطيع أن تشتري الحكمة، حتى الثروة لا نقدر أن نمتلكها، إلا عندما يسمح لنا الله بذلك.

 

 

الحلول بعد مقابلة بوعز.

 

      حضورك إلى الكنيسة فقط ، لا يقدر أن يحل لك كل المشاكل. وولادتك الروحية لا تعني أنك لن تواجه مشاكل. فالمسيحية ليست بستاناً مفروشاً بالورود، ولا تعطيك ضماناً ضد الأمراض أو الحوادث، ولكن لا أريد أن أقدم ما هو الحل بقدر ما أريد أن أقول: إن سبب المشاكل التي تأتي علينا؛ هو لأننا لن نعيش بوحدة كاملة مع يسوع المسيح. والحل أيضاً لهذه المشاكل هو ثباتنا في الرب وهو يملك فينا؛ لأن كل شيء على الأرض هو في يد القدير. فعندما تتحد مع الرب يسوع المسيح بكل معنى الكلمة، فإنك ستجد الحلول السريعة لكل المشاكل. وأريد أن أسأل سؤالاً: كيف تعرف المؤمن الناضج من غير الناضج؟ الجواب هو لغة الصلاة. فعلى سبيل المثال، المؤمن الناضج تكون صلاته كالتالي " يا رب، أنا أحتاج لشخصك، تعال إلى قلبي حتى ألمس حضورك في حياتي". بينما المؤمن غير الناضج، تكون صلاته كالتالي:

 

"يارب أعطني هذا ... هذا... وسدد لي كذا...كذا..."، فيجب على غير الناضجين أن يغيروا طريقة ولغة الصلاة، ويركزوا على ملكوت الله. فإن فعلوا ذلك، فسوف يحصلون على كل ما يريدونه، الذي هو بحسب مشيئة الرب. فإذا كان الرب نفسه ساكناً في قلبي فهو معي، وأيضاً كل شيء عندي لأنه فيّ، وهناك ترنيمة كورية تقول:

 

" طريقي ناجح فهو يقودني بسحابة ونار، وسأعيش حياة البركة بعد عبوري لنهر الأردن".

 

فعندما يقودنا الرب، فسنشعر بالسلام ويهرب الخوف من قلوبنا.  لم تقدر راعوث أن تجد الحل لمشكلتها في التقاط السنابل، ولكن متى حصلت على الحل للمشكلة؟! عندما تقابلت مع بوعز. والسؤال هو: كيف نحل مشاكلنا، هل من مال؟ كلا بيسوع المسيح. اختباري الشخصي كراعي لهذه الكنيسة لمدة عشر سنوات، كنت أطلب طوال هذه الفترة موهبة من الرب، حتى أحل المشاكل التي تواجه الكنيسة. ولكنني أكتشف أن بعض المشاكل لا تحل بالموهبة، واكتشفت أيضا أن بعض المؤمنين لا توجد في حياتهم معنى البركة، بالرغم من امتلاكهم لمواهب كثيرة. وأخيرا أدركت أن هناك مشكلة في طريقة صلاتي، بالرغم من صومي وصلاتي طوال الليل حتى طلوع الفجر، ولكن عندما غيرت طريقة صلاتي هكذا:

 

    "يا رب أنا لا أحتاج إلى أي شيء إلا سواك. أحتاج لحضورك الدائم في قلبي، مثلما زكا عندما صَعِد إلى شجرة الجميز لكي يراك، وأنا أتمسك بك".

 

    كلّ شخص يكون مع الرب يسوع المسيح بكل قلبه سيشعر بأنه شخص مهم وغالي لديه، فإذا كنت بالفعل في وحدة مع الرب، فثق أن كل ما تفعله سينجح. مرّت على راعوث مآسيِ كثيرة: موت زوجها، ووضعها المادي، وتركها لبلادها، ومشاكل كثيرة حدثت معها. ولكن عندما التقت ببوعز تغيرت هذه الأمور. فاللعنات التي انصبّت عليها كُسرت، ومأساتها انتهت. فنجد في (لو 7: 11ـ17) مشهداً فيه مأساة وحزن شديد، أرملة تبكي على وحيدها، ولكن عند التقاء موكب الموت والحزن، بموكب الحياة والفرح، تغيرت الأمور. حينما لمس الرب يسوع المسيح النعش، وقال للشاب: " لك أقول قم" فقام الشاب في الحال"، فالرب أوقف موكب الحزن وحوله إلى فرح. فأي شخص يلتقي بيسوع المسيح، فاللعنة والحزن تنتهي، والفقر والمأساة لن تستمرا، لأنه يمتلك السلطان والقدرة والقوة قي وقفها. ونحن لابد وأن يكون لدينا الإيمان الراسخ بأنه سيفعل ذلك، لأننا لا نستطيع بقوتنا الشخصية، أن نوقف اللعنات التي تأتي علينا مثل الإعصار المدمر، ولكن هو وحده الذي سيهدئ العاصفة كما حدثت في بحر طبرية. فعندما نكون ملتصقين بشخص الرب يسوع المسيح، لا تستطيع قوة الشرير والأشرار أنْ تتغلب علينا.

