Wed | 2022.Nov.02

للرب الخلاص


«خُذُونِي وَاطْرَحُونِي فِي الْبَحْرِ فَيَسْكُنَ الْبَحْرُ عَنْكُمْ»

مَن افتكر في يونان، في عناده، في استقلاله وعدم مبالاته وسوء حالته؟ افتكرت فيه نعمة الله العجيبة؛ نعمة الله المُخلِّص الذي في صبر محبته تتبع يونان، وفي حنانه نبَّه النبي العاثر المُقصِّر. وهكذا الله بغنى هذه النعمة، وكمال هذه المحبة، يوقظ كل خاطئ مسكين الآن. إن الله الذي زعزع أساسات السجن في فيلبي، لكي يوقظ السجان، هو الذي أرسل العاصفة على البحر، لكي يوقظ يونان النائم. ونرجو في نعمته أن يستخدم هذه الكلمات الضعيفة ليوقظك!

ومَن أعدَّ ليونان خلاصًا؟ مَن غير الله القدير؟ ولا يفوتك أن يونان حكم على نفسه بالموت، وهو به أحقّ «خُذُونِي وَاطْرَحُونِي فِي الْبَحْرِ فَيَسْكُنَ الْبَحْرُ عَنْكُمْ». وحالما ظفر الموت غنيمته، وقف هيجان البحر. ولكن ماذا جرى ليونان؟ ماذا حلَّ به وأصابه؟ لو تُرِكَ لنتائج الموت الذي قَبِلَه لهلك. ولكن تبارك اسم الرب الذي تداخل في هذا الموقف الحرج، وأتى بالخلاص. وهذه هي النعمة المُخلِّصة التي تُحافظ على بر الله وعدله، والتي تُبرّر الله إلى التمام، بل النعمة التي تُخلِّص الخاطئ من نتائج تمرده وعصيانه ضد الله. ولذلك نقرأ «وَأَمَّا الرَّبُّ فَأَعَدَّ حُوتًا عَظِيمًا لِيَبْتَلِعَ يُونَانَ» (ع17).

وهكذا خلص يونان بحياة شخص آخر استطاع أن ينزل إلى حيث لا يستطيع يونان أن يعيش. وما أجمل هذا الرمز لخلاص ذاك الفادي، الذي في نعمته أخذ دينونتنا واحتملها! ومن غيره يستطيع أن يحتملها؟ ذلك الفادي الذي ذهب إلى الموت، وجاز غماره لأجلنا، ولم يترك في قاع البحر إلا خطية يونان، وقد تُرِكَت إلى الأبد.

وهكذا نرى في يونان صورة تمرد الإنسان وخلاص الله. فلم يكن من ناحية يونان إلا الإرادة الذاتية والاستقلال وعدم المبالاة والموت. ولم يكن من جانب الله إلا الحنان والشفقة، والنعمة التي أعدَّت الخلاص الكامل المُطلق، مُظهرًا أنه بار، ومُخلِّص الخاطئ، إذ دان الخطية، وخلَّص الهالك.

أيرنسيد



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6