Sat | 2022.Nov.19

أرملةٌ فقيرةٌ


«إِنَّ هَذِهِ الأَرْمَلَةَ الْفَقِيرَةَ قَدْ أَلْقَتْ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ الَّذِينَ أَلْقَوْا»

جلس ابن الله تجاه الخزانة، يراقب تقدمات الناس، وكان في إمكانه أن يُقيِّم عطاياهم. واقتربت أرملة فقيرة ـــــ من المُحتمل أنها كانت واحدة ممن عانين من استغلال الكتبة ـــــ وألقت في الخزانة كل ما تملك، وهو قليل. لقد كان كل ما تملك فلسين، وقد ألقت بهما في الخزانة. وطبقًا لأفكار البشر، كانت تقدمتها ضئيلة لا تستحق الذكر، أما في تقييم الله، كانت أعظم قيمة من كل التقدمات مجتمعة. فالطريقة التي يحسب بها الله القيمة، ليست كطريقتنا. فالدافع هو كل شيء عند الله. فأمامنا امرأة ـــــ التي بدلاً من أن تلوم الله على جشع الكتبة، الذين يدَّعون أنهم يمثلونه ـــــ كرَّست كل ما لديها لخدمة الله، وهذا أبهج قلب ربنا.

فدعا الرب تلاميذه إليه، وامتدح ما عملته تلك المرأة، مُبرِزًا إياها على الجميع (ع43). هذا يلفت الانتباه بشكلٍ خاص، إذا لاحظنا كيف يفتتح الأصحاح الثالث عشر من هذا الإنجيل، لأن تلاميذه كانوا حريصين أن يلفتوا انتباهه إلى عظمة وجمال مباني الهيكل. وأشاروا إلى الحجارة الفخمة التي أتقنت أيدي الرجال صناعتها. أما هو فأشار إلى الجمال الأدبي فيما فعلته تلك الأرملة. وعرَّفهم أن مبانيهم الفخمة لا يُترك حجر على حجر فيها لا يُنقض، أما ما فعلته تلك الأرملة، فسيظل يُذكَر في الأبدية.

لقد أعطت المرأة فلسيها لخزانة الهيكل التي كانت تتلقى التبرعات لصيانة مباني الهيكل! والرب قد أدار ظهره فعلاً للهيكل، وأعلن الآن خرابه. ولم تكن المرأة تعلَم هذا، ولكن بالرغم من تَخلُف معلوماتها، قُبِلت تقدمتها، وعظمت قيمتها، بسبب إخلاص قلبها الذي دفعها لذلك. فيا لها من حقيقة مُريحة! لقد كان الله هو الذي يملأ أبصارها عندما أعطت، والله باقِ، حتى إذا خُرِّب الهيكل. فالأشياء المادية ـــــ التي قد نضع قلوبنا عليها ـــــ يمكن أن تختفي، ولكن الله باقٍ لا يزول.

ف. ب. هول



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6