سفر راعوث-الامتلاء بالنعمة


سفر راعوث-الامتلاء بالنعمة

 

ب. الامتلاء بالنعمة

 

      1.  مقابلة مع بوعز

 

في حياة ملكوت السماوات، ينال المؤمنون الأمور غير المتوقعة في حياتهم. وهناك أمثلة على ذلك في(1صم 1:91:10)، عندما كان شاول يبحث عن الأتن الضائعة، كانت هناك آمور غير متوقعة حدثت معه وهي أن يمسحه صموئيل ملكاً على إسرائيل. وأيضاً عندما كان بطرس ذاهباً ليصطاد السمك، فإنه صار من ضمن تلاميذ الرب يسوع المسيح( مت 18:4). الله يعطينا ما نطلبه أو ما لم نتوقعه. وأيضاً(1مل 3: 12 – 13)، فنجد في هذه الأعداد أن الرب أعطى لسليمان ما كان يطلبه، وما لم يطلبه أو يتوقعه. وأيضاً راعوث ذهبت حتى تلتقط السنابل فقط، ولكنها قابلت بوعز والسؤال من هو بوعز؟

 

 

 له نفوذ وذو سلطة

 

1وَكَانَ لِنُعْمِي ذُو قَرَابَةٍ لِرَجُلِهَا، جَبَّارُ بَأْسٍ مِنْ عَشِيرَةِ أَلِيمَالِكَ، اسْمُهُ بُوعَزُ. 2فَقَالَتْ رَاعُوثُ الْمُوآبِيَّةُ لِنُعْمِي: «دَعِينِي أَذْهَبْ إِلَى الْحَقْلِ وَأَلْتَقِطْ سَنَابِلَ وَرَاءَ مَنْ أَجِدُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْهِ». فَقَالَتْ لَهَا: «اذْهَبِي يَا بِنْتِي( را 1:2) .

 

 بمعنى آخر هو شخص غني لديه ممتلكات كثيرة. وأحياناً نحن نقابل أشخاصاً سيئين، فينتابنا شعور باليأس والفشل. ولكن راعوث قابلت شخصاً كريماً ذا أخلاق عالية، وأيضاً صاحب ثروة وممتلكات. وكذلك نحن أيضاً، إذا كانت لدينا أشواق لمقابلة الرب يسوع المسيح، فهو يضاعف لنا البركة في مقابلة أشخاص كيسوع نتبارك من خلالهم.

 

 

 سبب بركة للآخرين

 

4وَإِذَا بِبُوعَزَ قَدْ جَاءَ مِنْ بَيْتِ لَحْمٍ وَقَالَ لِلْحَصَّادِينَ: «الرَّبُّ مَعَكُمْ». فَقَالُوا لَهُ: «يُبَارِكُكَ الرَّبُّ (را 4:2).

 

فهذا المشهد من خلال الآية، يجعلنا ندرك أنه شخص في فمه بركة، وهو معروف بأنه مبارك من الآخرين. فلدى وصوله إلى الحقل قال للحصادين "الرب معكم" ويردّ عليه الحصادون فقالوا له يباركك الرب، وهذه تحية رائعة لا ينطق بها إلا من هم تحت البركة. ولذلك يجب علينا أن نبارك الآخرين في كلامنا ولا نلعن، وحينما نباركهم فهذه البركة سيعود إلينا صداها.

ما المقابلة الحسنة الجميلة التي نقابل بها الناس؟ حينما نقابل الآخرين نقول لهم: "يباركك الرب" أحياناً يشعر المؤمنون بتنافس مع بعضهم بعضاً، وعند المقابلة لا يتذكرون هذه التحية. لذلك يجب علينا أن نبارك الجميع. ولكن أحياناً يلعن المؤمنون الآخرين، وكلامهم دائماً في روح سلبية، وهذا ليس من الله بل من البيئة التي يعيش فيها كل مؤمن ويتأثر بها. والكلام الصادر بدون بركة، يكون نابعاً من النبع المالح بسبب الخطيئة الساكنة فيه(عد 6: 24 – 26) فهذه هي البركة التي يبارك هارون بها الشعب هم وبنيه. وأيضاً (لو 28:1)، فلغة الملاك هي لغة الله التي تحدث بها بالسلام للقديسة مريم.

 

16وَرَبُّ السَّلاَمِ نَفْسُهُ يُعْطِيكُمُ السَّلاَمَ دَائِمًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. الرَّبُّ مَعَ جَمِيعِكُمْ(2تس 16:3).

18 نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَ جَمِيعِكُمْ. آمِينَ(2تس 18:3) .

 

وهذه تحية تكون بين المؤمنين، وتشجعنا أن نبارك الآخرين بعد الصلاة وقبل الصلاة، في الكنائس والأماكن العامة.

 

 

 راعي صالح

لماذا يستخدم هذا الأسلوب؟

 

"أَلَمْ أُوصِ الْغِلْمَانَ أَنْ لاَ يَمَسُّوكِ؟ وَإِذَا عَطِشْتِ فَاذْهَبِي إِلَى الآنِيَةِ وَاشْرَبِي مِمَّا اسْتَقَاهُ الْغِلْمَانُ( را 9:2).

 

 لأنه يمتلك قلب الراعي، وبوعز صورة للرب يسوع، الراعي الصالح الذي يحمي خرافه من كل أذى وسوء. ولماذا نقول إن بوعز راعٍ صالح؟ لأنه يعرف حالة الخروف، فهو لا يمتلك القوة ولا القدرة التي يدافع بها عن نفسه، بعكس بعض الحيوانات التي تمتلك القرون والأسنان والسم الذي يقتل الآخرين، ويمتلك أرجلاً سريعة للهرب أو أجنحة يطير بها.