 

 

الحياة الممتلئة بالبركة:

تمتعت راعوث بحياة ممتلئة بالبركة، حينما التقت مع بوعز. فعندما ننظر إلى أي شخص ونقول إنه لا فائدة منه، ولكنْ عندما يكون في يد الله فالمسيح يسوع فإنهّ سيصنع منه خليقة جديدة. ونحن لدينا أمثلة كثيرة في الحياة، فحينما ننظر إلى الفنان الذي يستخدم الألوان البسيطة، وإلى النحات الذي يصنع من الصخر أشكالاً جميلة، أو مصنع الفخار، وغيرهم من الفنانين الذين يستخدمون أشياء بسيطة، ولكنهم يحولونها إلى أشياء جميلة. والسبب لأن في داخلهم روح الإبداع والفن. وهكذا الله يصنع من الأشخاص غير المرغوب فيهم من المجتمع كما قال الكتاب المقدس: أن الله اختار الجهلاء، والمزدرى وغير الموجود، المرذولين والضعفاء، فيحولهم إلى أشخاص مباركين ومرموقين ومرفوعين في شخص الرب يسوع المسيح. فالله لا يأخذ الصالحين ويستخدمهم، بل إن الله يأخذ المحطمين والمكسورين ويصلحهم ومن ثم يستخدمهم، لكي يكون فضل القوة لله لا منا. فيجب علينا أن لا ننظر إلى عدم قدرتنا، بل إلى قوة الله التي تعمل فينا، لأنه لا بالقوة البشرية ولا بالقدرة الجسدية والعقلية، يمكن أن نحصل على السماء وغفران الخطايا والخدمة المثرة، بل كل شيء هو بقوة روح الرب، وما علينا إلا أن نقول: "آمين".

 

         بعض المؤمنين ينالون نعمة، ولكنها ليست وفيرة، والسبب لأنهم لم يتقابلوا مع بوعز، بمعنى أنه لم يتم اللقاء الحقيقي مع شخص الرب يسوع المسيح، وبعضهم يذهب إلى الكنيسة، ولكنه لا يحصل على هذه النعمة الوفيرة. والسبب لأنها مكان التقاء المؤمنين مع بعضهم فقط، ولكن الحاجة لنوال هذه النعمة هي اللقاء الحقيقي مع يسوع المسيح، مصدر العزاء والبركة والقوة الجديدة التي يُمدنا بها في كل لحظة. فأحيانا كثيرة لا يحصل الرعاة على تشجيع من الأعضاء، ولكن علينا أنْ لا نفشل، لأن رئيس الرعاة هو الذي يعزينا في كل ضيقة، وهو فقط يشجعنا لأنه بجوارنا دائماَ. لأن إشباعي ورضائي هو يسوع المسيح كما تقول الترنيمة الكورية:

 

" رجائي هو يسوع ربنا فقط".

 

      فعلى سبيل المثال تُرك موسى من والديه، لأنه كان منبوذاً من فرعون، ولكن الرب سمح له أن يتربّى قي المكان الذي كان السبب في قتل الكثيرين مثله، وعاش في القصر بمعية الرب، وصار قائداً لشعب إسرائيل(تث 34: 10) "10وَلَمْ يَقُمْ بَعْدُ نَبِيٌّ فِي إِسْرَائِيلَ مِثْلُ مُوسَى الَّذِي عَرَفَهُ الرَّبُّ وَجْهًا لِوَجْهٍ". قام والدا موسى بوضعه في سلة في نهر النيل، بسبب ضغوطات فرعون ولكن عناية الرب أنقذته عن طريق بنت فرعون، عندما كانت تستحم في نهر النيل فوجدت الطفل العبراني، فتحننت عليه وأعطته اسم موسى أي المنتشل من الماء، وقامت بتربيته. ثم صار قائداً لشعب إسرائيل، وهو الذي أخرجهم من أرض العبودية. فالكتاب المقدس يقول لنا لا يوجد نبي في إسرائيل مثل موسى لأن الرب رفعه في العالم لأنه كان معه فالترنيمة الكورية تقول:

 

  ما في فرصة إلا في صوت ربنا فأرجوك أن تكون معي فلو تركتني ستكون الحياة بلا فائدة، فأرجو أن تكون معي في حزني وفرحي، وأفرح بك لأنني أتيت إليك، باركني إلى الأفضل.

 

"31قَدَّمَ لَهُمْ مَثَلاً آخَرَ قَائِلاً:«يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ حَبَّةَ خَرْدَل أَخَذَهَا إِنْسَانٌ وَزَرَعَهَا فِي حَقْلِهِ، 32وَهِيَ أَصْغَرُ جَمِيعِ الْبُزُورِ. وَلكِنْ مَتَى نَمَتْ فَهِيَ أَكْبَرُ الْبُقُولِ، وَتَصِيرُ شَجَرَةً، حَتَّى إِنَّ طُيُورَ السَّمَاءِ تَأْتِي وَتَتَآوَى فِي أَغْصَانِهَا(مت31:13-32) .

        حياة الإيمان تتحسن إلى طريق أفضل، فيجب أن لا تستعجل حتى تكون حياتك أفضل بسرعة، بل غداً سيكون أفضل من اليوم، فالعالم يفضل الحظ، ولكنا نحن المؤمنين نعيش بثقة بالرجاء، لأننا متأكدون أنه في يوم الغد سوف نحصل على نعمة جديدة من الله. (أي 7:8)" 7وَإِنْ تَكُنْ أُولاَكَ صَغِيرَةً فَآخِرَتُكَ تَكْثُرُ جِدًّا".  ولذلك الرب يباركنا كالزيت الذي فاض من الأواني التي كانت تصب فيها المرأة التي صرخت إلى النبي إليشع، وحياة المؤمنين تكون في شكل أفضل وفي نمو مستمر والشيء الطبيعي أنه في بداية حياتنا الروحية يكون فكرنا محدوداً، ولكن نتيجة العلاقة المستمرة ستزداد معرفتنا وفهمنا لله. ونأخذ على سبيل المثال، الشخص الذي يحضر للمرة الأولى إلى الكنيسة لا يكون في داخله انسجام، ولكن بعد ذلك الرب يباركه، ويمنحه الغفران بعد توبته وانكساره، فحياة الكنيسة تكون في ازدهار، بينما حياة العالم في انحدار، فراعوث بدأت بالتقاط السنابل، ولكن لم تتوقع أنه عندما تلتقي بوعز سوف يتجدد رجائها وتنال كل ما لديه. والشيء المشرف في حياتها أن اسمها موجود في نسب سلسلة المسيح. فأرجو أن تتبارك يوماً فيوماً؛ لأن هذا هو هدف الله لحياتنا.                        

 

 2.  نعمي كوسيط بين راعوث وبوعز

 

 

راعوث بعد زواجها من بوعز، انفتحت أمامها الطريق للسعادة، من حيث الدور الرئيس الذي قامت به نعمي.

 

"2فَإِنِّي أَغَارُ عَلَيْكُمْ غَيْرَةَ اللهِ، لأَنِّي خَطَبْتُكُمْ لِرَجُل وَاحِدٍ، لأُقَدِّمَ عَذْرَاءَ عَفِيفَةً لِلْمَسِيحِ"(2كو 2:11).

 

كانت نعمى الوسيط بين راعوث وبوعز، بالرغم من أن راعوث كانت تجهل ما سيحدث عند مقابلتها لبوعز، فهي كانت تحتاج لمساعدة نعمي؛ حتى تنال نعمة بوعز. فالزواج من بوعز لم يخطر لها على بال، ولكن نعمي بعد أن عرفت ما حدث بين بوعز وراعوث أدركت أنه هو الولي لها، فلذلك استطاعت أن تساعد راعوث. والدرس الروحي يتمثل بأن نعمي تمثل الرعاة والخدام الذين يساعدوننا في الحصول على المشورة الروحية، فكل مؤمن يجد نفسه غير قادر أن يأخذ من الله بالطريقة الجيدة، فعليه أن يأخذها من خلال الرعاة كما يشجعهم الروح القدس في رعاية الشعب.

