Tue | 2020.Apr.21

في وسط المخاوف


«لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ. أَنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ فَآمِنُوا بِي» ( يوحنا ١٤: ١ )

الاضطراب هو الغليان وعدم الهدوء «أَمَّا الأَشْرَارُ فَكَالْبَحْرِ الْمُضْطَرِبِ لأَنَّهُ لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَهْدَأَ»، بينما حالة المتوكل على الرب هي «سَلاَمٌ سَلاَمٌ لِلْبَعِيدِ وَلِلْقَرِيبِ» ( إش 57: 19 ، 20). ويبدو أن التلاميذ كانوا مضطربين وذلك على أثر قول معلمهم وسَيِّدهم «يَا أَوْلاَدِي، أَنَا مَعَكُمْ زَمَانًا قَلِيلاً بَعْدُ» ( يو 13: 33 ). لكن الرب في لطفه يُطمئنهم بمجيئه إليهم في الروح القدس «لاَ أَتْرُكُكُمْ يَتَامَى. إِنِّي آتِي إِلَيْكُمْ» ( يو 14: 18 ). والطمأنينة الكبرى المرجوة من جميع المؤمنين «آتِي أَيْضًا وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ، حَتَّى حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا» ( يو 14: 3 ). ومما يطمئننا أنه في ذات الجو المشحون اضطرابًا، اختبر المعلم الوديع الألم والتعب من خليقة يديه، فقال: «عَبَثاً تَعِبْتُ. بَاطِلاً وَفَارِغًا أَفْنَيْتُ قُدْرَتِي»، ولكنه - له المجد - إذ كان يدرك عظمة وسلطان الله في الظروف، نجده يقول: «لَكِنَّ حَقِّي عِنْدَ الرَّبِّ، وَعَمَلِي عِنْدَ إِلَهِي» ( إش 49: 4 ). وها هو السيد الذي تألم مُجربًا واختبر عظمة المعية الإلهية، بل وسلطان يهوه الكامل، فإذ به في وسط هذا الجو المضطرب يُبادر بتشجيع تلاميذه الأحد عشر «لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ».

وكم يحلو لنا أن نتذكر مواعيد سيدنا التي ترقى إلى سماء السماويات حيث المحافل القدسية. إن سفينة القديسين التي ظلت خلال ستة آلاف سنة تصارع الأمواج التي “تُصعدنا إلى السماوات وتهبط بنا إلى الأعماق” حتى “تذوب أنفسنا بالشقاء” ( مز 107: 26 )، لكن الملاح القدير المُختبر بكل آلامنا «يُهَدِّئُ الْعَاصِفَةَ فَتَسْكُنُ، وَتَسْكُتُ أَمْوَاجُهَا. فَيَفْرَحُونَ لأَنَّهُمْ هَدَأُوا، فَيَهْدِيهِمْ إِلَى الْمَرْفَإِ الَّذِي يُرِيدُونَهُ» ( مز 107: 29 ، 30). إنه بنفسه يطالبنا بعدم الاضطراب، بل ويتعهد كل ما من شأنه أن يشجعنا على ذلك. وتاج الكل أنه يَعِدنا بأنه سيأتينا بنفسه ليأخذنا إليه. فلماذا الاضطراب أو الأسى إذًا، فالرب في السفينة قائدها، ولا يمكن لمياه أن تضرها.

أديب يسى



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6