ولكن الخروف لا قوة لديه. وأيضاً راعوث امرأة، والمرأة في الكتاب المقدس هي إناء ضعيف يحتاج إلى رعاية، فراعوث لا تمتلك الحماية الكافية من زوجها، والخروف لا يمتلك الرؤيا البعيدة للإيثار، وعندما يتحرك فليس لدية السرعة الكافية وإذا جُرح لا يبكي. فالخروف بحاجة إلى حماية خاصة وهذه هي حالة راعوث، فهي بحاجةٍ إلى شخص يحنو عليها، وتشعر من خلاله بحماية ويقدم لها الحب والحنان. وسمع بوعز عن راعوث ذات السمعة الطيبة، فهو يطلب من الغلمان أن لا يمسُّوها، إذاً من هو الراعي الصالح الذي يحفظنا في هذه الحياة؟ إنه الرب يسوع المسيح.

 

 

    شخص كريم أي يمتاز بالكرم

 

15 ثُمَّ قَامَتْ لِتَلْتَقِطَ. فَأَمَرَ بُوعَزُ غِلْمَانَهُ قَائِلاً: «دَعُوهَا تَلْتَقِطْ بَيْنَ الْحُزَمِ أَيْضًا وَلاَ تُؤْذُوهَا. 16وَأَنْسِلُوا أَيْضًا لَهَا مِنَ الشَّمَائِلِ وَدَعُوهَا تَلْتَقِطْ وَلاَ تَنْتَهِرُوهَا( را 2: 15 – 16).

 

بوعز شخص كريم،لا يميز في كرمه بين القبيح والحسن، والفقير والغني، اليهودي والأممي، فهو صورة لربنا يسوع المسيح لأنه أحب العالم كله. فيسوع المسيح أحبّ العشارين والخطاة مثل زكّا العشار(لو19: 1ـ 10)، والمرأة السامرية الزانية(يو 4: 1ـ 42)، والخطاة(لو 7: 36ـ 50).

كراعي لكنيستي الحالية لم أركز على العشور، لأنني أعرف حاجة شعبي الفقيرة، ففي يوم من الأيام لم يكن لدي إلاّ ما يعادل عشرة قروش. ولكن الرب لا ينظر إلى الفقير أو الغني لكونه فقيراً أو غنياً، بل ينظر إلى القلب المتواضع والنقي الذي هو مصدر كل الغنى والجود.

 

 

هو شخص حكيم

أرسلت نعمِي راعوث إلى بوعز وأعطتها التعليمات، أن "تغتسلي وتدهني والبسي ثيابك(را 3:3) ".

 وأطاعت راعوث كلام حماتها نعمِي، ولكن بوعز اضطرب خلال نومه بسبب وجود امرأة عند قدميه. فاندهش وقال: «مَنْ أَنْتِ؟» فَقَالَتْ: «أَنَا رَاعُوثُ أَمَتُكَ. فَابْسُطْ ذَيْلَ ثَوْبِكَ عَلَى أَمَتِكَ لأَنَّكَ وَلِيٌّ»( را 9:3). بمعنى أرجوك أن تقبلني كزوجة لك. ولكن بوعز أراد أن يتأكد من هو الولي الأقرب منه (13)، وأعطاها وعداً بذلك. وهنا ظهرت صفته كحكيم، لم يتخذ قراراً قبل أن يتأكد منه. كانت العادة في زمن راعوث، أن اليهود يكرهون الأمميين. ولكن بوعز لم يكن في قلبه ما كان يفكر به اليهود، لأنه يعرف من هي. وما نلاحظه أنّه لم يكن لديه خطة للزواج بها في بداية الأمر، ولكنه سمع أخبارها كلها، من وفاة زوجها وخدمتها لحماتها، وأظهر لراعوث العطف والحنان عليها. فراعوث كانت مثال السمعة الجيدة في خدمة حماتها، وأراد الرب أن يكافئها على محبتها لها.

 

 

 صاحب قرار أي ينفذ ما يقول

 

1فَصَعِدَ بُوعَزُ إِلَى الْبَابِ وَجَلَسَ هُنَاكَ. وَإِذَا بِالْوَلِيِّ الَّذِي تَكَلَّمَ عَنْهُ بُوعَزُ عَابِرٌ. فَقَالَ: «مِلْ وَاجْلِسْ هُنَا أَنْتَ يَا فُلاَنُ الْفُلاَنِيُّ. فَمَالَ وَجَلَسَ(را 1:4).

 

كان بوعز ينفذ ما يقول، فاجتمع بأهل المدينة وقصّ عليهم " بيت أليمالك وعائلته" حينما قال لهم: أيها الأخوة، أنتم تعلمون ما أصاب هذه العائلة من أمور محزنة وظروف صعبة، وأن راعوث الآن ليس لها زوج، وهي بحاجة إلى ذلك. فمن هو الأقرب حتى يتزوجها؟! فحتى لا يكون ملوماً من الآخرين، أعلن هذا الأمر جهاراً.

 

9فَقَالَ بُوعَزُ لِلشُّيُوخِ وَلِجَمِيعِ الشَّعْبِ: «أَنْتُمْ شُهُودٌ الْيَوْمَ أَنِّي قَدِ اشْتَرَيْتُ كُلَّ مَا لأَلِيمَالِكَ وَكُلَّ مَا لِكِلْيُونَ وَمَحْلُونَ مِنْ يَدِ نُعْمِي. 10وَكَذَا رَاعُوثُ الْمُوآبِيَّةُ امْرَأَةُ مَحْلُونَ قَدِ اشْتَرَيْتُهَا لِيَ امْرَأَةً، لأُقِيمَ اسْمَ الْمَيِّتِ عَلَى مِيرَاثِهِ وَلاَ يَنْقَرِضُ اسْمُ الْمَيِّتِ مِنْ بَيْنِ إِخْوَتِهِ وَمِنْ بَابِ مَكَانِهِ. أَنْتُمْ شُهُودٌ الْيَوْمَ»(را 4 : 9 و10)

 

 اشترى بوعز كل ما عند أليمالك، ومحلون وكليون، وراعوث حتى يقيم اسم الميت، فكان هدفه ليس لنفسه بل للآخرين.