 

 

عناية نُعمِي براعوث

وَقَالَتْ لَهَا نُعْمِي حَمَاتُهَا: «يَا بِنْتِي أَلاَ أَلْتَمِسُ لَكِ رَاحَةً لِيَكُونَ لَكِ خَيْرٌ؟(را 1:3). " فنعمي صارت أرملة وتحتاج إلى سعادة خاصة، ولكنها فضلت أن تهتم براعوث وهذا ينبع من محبتها النقية. فهي فضلت أن لا تكون راعوث بجوارها، بقدر ما تكون بجوار بوعز. فالروح القدس دائماً يساعدنا ويوجهنا نحو المسيح؛ لأنه بدون معونته لا نستطيع أن نتقدم إلى يسوع المسيح. فلذلك لأبد أن نكون مملوءين بالروح القدس.

 

"6وَكَذلِكَ الرُّوحُ أَيْضًا يُعِينُ ضَعَفَاتِنَا، لأَنَّنَا لَسْنَا نَعْلَمُ مَا نُصَلِّي لأَجْلِهِ كَمَا يَنْبَغِي. وَلكِنَّ الرُّوحَ نَفْسَهُ يَشْفَعُ فِينَا بِأَنَّاتٍ لاَ يُنْطَقُ بِهَا"(رو 26:8).

 

بمعنى آخر أن الروح القدس يصلي فينا، حينما نحن لا نستطيع أن نصلي كما ينبغي.

 

"28عَدَا مَا هُوَ دُونَ ذلِكَ: التَّرَاكُمُ عَلَيَّ كُلَّ يَوْمٍ، الاهْتِمَامُ بِجَمِيعِ الْكَنَائِس"ِ (2كو 28:11).

 

تعلم بولس من خلال ضعفات المؤمنين، أكثر مما تعلم من ضيقاته وشدائده، وبالتالي فعلى خدام الله دائماً أن يهتموا بالمؤمنين أكثر. لذلك لا نفشل حينما نفقد الأموال، ولكن ما يهم الله هو قلوبنا وأين تتجه،  أتستطيع أن تتغلب على جميع الصعوبات، حين يكون قلبك مع يسوع المسيح، وتستطيع أن تقف أمام الرب حينما تكون مجتهداً أو إذا كنت شخصاً مدخراً. وهذا سيساعدك في التغلب على المشكلة المادية. فنحن كثيراً ما نفشل، ولكن الرب يريد أن يشجعنا من خلال الروح القدس. وأتذكر قصّة حقيقية عن شخص يدعى " بيني"، كان صاحب محلات تجارية ولديه فروع كثيرة في أنحاء البلاد. وفي يوم ما خسر كل شيء بسبب الديون التي تراكمت عليه، وعلى أثرها دخل إلى المستشفى، وأثناء رقاده هناك شعر أنه خسر أمواله وصحته. ولكن الرب أرسل ملاكاً له وشجعه في هذه اللحظات، ومن تلك اللحظة بدأت صحته تتحسن. وبعد خروجه من المستشفى بدأ عمله مرة أخرى، واستطاع الرب أن يعوضه عمّا فقده، وصار اسمه مشهوراً، ليس في البلاد الأمريكية فقط بل ما حولها. لذلك أريد أن أقول للرعاة لا تفكروا بأنانية فيما يخصكم، بل فكروا فيما هو لشعبكم، فالراعي الأناني ستفشل خدمته، وأيضاً ما أريد أن أقوله للمؤمنين هو: أن تعملوا بمشورة الرعاة الروحية التي من الرب، مثلما أخذت راعوث المشورة من حماتها وعملت بها. لماذا وضع الله في الكنيسة رعاة؟ لأنه من خلالهم يعرف المؤمنون حقائق وطرق لمعرفة مشيئة الرب يسوع أكثر، ويحصلون على نضج روحي للحياة الروحية.

 

 

محبة نُعمِىِ لراعوث.

