Thu | 2022.Nov.03

ثلاث أرامل


«قَبَّلَتْ عُرْفَةُ حَمَاتَهَا، وَأَمَّا رَاعُوثُ فَلَصِقَتْ بِهَا»

في راعوث 1 نرى “نُعْمِي” الأرملة مع كنَّتيها الأرملتين أيضًا في طريقهن للرجوع إلى أرض يهوذا. هل هو رجوع مُحزن؟ نعم. لكنَّه أيضًا رجوع مُبهج لمن وصل إلى نهاية موارده، ووجَّه أفكاره وخطواته نحو الله. هكذا كان الأمر أيضًا مع الابن الأصغر الذي سافر إلى كورة بعيدة، ولكن في مذلته تذكَّر مكان الوفرة والشبع ( را 1: 6 ؛ لو15: 17). هذا ما يُسمى في الكتاب المقدس: “التغيير” أو “التحول”.

ولقد تصرفت “عُرْفَةُ” كمعنى اسمها: “رقبتها”، فأدارت ظهرها للبركة. لقد خرجت من بلاد موآب، ولكنها لم تدخل بيت لحم، وهي في هذا تذكرنا بامرأة أخرى تعيسة هي امرأة لوط، التي خرجت من مدينة الهلاك سدوم، ولكنها لم تصل إلى الأمان. ثم إنَّ دموع “عُرْفَةُ” التي ذرفتها وهي تودِّع حماتها، تذكِّرنا بالشاب الغني الذي مضى حزينًا، لأنَّه فضَّل أمواله وغناه عن اتِّباع السَيِّد ( مت 19: 22 ).

أمَّا “رَاعُوث” فقد حسبت كل شيء بعناية، وقدَّرت الكلفة، وكان قرارها لا رجعة فيه، لأنَّها اختارت طريقها بالإيمان، والإيمان دعاها لمواصلة المسيرة رغم صعوبة الطريق. “راعوث” إذًا تمثل الإصرار على اتِّباع الرب، مهما كلَّف الأمر، أو بالحري “الثبات في الرب بعزم القلب” ( أع 11: 23 ). لقد التصقت بنُعْمِي، لكن فوق الكل التصقت بشعب نُعْمِي وإله نُعْمِي. وهكذا بدون أن تلتفت إلى الوراء، أو تسمح للأفكار أن تزعجها من جهة المستقبل، ذهبت مع حماتها حتى دخلتا “بيت لحم”، المكان الذي يعني “بيت الخبز”، أو “مكان الشبع”.

إذًا فنحن في هؤلاء النسوة الثلاث، يمكننا أن نرى أولاً: قديسة مرتدة في طريق العودة إلى المكان الصحيح (نُعْمِي)؛ وشاهدة لنعمة الله ميَّزها الإيمان والتكريس (رَاعُوث)؛ ومجرد معترفة لها اعتراف حسن، لكنه فارغ، لا يمكن أن يفيد صاحبه (عُرْفَة).

يوسف رياض



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6