 

 

 

       2.  رعاية بوعز لراعوث

 

تحررت راعوث من الفقر والخجل والقلق حينما التقت ببوعز. وهو يرعاها ويحافظ عليها، ونالت نعمة في عينيه (را 2: 8)، فقال بوعز لراعوث «أَلاَ تَسْمَعِينَ يَا بِنْتِي؟ لاَ تَذْهَبِي لِتَلْتَقِطِي فِي حَقْلِ آخَرَ، وَأَيْضًا لاَ تَبْرَحِي مِنْ ههُنَا، بَلْ هُنَا لاَزِمِي فَتَيَاتِي. ".

 

 

 لا تذهبي إلى حقلٍ آخر.

قال بوعز لراعوث لا تذهبي إلى حقل آخر، وهذا يَعني مسؤوليته عنها. وكذلك نحن أيضاً، علينا أن نذهب إلى المكان الذي يقودنا إليه الروح القدس، أو الطريق الذي يفتحه لنا روح الله. فإذا فعلنا هذا، فسيباركنا الله وكل ما نفعله ينجح. فلا بدّ أن نكون في الكنيسة، بمعنى أن لا نتركها بأي حال من الأحوال، لأنها مكان للحصول على النعمة. وقال يسوع لتلاميذه بعد قيامته وقبل صعوده إلى السماء (أع 4:1)، أن لا يبرحوا من أورشليم حتى ينالوا موعد الآب الذي سمعوه منه. بمعنى أن علينا أن لا نذهب إلى حقلٍ آخر.

 

 

لا تبرحي من ههنا.

قال بوعز لراعوث: "لا تبرحي من ههنا" إذا تركت راعوث بوعز، فهذا يُعني عدم وجود الشركة. وقال يسوع لنا في(يو 5:15).  5أَنَا الْكَرْمَةُ وَأَنْتُمُ الأَغْصَانُ. الَّذِي يَثْبُتُ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ هذَا يَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ، لأَنَّكُمْ بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا.

لا يوجد ثمر إلا عندما نثبت في يسوع المسيح، بمعنى أنْ لا نترك مكاننا في الكنيسة. ترك أليمالك بيت لحم الأرض المقدسة، فكانت حياته بدون نعمة إلهية. وأيضاً(لو 15) ترك الابن الضال بيت أبيه وحضنه، وصارت حياته مأساة. فكثير من الناس يعتقدون أنهم عندما يتركون بيت أبيهم سيكونون في حرية، وكل الطرق ستفتح أمامهم. ولكن العكس صحيح لأنهم سيقعون في عبودية الشيطان، ولا يميزون الطريق، ويكونون في حيرة وظلمة، وستكون هناك الآم ولعنات. وبالتالي يُسرع ويرجع إلى بيت أبيه. هناك ترنيمة كورية تقول:

 

ارجعوا. ارجعوا يا متعبين لأن الطريق فيها ظلمة وكآبة، ارجعوا. ارجعوا من الضيق والخطيئة والتجربة ارجعوا. ارجعوا إلى بيت أبيكم الذي يوجد فيه البركات الغزيرة. ارجعوا. ارجعوا.

 

والرب يسوع قال لنا: "ارجعوا إليّ "، وكان بأسلوبه اللطيف يقول: 28تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ(متى 28:11). فعند الرب يسوع سلام أبدي، وسعادة أبدية. فكل شخص يثبت في الكرمة يُثمر ثماراً كثيرةً، وينجح في يسوع المسيح لأنه قادر على كل شيء.

 

 

لازمي هنا

قال بوعز لراعوث(را 8:2) هُنَا لاَزِمِي فَتَيَاتِي. فراعوث حصلت على هذه الرعاية منه حينما كانت معه.

 

23فَلاَزَمَتْ فَتَيَاتِ بُوعَزَ فِي الالْتِقَاطِ حَتَّى انْتَهَى حَصَادُ الشَّعِيرِ وَحَصَادُ الْحِنْطَةِ. وَسَكَنَتْ مَعَ حَمَاتِهَا(را 23:2).

 

وأيضاً10لاَ تَخَفْ لأَنِّي مَعَكَ. لاَ تَتَلَفَّتْ لأَنِّي إِلهُكَ. قَدْ أَيَّدْتُكَ وَأَعَنْتُكَ وَعَضَدْتُكَ بِيَمِينِ بِرِّي(إش 10:41).

 

 فهذه كلمات الرب لتعزية شعبه وهم في السبي البابلي، وهذه عهود الله في إنقاذ شعبه. وهذه كانت بمثابة رجاء لهم، وكانوا ينتظرون حتى يكمل وعده. فالله كان مع الشعب في السبي لمدة 70 سنة في بابل. وبعدها حرر الرب إسرائيل، عن طريق كورش ملك فارس(2أخ 36: 22ـ 23). فالرب تنبأ كثيراً عن شعبه عن طريق الأنبياء، مثل(خر 7:6) 7وَأَتَّخِذُكُمْ لِي شَعْبًا، وَأَكُونُ لَكُمْ إِلهًا. فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمُ الَّذِي يُخْرِجُكُمْ مِنْ تَحْتِ أَثْقَالِ الْمِصْرِيِّينَ. ولكن بسبب حماقتهم ابتعدوا عن الرب. ولكن يسوع المسيح جاء إلينا، وتجسد لكي ينقذنا ويخلصنا(يو 14:1) "والكلمة صار جسداً، وحل بيننا ورأينا مجده مجداً كما لوحيد من الآب مملوءاً نعمة وحقاً". فالرب دائماً معنا، ويسوع المسيح علّم تلاميذه كلمة الله على الأرض، وشفى المرضى وأخرج الشياطين بقوته. وقال عند صعوده.

 

"وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ. آمِينَ (مت 20:28)

.

 فهذا يَعني أنه سيرجع إلى أبيه، ولكنه سيرسل لنا الروح القدس، ويكون معنا إلى الأبد، وهذا الرجاء الذي لنا على الأرض. فيسوع المسيح أرسل الروح القدس لنا، وأسس كنيسته من مؤمنين مملوءين بالروح القدس وصار رئيس الكنيسة ودائماً هو معنا

 

20 "لأَنَّهُ حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسْطِهِمْ(مت 20:18).

