قلب رحيم وحساس (9 : 10 – 11)
إرميا لم يكن نبياً صامتاً. في حقيقة الأمر، لقد وصفه العديد بأنه "النبي النائح". وحتى عند النظر إلى الآيات التي تسبق هذه الآية مباشرة، يمكن للمرء أن يقيس مدى رقة وحساسية قلبه تجاه شعب الله. "قَلْبِي فِيَّ سَقِيمٌ"( 8 : 18). ‏"يَا لَيْتَ رَأْسِي مَاءٌ، وَعَيْنَيَّ يَنْبُوعُ دُمُوعٍ، فَأَبْكِيَ نَهَارًا وَلَيْلاً ( 9 : 1 ) . وفي هذا النص، "عَلَى الْجِبَالِ أَرْفَعُ بُكَاءً وَمَرْثَاةً، وَعَلَى مَرَاعِي الْبَرِّيَّةِ نَدْبًا، لأَنَّهَا احْتَرَقَتْ، فَلاَ إِنْسَانَ عَابِرٌ وَلاَ يُسْمَعُ صَوْتُ الْمَاشِيَةِ "( 9 : 10 ). إرميا كان يعلم أن الأنباء السيئة بالنسبة لشعب الله لم تكن مجرد أنباء سيئة لهم فقط، لكنها كانت أخبار سيئة بالنسبة له هو أيضاً. كنتيجة لذلك، نعى، حزن وناح نيابة عن شعب الله. كان الله يشكّل في إرميا القلب الحساس الرحيم.

لا محاباة ( 9 : 12 – 16 )
هذا النص يحتوي على مفهوم لاهوتي قوي ومهم عن الله. الله عادل. وعلى الرغم من أن الله كان قد أقام عهداً خاصاً مع شعب يهوذا، و اختارهم ليكونوا ممثليه الدوليين لجميع الأمم (تك 12)، نحن نرى في هذا النص أن الله لا يُفضّل أحد على الآخر. إذا كان الله حقاً قد فضّلهم على آخرين، فما كان ليدع أورشليم تصبح "رُجَمًا"، وما كان ليدع مدن يهوذا تصبح "خَرَابًا بِلاَ سَاكِنٍ" ( عدد 11 ). ومع ذلك، حيث أن الله عادل، فهناك دائماً عواقب لأفعال الفرد. وبالنسبة لشعب يهوذا، فالعواقب المترتبة على عنادهم، وتمردهم، وعبادتهم للأوثان واضحة ويستحقونها حقاً؟ المنفى.