أحبت نعمي راعوث من كل قلبها، وركزت على سعادتها من ناحية احتياجاتها واهتماماتها، وبالتالي كان هناك ردة فعل من راعوث لحماتها من خلال خدمتها واهتمامها بها، فصارت هذه العائلة تعيش بالمحبة. فالروح القدس يحبنا حباً عظيماً وبالتالي حينما يمتلئ المؤمن بالروح القدس تصبح المحبة قوية بمعنى أن الروح القدس يشعلنا بنار المحبة، بينما الشيطان يجعل المحبة فاترة ،ويطفئ هذه المحبة. يا ليت قلوبنا وبيوتنا تكون على نار مذبح التكريس بمحبة الروح القدس لنا. فالشخص الميت لا حرارة في جسده، أمّا الشخص الحي فلديه حرارة، فإذا ملأنا الروح القدس فإنه يثبت فينا حرارة شديدة بالمحبة، وحينما حلّ الروح القدس فينا صرنا نحب الرب يسوع المسيح بطريقة عجيبة، لأنه السبب في إشعال هذه النار المقدسة.                                        

 

 

نعمي حكيمة روحياً.

يعلم الرب خدامه أسرار ملكوته، ومع هذه الأسرار يُعطي حكمة، كما ذكر(عا 7:3)"7إِنَّ السَّيِّدَ الرَّبَّ لاَ يَصْنَعُ أَمْرًا إِلاَّ وَهُوَ يُعْلِنُ سِرَّهُ لِعَبِيدِهِ الأَنْبِيَاءِ". بالفعل يُعلم الله خدامه ويعطيهم إرشاداً، فلذلك شعب الكنيسة يحصل على حل المشاكل عن طريق خدام الرب. فكثيراً ما استلمت رسائل من شعب كنيستي بعضهم يقول فيها: "أنا كنت أصلي لأجل موضوع، وحصلت على الجواب من خلال وعظك". والآخر يقول: "كلما كانت لديّ مشكلة وضيقات، أسمع الحل من خلال وعظك، بالرغم من أنني لم أطلب أن أجلس معك ولكن الرب يعطيني الحل". والسؤال لماذا صار هكذا؟ بالرغم من أنني لم أجلس مع هؤلاء، لكن الرب يعطيني إرشاداً وحكمة لهؤلاء، من خلال الوعظ. فهل لدينا قلق من ناحية مادية، واجتماعية سواء أكانت حاضرة أم مستقبلية؟ فلابدّ أن نُصغي لصوت الرب من خلال الوعظ. أنا أؤمن أن الرب يستجيب من خلال العبادة في الكنيسة.                 

 

نعمي تضحي لأجل راعوث

كانت نُعمِىِ أرملة كبيرة في السن، مات زوجها وأولادها. فإذا تزوجت راعوث ستصبح نعمى وحيدة، ولكنها تضحي بنفسها لأجل سعادة راعوث. ولذلك على خدام الله أن يتنازلوا لأجل الشعب ويضحوا لأجلهم.

 

"30 يَنْبَغِي أَنَّ ذلِكَ يَزِيدُ وَأَنِّي أَنَا أَنْقُصُ"(يو 30:3).

 

 بالفعل نعمي تضحي لكي تحصل راعوث على استفادة، فالرب يقيم خدامه. ولذلك يجب أن لا نرتد عنه، ولا ندير ظهرنا له، فأية دولة وأي شخص لأبدّ أن يحترم الراعي، والرب سيباركه مثلما نجد هذا في (عب 17:13) "17أَطِيعُوا مُرْشِدِيكُمْ وَاخْضَعُوا، لأَنَّهُمْ يَسْهَرُونَ لأَجْلِ نُفُوسِكُمْ كَأَنَّهُمْ سَوْفَ يُعْطُونَ حِسَابًا، لِكَيْ يَفْعَلُوا ذلِكَ بِفَرَحٍ، لاَ آنِّينَ، لأَنَّ هذَا غَيْرُ نَافِعٍ لَكُمْ".

 

فيجب على شعب الكنيسة، أن لا يجعل الراعي يخدم بأنين " وهو متضايق"؛ لأنه لا تكون هناك إفادة روحية، له ولشعب كنيسته، وإذا أراد الشعب الحصول على البركة الروحية، فعليه أن يطيع الرعاة مثلما قابلت راعوث بوعز عن طريق نعمي.



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6