 

 في يوم الدينونة، سيهلك الذين تمردوا على إرادة الله، ولم يقبلوا يسوع المسيح مخلصا. بينما نحن المؤمنون نكون عروس المسيح،  ونشارك في حفل عرس الخروف(رؤ 19: 6ـ 10). والكتاب المقدس يشهد أن الله دائماً معنا، من سفر التكوين إلى سفر الرؤيا. لذلك قال الرب لنا أنْ لا نخاف، فهو يساعدنا ويعتني بنا، ويكون صديقاً لنا عندما نشعر بالوحدة، والمعزي في الحزن والطبيب في المرض. فعليك أن تكون سبب بركة مثل: أخنوخ ونوح وإبراهيم، ويوسف ودانيال.

 

 

اشربي الماء إذا عطشتِ.

"إذا عطشتِ فاذهبي إلى الآنية واشربي مما استقاه الغلمان."  في موسم الشعير عند الشعب قديماً، لا يكون موسم للمطر. وهو معروف بشهر الصيف الذي يتراوح ما بين شهري 5ـ 6، وتكون المياه قليلة. ولكن بوعز يقول لغلمانه: أعطوها حقها في الماء، لتشرب كما تشاء. فيسوع هو الذي يعطينا الماء الحي(يو 7:  37ـ38).

"وفي اليوم الأخير العظيم من العيد وقف يسوع ونادى قائلاً إن عطش أحد فليقبل إليَّ ويشرب. منْ آمن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه أنهار ماءٍ حي". كل القديسين المؤمنين لأبد أن يشربوا الماء الروحي، ولا يستطيع المؤمن أن يعمل في خدمة يسوع المسيح إلاّ بالروح القدس، وإذا كان ممتلئاً بالروح فسيتغلب على تعبه،"ولكن منْ يشرب من الماء الذي أعطيه أنا فلن يعطش إلى الأبد. بل الماء الذي أعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع إلى حياةٍ أبدية"(يو 14:4).

 

3.  راعوث نالت نعمة

 

 

        راعوث المحترمة:

11فَأَجَابَ بُوعَزُ وَقَالَ لَهَا: «إِنَّنِي قَدْ أُخْبِرْتُ بِكُلِّ مَا فَعَلْتِ بِحَمَاتِكِ بَعْدَ مَوْتِ رَجُلِكِ، حَتَّى تَرَكْتِ أَبَاكِ وَأُمَّكِ وَأَرْضَ مَوْلِدِكِ وَسِرْتِ إِلَى شَعْبٍ لَمْ تَعْرِفِيهِ مِنْ قَبْلُ(را 11:2).

 

سمع بوعز بولاء راعوث لحماتها، وهذا الخبر انتشر عن طريق الآخرين، وليس عن طريقها. فالإشاعة تصدر من طرف ثالث، إما بالمذمة أو بالمدح. والذي حدث مع راعوث هو إشاعة لخيرها، بمديحها بما فعلته لحماتها من الخير. فكل شيء يظهر في حينه، وكل الأشياء سواء أكانت خيراً أم شراً، مكشوفة أمام الله. ولكن ما نفعله من الخير، يجعل الله ينشره لنا. وحينما نفعل هذا الخير سراً، فالله يكافئنا علانية عنه أمام الآخرين. فالذي يريده الله هو مدح أولاده، سواء في داخل الكنيسة أم خارجها.

 

3فَانْتَخِبُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ سَبْعَةَ رِجَال مِنْكُمْ، مَشْهُودًا لَهُمْ وَمَمْلُوِّينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَحِكْمَةٍ، فَنُقِيمَهُمْ عَلَى هذِهِ الْحَاجَةِ. فهؤلاء السبعة كان مشهوداً لهم من الآخرين(أع 3:6). 47مُسَبِّحِينَ اللهَ، وَلَهُمْ نِعْمَةٌ لَدَى جَمِيعِ الشَّعْبِ. وَكَانَ الرَّبُّ كُلَّ يَوْمٍ يَضُمُّ إِلَى الْكَنِيسَةِ الَّذِينَ يَخْلُصُونَ( أع 47:2).

 

 فسبب انضمام الآخرين إلى الكنيسة، هو أنهم كانوا في حالة تسبيح لله، وأيضاً كانوا قدوة للآخرين. فالمؤمنون كانوا يُمدَحون من الآخرين، لذلك انضموا إليهم. بمعنى أنّ الخبر انتشر عنهم بالخير، فكانت النتيجة تمجيد الله.

 

17أَوْصِ الأَغْنِيَاءَ فِي الدَّهْرِ الْحَاضِرِ أَنْ لاَ يَسْتَكْبِرُوا، وَلاَ يُلْقُوا رَجَاءَهُمْ عَلَى غَيْرِ يَقِينِيَّةِ الْغِنَى، بَلْ عَلَى اللهِ الْحَيِّ الَّذِي يَمْنَحُنَا كُلَّ شَيْءٍ بِغِنًى لِلتَّمَتُّعِ. 18وَأَنْ يَصْنَعُوا صَلاَحًا، وَأَنْ يَكُونُوا أَغْنِيَاءَ فِي أَعْمَال صَالِحَةٍ، وَأَنْ يَكُونُوا أَسْخِيَاءَ فِي الْعَطَاءِ، كُرَمَاءَ فِي التَّوْزِيعِ، 19مُدَّخِرِينَ لأَنْفُسِهِمْ أَسَاسًا حَسَنًا لِلْمُسْتَقْبَِلِ، لِكَيْ يُمْسِكُوا بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ (1تيمو 17:6-19).

 

فالرب يطلب بحسب هذه الآيات، عدم الكبرياء وإلقاء الرجاء على الغنى فقط، بل نسعى إلى عمل الخير في الأعمال الصالحة. فيجب على المؤمنين أن يحبوا الله أكثر من الأموال. وإذا كان محباً للمال أكثر من محبته لله، فإنه يخدع ضميره ويسير في عبودية الأموال، ولكن على المؤمن أن يتبع الله بالإيمان، وفي هذه الحالة يباركه الله بكل بركة في السماء. وإذا أخطأ المؤمن عدة مرات، فهذا يجعله يسلك طريق الهالكين. ولكن إذا جعل قدميه تسير في ملكوت الله، فإنه سيعطيه نعمة. وعندما نعبد الرب بفرح، فالأحمال والأثقال لا نشعر بها، بل تكون مجرد أشياء خفيفة نحملها. وإذا كان الشخص مرسلاً في خدمة ما، فالرب يقوده تحت سحابة ظله. وخدمة الرب ليست بالقوة، بل بمعونة الرب يسوع المسيح. وعند مواجهة الصعوبات والتجارب لا نهرب، بل نبقى في حقل الله. فراعوث نالت نعمة وصارت جدة داود في النسل الملكي، وأيضاً في نسل يسوع المسيح. ولكن عرفة نظرت إلى العالم، وصارت شخصية بلا قيمة. فيجب علينا أن ننظر دائماً إلى الله، مثلما نرنم نحن الكوريون هذه الترنيمة التي تقول:

 

الرب يضيء لنا الطريق حينما نتبع يسوع المسيح، وأيضاً الرب يكون دائماً معنا، حينما نتكل ونعتمد عليه. فالرب يسوع يقودنا حتى نهاية المطاف، فكيف أشك في رحمته!؟ وأينما نحن نعلم فكل شيء ينجح، حينما نعيش معه بالإيمان.

راعوث المحمية

 

12لِيُكَافِئِ الرَّبُّ عَمَلَكِ، وَلْيَكُنْ أَجْرُكِ كَامِلاً مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ الَّذِي جِئْتِ لِكَيْ تَحْتَمِي تَحْتَ جَنَاحَيْهِ (را 12:2).

 

بارك بوعز راعوث بثلاث بركات:

1.      ليكافئ الرب عملك

2.      ليكن أجرك كاملاً

3.      لكي تحتمي تحت جناحيه.

 

نستنتج من هذه الكلمات، أنّ الرب هو من يكافئنا بحسب عملنا، مثلما نجد في (أم 21:13) 21اَلشَّرُّ يَتْبَعُ الْخَاطِئِينَ، وَالصِّدِّيقُونَ يُجَازَوْنَ خَيْرًا.ً إذاً نالت راعوث بركة من عند الرب، لأنها عملت خيراً. والأشرار لديهم لعنة، وأمّا البار فإنه يحصل على بركة الرب. وأيضاً الرب يحمي راعوث، كما في (مز 1:57)1اِرْحَمْنِي يَا اَللهُ ارْحَمْنِي، لأَنَّهُ بِكَ احْتَمَتْ نَفْسِي، وَبِظِلِّ جَنَاحَيْكَ أَحْتَمِي إِلَى أَنْ تَعْبُرَ الْمَصَائِبُ. الله يحمينا كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها(مت 37:23). والرب يعطينا أجرة كما نجد في (أم 18:11) 18اَلشِّرِّيرُ يَكْسَبُ أُجْرَةَ غِشٍّ، وَالزَّارِعُ الْبِرَّ أُجْرَةَ أَمَانَةٍ. عمل الشرير باطل، بينما حياة البار لها مكافأة عظيمة. (1كو 24:9 ب) "هكذا اركضوا لكي تنالوا". من السهل أن ننتقد الآخرين ونحكم عليهم، ونتذمر منهم حينما نكون بلا نعمة الله.

  

 

راعوث نالت نعمة من عند الرب

 

13فَقَالَت: «لَيْتَنِي أَجِدُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ يَا سَيِّدِي لأَنَّكَ قَدْ عَزَّيْتَنِي وَطَيَّبْتَ قَلْبَ جَارِيَتِكَ، وَأَنَا لَسْتُ كَوَاحِدَةٍ مِنْ جَوَارِيكَ(را 13:2).  

 

لا بد أن نجد نعمة في عيني الرب، عن طريق الإيمان بيسوع المسيح لأنه بار. ولذلك  يقول بولس: " قد صار لنا الدخول بالإيمان إلى هذه النعمة"(رو5: 1 – 2)، وأيضاً(غلا 16:2)16إِذْ نَعْلَمُ أَنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَتَبَرَّرُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ، بَلْ بِإِيمَانِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، آمَنَّا نَحْنُ أَيْضًا بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، لِنَتَبَرَّرَ بِإِيمَانِ يَسُوعَ لاَ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ. لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ لاَ يَتَبَرَّرُ جَسَدٌ مَا. وأيضاً 13اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ». 14لِتَصِيرَ بَرَكَةُ إِبْرَاهِيمَ لِلأُمَمِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، لِنَنَالَ بِالإِيمَانِ مَوْعِدَ الرُّوحِ(غلا 3: 13 – 14).

 نحن لا نستطيع أن نتبرر بالطريقة الإنسانية، بالرغم من التزامنا بالناموس، ولا أحد يخلص بالأعمال بل يتبرر بالإيمان بيسوع المسيح بنعمته، " لأنكم بالنعمة أنتم مخلصون بالإيمان وذلك ليس منكم هو عطية الله، ليس من أعمال كي لا يفتخر أحد "(أف8:2).  راعوث امرأة موآبية، ولكنها وجدت نعمة عند الرب في بيت لحم.

 

30اَلْحُسْنُ غِشٌّ وَالْجَمَالُ بَاطِلٌ، أَمَّا الْمَرْأَةُ الْمُتَّقِيَةُ الرَّبَّ فَهِيَ تُمْدَحُ. 31أَعْطُوهَا مِنْ ثَمَرِ يَدَيْهَا، وَلْتَمْدَحْهَا أَعْمَالُهَا فِي الأَبْوَابِ ( أم 30:31-31).

نعم، جمال الإنسان في الدنيا باطل، لذلك علينا أن نشتاق إلى الجمال الروحي، وهذا يعني بأن نعيش حياة القداسة الروحية. وهذا يتطلب أن نترك العادات التي تتعلق بالحياة العتيقة. علينا أن نسعى إلى الجمال الأبدي، وهو أن نعيش في تقوى الله. راعوث مؤمنة مؤثرة، لأنها جعلت الآخرين يتحدثون عنها، وهذا يعطينا صورة وهي أن الإيمان الذي لا يوجد فيه انتعاش، هو إيمان ميت ليس فيه حياة كالرسام الذي يجب أن يكون لديه إثارة وأشواق وتلهف، فإذا رسم بدون هذه الأشواق، يكون رسمه بدون قيمة. وأيضا زارع الأشجار والورد، إذا لم يكن لديه أشواق ومحبة للإزهار والورد يكون عمله بلا قيمة. شخصياً عندما أذهب إلى مدينة "مانهاتن" في أمريكا حيث المباني المرتفعة والمترو الموجود أسفل الأرض، أشعر بالإثارة والفرح. فكيف تعرف الشخص الذي نال نعمة في عيني الرب؟ الجواب هو شخص عنده فرح حقيقي، وأشواق ومحبة قلبية اتجاه الرب والآخرين. هل تتذكر يومَ قبولك للرب يسوع، وكيف كان فرحك به؟ الجواب كل المؤمنين الذين نالوا هذا الخلاص صلاتهم هكذا :

 

أولا:   أنا يا رب مثل حبة خردل، بمعنى أنا صغير جداً بدونك

ثانيـاً:    أنا يا رب مثل الفتات الصغيرة أي فضلات الطعام بمعنى بدونك أنا بلا منفعة

ثالثــاً: أنا يا رب مثل الابن الضال، بمعنى أعترف بأنني لا أستحق الوقوف أمامك

رابعاً:     أنا يا رب مثل الجنين في بطن أمه، بمعنى يا رب أنا عندي نقص

خامساً:   أنا يا رب مثل حبة الحنطة، بمعنى أنا بلا قيمة بدونك. 

 

           ماذا قالت راعوث لبوعز؟ أنا مثل جارية من جواريك. وحرك تواضع راعوث قلب الله نحوها، فالماء دائماً ينزل من فوق إلى أسفل، كذلك أيضاً نعمة الله تنزل من السماء إلى الأرض فيجب علينا أن نتواضع أمام الله.

 

 

راعوث الشبعانة

 

14فَقَالَ لَهَا بُوعَزُ: «عِنْدَ وَقْتِ الأَكْلِ تَقَدَّمِي إِلَى ههُنَا وَكُلِي مِنَ الْخُبْزِ، وَاغْمِسِي لُقْمَتَكِ فِي الْخَلِّ. فَجَلَسَتْ بِجَانِبِ الْحَصَّادِينَ فَنَاوَلَهَا فَرِيكًا، فَأَكَلَتْ وَشَبِعَتْ وَفَضَلَ عَنْهَا  (را 14:2).

 

عرف بوعز أن راعوث جائعة، مثلما يعرف الرب حاجاتنا، فهو يصنع لنا عشاء عظيما ويدعونا إلى مائدته ( لو 16:14). فالرب يعرف عطشنا وضعفنا، فإذا كنا نسبحه فهو يشبعنا، مثل شعب إسرائيل عندما أعطاهم المن لمدة أربعين سنة، وكان هذا بمثابة تسديد لكل احتياجاتهم اليومية. أشبع يسوع خمسة آلاف شخص من سمكتين وخمسة أرغفة(مت19:14-21)، وهو أيضا حول الماء إلى خمر في عرس قانا الجليل(يو1:2-11)، وكذلك هو ملا سفينتين حتى أخذتا في الغرق(لو1:5-7). فالرب يملأ السفينة الفارغة ويشبع النفس الجائعة.

 

"25اَلصِّدِّيقُ يَأْكُلُ لِشَبَعِ نَفْسِهِ، أَمَّا بَطْنُ الأَشْرَارِ فَيَحْتَاجُ "(أم25:13).

 

نعم الصديق يشبع وخزائنه ممتلئة. قال يسوع  "6طُوبَى لِلْجِيَاعِ وَالْعِطَاشِ إِلَى الْبِرِّ، لأَنَّهُمْ يُشْبَعُونَ"(مت 6:5).

 

           فالرب يشبعنا، حينما نشتاق إلى بره الروحي. عندما يغادر المؤمن الحضرة الإلهية يأتيه الفقر الروحي وأيضاً قد يكون فقراً مادياً ، ولكن عندما يعود إلى بيت أبيه، يستقبله ويقبله ويلبسه الحلي الأغلى ويجعل خاتماً في يده ويعمل له وليمة. لذلك علينا أن نأتي إلى أبينا فهو يشبعنا. يلبسنا ثوب البر ويخلع عنا ثوب الخطيئة والعار، يضع خاتماً في أيدينا رمز الملك إذ نصبح ملوكا وكهنة لله، ويكون الفرح غامرا  في قلوبنا كوليمة عظيمة لأن الرب معنا كل أيام الحياة.

 

 

 راعوث المرحومة

 

 (را15:2-16) 15ثُمَّ قَامَتْ لِتَلْتَقِطَ. فَأَمَرَ بُوعَزُ غِلْمَانَهُ قَائِلاً: «دَعُوهَا تَلْتَقِطْ بَيْنَ الْحُزَمِ أَيْضًا وَلاَ تُؤْذُوهَا. 16وَأَنْسِلُوا أَيْضًا لَهَا مِنَ الشَّمَائِلِ وَدَعُوهَا تَلْتَقِطْ وَلاَ تَنْتَهِرُوهَا.

 

           هنا نلاحظ كرم بوعز ورحمته الإنسانية، تجاه أرملة فقيرة، وهو "أنه أمر غلمانه بأن لا يلمسوها، بمعنى لا تؤذوها بل قدموا لها الارتواء في وقت العطش. لأنها كانت فقيرة وأرملة وحيدة وغريبة وقد يطمع بها أحد ويفعل بها الشر وليس هناك من يدافع عنها، والمؤمن قد يضن أنه وحيد غريب ليس له سند أو عائلة تدافع عنه، لكن المؤمن يضع ثقته بالرب، ويقول الرب يحامي عني، وملاك الرب حال حول خائفيه وينجيهم، وقل وأنت وسط الخوف والقلق أن كان الرب معي فمن علي ماذا يصنع بي إنسان. وأيضا أن تكون وسط الحزم، حتى تلتقط ما شاء منها، بأنه أمر الحصادين أن يتركوا لها بعض سنابل القمح حتى تلتقطها.

فنحن نجد في بوعز صورة عن يسوع المسيح، فهو الذي يرحم ويكرم أولاده الفقراء. وبوعز كان له حب نقي في عطفه على الفقراء الذين في حقله. وهذه صورة عن قلب يسوع المسيح، فهو يرعى أولاده برحمته ومحبته، ولا يرضى أن يتركهم وقت العطش والجوع.

 

"156كَثِيرَةٌ هِيَ مَرَاحِمُكَ يَا رَبُّ. حَسَبَ أَحْكَامِكَ أَحْيِنِي"(مز156:119).

" 16فَلْنَتَقَدَّمْ بِثِقَةٍ إِلَى عَرْشِ النِّعْمَةِ لِكَيْ نَنَالَ رَحْمَةً وَنَجِدَ نِعْمَةً عَوْنًا فِي حِينِهِ"(عب16:4).

 

فالرب يحتضن أولاده، وبالتالي فهم يشعرون بالسلام والتعزية الحقيقية، نتيجة الأمان الذي لهم.

 

  7طُوبَى لِلرُّحَمَاءِ، لأَنَّهُمْ يُرْحَمُونَ(مت7:5).

 

فعلينا أن نرحم الآخرين، بمعنى أن نقدم لهم العطف والحنان.

 

"13لأَنَّ الْحُكْمَ هُوَ بِلاَ رَحْمَةٍ لِمَنْ لَمْ يَعْمَلْ رَحْمَةً، وَالرَّحْمَةُ تَفْتَخِرُ عَلَى الْحُكْم"ِ(يع13:2).

 

          الله يرحمنا عندما نقدم الرحمة للآخرين، ويدين بلا رحمة الذين لا يقدمون الرحمة. فعندما أغفر للآخرين، فالرب يغفر لي أيضا. وعندما أستر خطايا الآخرين، فالرب يسترني. لذلك علينا أن لا نكون بخلاء على الآخرين(1صم 25).

        الغني نابال عاش بالبخل تجاه داود ورجاله، والنتيجة أنه مات، ولكن ليس بسبب القتل ولا بسبب اللصوص. بل يقول الكتاب في الإصحاح السابق أن قلبه تجمد وصار كالحجر في داخله بسبب الخوف من أن يقتله داود ، ولم يفعل داود ذلك بسبب ابيجايل التي ذهبت إلى داود واستعطفته لكي لا يدمر كل ممتلكات نابال ، فزوجة نابال "أبيجايل" كانت امرأة حكيمة، وجدت نعمة في عيني داود. مما جعل داود يتخذها زوجة له بعد موت زوجها نابال. لذلك علينا أن لا نكون بخلاء. ويذكرني هذا ببعض أبيات من الشعر باللغة العربية يتحدث عن البخلاء ويقول الشاعر:

 

لا يسقط الدرهم من كفه ولو ثقبناه بمسمار

ويكتب على كل رغيفٍ حماك الله من الفأر

لو إن قصرك يا ابن عمي كله ابرٌ

يضيق بها رحب المنزل

وأتاك يوسف يستعيرك إبرةً

ليخيط بها جب قميصه لم تفعل!!

 

أولا: في غفراننا للآخرين

 

"5لأَنَّكَ أَنْتَ يَا رَبُّ صَالِحٌ وَغَفُورٌ، وَكَثِيرُ الرَّحْمَةِ لِكُلِّ الدَّاعِينَ إِلَيْك"َفالرب يحب أن يغفر للخطاة، وأيضا في أن نسامح الآخرين  (مز5:86).

 

في بداية تأسيس كنيستي، كان هناك سوء فهم لدى أخت من الأخوات، فتركت الكنيسة. وبعد فترة طويلة راجعتني قائلة: " أيها الراعي، أنا أخطأت في ترك الكنيسة، فأرجو أن تسامحني". ولكن قبل أن تنطق بهذه الكلمات، كنت قد سامحتها أمام الرب. وحاليا هي شخصية ذات أهمية في الخدمة.

 

ثانيا:لا نكون بخلاء في عطائنا

      إذا كان لدينا أموال، علينا أن نساعد الآخرين، وتكون تقدماتنا للزيادة وليس للنقصان، بسبب حصولنا على رحمة الله. وهذه البركة التي لنا به. لذلك علينا أن نفكر في جيراننا،ونقدم لهم رحمة الله.

 

38أَعْطُوا تُعْطَوْا، كَيْلاً جَيِّدًا مُلَبَّدًا مَهْزُوزًا فَائِضًا يُعْطُونَ فِي أَحْضَانِكُمْ. لأَنَّهُ بِنَفْسِ الْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ (لو38:6).

 

       طلب بولس منا أن نكون أسخياء في العطاء.

 

"13إِذْ هُمْ بِاخْتِبَارِ هذِهِ الْخِدْمَةِ، يُمَجِّدُونَ اللهَ عَلَى طَاعَةِ اعْتِرَافِكُمْ لإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ، وَسَخَاءِ التَّوْزِيعِ لَهُمْ وَلِلْجَمِيعِ"(2كو 13:9).

 

 فالرب يساعدنا أن نكون رحماء، ونكرم الفقراء مثلما فعل بوعز. كانت امرأة تشكو لصديقتها من العث الذي يأكل الثياب، فقالت لها صديقتها : أنا أعرف نوع من القماش لا يأكله العث، فردت المرأة وما هو؟ فقالت الصديقة إنها الثياب التي أوزعها على الفقراء فأنا أحميها من أن يأكلها العث !

 

 

راعوث تحصل على بركة غزيرة

"17فَالْتَقَطَتْ فِي الْحَقْلِ إِلَى الْمَسَاءِ، وَخَبَطَتْ مَا الْتَقَطَتْهُ فَكَانَ نَحْوَ إِيفَةِ شَعِيرٍ. 18فَحَمَلَتْهُ وَدَخَلَتِ الْمَدِينَةَ. فَرَأَتْ حَمَاتُهَا مَا الْتَقَطَتْهُ. وَأَخْرَجَتْ وَأَعْطَتْهَا مَا فَضَلَ عَنْهَا بَعْدَ شِبَعِهَا" (را 17:2-18).

           جمعت راعوث إيفة واحدة في يوم واحد أي بمعدل أربعة وعشرين كيلو غرام شعير بحسب الترجمة التفسيرية، وأعطت كل هذه الكمية لحماتها، وهذا يعطينا درساً روحياً جميلا؛ فعندما نحصل على بركة في الكنيسة، لأبد أن نأخذها إلى البيت، وهذا يجعل العائلة في نجاح وثمر متكاثر، سواء روحيا أو ماديا.

ويجب على كل مؤمن في الكنيسة أن يلتقط سنابل كلمة الله ويكون بركة للعائلة، سواء في الأمور الروحية أم الجسدية. وهذا يؤثر في تربية أولادنا، وعلينا أيضا أن نحفظ العائلة ببركة الكنيسة، فكل بركة نحصل عليها مردودها للعائلة قبل أي شخص آخر، لماذا؟ لأن راعوث حصلت على بركة من حقل بوعز فأعطتها إلى حماتها، فحصلت على نعمة أكثر من الله، فصار بوعز وكل خيراته لها.

 

 

 راعوث الممتلئة بالشكر

 

19فَقَالَتْ لَهَا حَمَاتُهَا: «أَيْنَ الْتَقَطْتِ الْيَوْمَ؟ وَأَيْنَ اشْتَغَلْتِ؟ لِيَكُنِ النَّاظِرُ إِلَيْكِ مُبَارَكًا». فَأَخْبَرَتْ حَمَاتَهَا بِالَّذِي اشْتَغَلَتْ مَعَهُ وَقَالَتِ: «اسْمُ الرَّجُلِ الَّذِي اشْتَغَلْتُ مَعَهُ الْيَوْمَ بُوعَزُ (را 19:2).

          

هذا يجعلنا أن نستخلص أن حياة نُعمِيِ وراعوث، حياة بؤس وشقاء. ولكن الحوار الذي دار بينهما كان رائعا بدون تذمر، بل فيه شكر وفرح وتشجيع. " لِيَكُنِ النَّاظِرُ إِلَيْكِ مُبَارَكًا" فُنعمِيِ باركت راعوث وهذه صورة جميلة، فلذلك البركة هي ثمر الفم. عندما رجعت راعوث إلى بيتها، سألتها نُعمِيِ: أين التقطتِ السنابل اليوم؟ فتحدثت لها عن بوعز وبكل التفاصيل. لا توجد قيمة للجوهرة وهي مدفونة تحت الأرض، ولكنها لابد أن تكون ظاهرة على الأرض. وأيضا إيماننا يجب أن لا يكون مخفيا، بل معلنا للكل، وعلينا أن لا نُخبئ البركة التي لنا من الله، بل علينا أن نعلنها ونشهد بها للآخرين.

 

           كيف بارك الرب حياتها؟ بعد أن سمعت نُعمِيِ القصة من راعوث، وخاصة عندما ذكرت اسم بوعز، فحالا قدمتها له، وهذا درس روحي لنا. فنعمي قدمت راعوث لبوعز كما يقدمنا الروح القدس ليسوع المسيح. لم تشعر راعوث بالحزن والكآبة، حينما كانت تلتقط في حقل بوعز، بل شعرت بالسعادة في لقائها معه. علينا أيضا أن نقابل يسوع المسيح، فحضورنا إلى الكنيسة يعطينا فرحاً مؤقتاً، ولكن إذا لم نُقابل مصدر الفرح وهو الرب يسوع المسيح، فلن يكون لنا الفرح الحقيقي.

 

 

راعوث والبركات الموروثة لنسلها

 20فَقَالَتْ نُعْمِي لِكَنَّتِهَا: «مُبَارَكٌ هُوَ مِنَ الرَّبِّ لأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكِ الْمَعْرُوفَ مَعَ الأَحْيَاءِ وَالْمَوْتَى». ثُمَّ قَالَتْ لَهَا نُعْمِي: «الرَّجُلُ ذُو قَرَابَةٍ لَنَا. هُوَ ثَانِي وَلِيِّنَا»(را20:2).

 

فالبركات الإلهية تنتقل من جيل إلى جيل، وهذا تدبير إلهي. ولذلك يقول شعب إسرائيل كما ورد في الكتاب : الرب إلهنا هو اله إبراهيم واسحق ويعقوب..

"6وَأَصْنَعُ إِحْسَانًا إِلَى أُلُوفٍ مِنْ مُحِبِّيَّ وَحَافِظِي وَصَايَاي"َ. فالرب لا يريد أن يقطع جيلا من أجيال أولاده(خر 6:20).

 

في التقليد اليهودي أنه إذا كان في العائلة شخص متزوج، ومات دون أن يقيم له نسلا، فأخيه يأخذ زوجته لكي يقيم له نسلا، والمولود الأول يدعى باسم الميت (تث5:25-10). فالعبارة تقول(عد 56 ) "لئلا يُمحى اسمه من إسرائيل". فالرب يريد أن يبني بيوت أولاده، فهو لا يريد أن يقطع النسل، بل لكي يكونوا بركة.

 

"17وَسَمَّتْهُ الْجَارَاتُ اسْمًا قَائِلاَتٍ: «قَدْ وُلِدَ ابْنٌ لِنُعْمِي» وَدَعَوْنَ اسْمَهُ عُوبِيدَ. هُوَ أَبُو يَسَّى أَبِي دَاوُدَ"(را17:4).

 

فالكتاب المقدس لا يذكر " قد وُلد ابن لراعوث"، بل " قد وُلد ابن لنعمي" وذلك حتى يقيم هذا الولد اسم الميت لعائلة أبيمالك. فالرب يدعونا لكي نكون سبب بركة للآخرين، لذلك علينا أن نطيع الرب ونخدمه ونعتني بكنيسته لكي يباركنا.



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6