المعلم والأطفال ( 15 – 17 )
اعتادت الأمهات في فلسطين احضار أطفالهن في يومهم الأول إلى أحد مشاهير الربيين ليباركهم ،ولنفس الغرض جاء الأمهات بأولادهن إلى يسوع ،ويسوع هنا كان في طريقه لأورشليم ليصلب هناك ، وقد رأى التلاميذ على وجهه التعب المنبعث من الصراع الداخلي الشديد ،لذلك لم يرد التلاميذ مضايقته أكثر ، وكان انتهارهم بمثابة القول الذي نوجهه للأطفال في منازلنا ليعملوا على راحة والدهم المتعب والمجهد ،ولكن الشئ المدهش أن يسوع أعطى وقتاً للأطفال وهو في طريقه إلى أورشليم لموت الصلب ،وربط يسوع بين الأطفال وملكوت الله ،فالطفل لا يعرف التكبر بل التواضع ،ويمتلئ بالثقة تجاه والديه كما ينبغي أن تكون ثقتنا في الآب السماوي ، ويمتلئ الابن بالطاعة لوالديه عادة ، وللطفل قوة مدهشة على الغفران كما يعلمنا الآب السماوي ، فعالمنا لا يمكن أن يكون عالماً أفضل إلا عندما نصفح كما يصفح الأطفال ،فروح الطفل الذي يدخلنا ملكوت الله هو حياة الإعجاب بأعمال الله والثقة التامة بلا تساؤل ،والطاعة الكاملة والغفران المطلق . فهل اكتسبت روح الأطفال ؟

تبعية المعلم ( 18 – 30 )
سأل هذا الرئيس يسوع بطريقة مثلى ،لأنه لم يعتاد أحد قبل ذلك أن يسأل أي من معلمي الشريعة ويخاطبه "أيها المعلم الصالح " إذ قد اعتاد الفريسيين أن يقولوا " ليس صالح غير الشريعة " .لكن يسوع لم يخدع بهذه المخاطبة بل أرشده لله ،مؤمناً أن رسالته وقوته أتت من الله رأساً ،ومن المسلم به أن هذا الرئيس كان صالحاً،لكنه شعر في قلبه وفي قرارة نفسه بنقص معين واضح ، وعندما سأل يسوع كان جوابه أن يبيع كل ماله ويوزعه على الفقراء ، إن أراد أن يجد ما يبحث عنه في حياته ،ثم يأتي ويتبعه ،ويسوع سأله هذا السؤال لأنه مكتوب في الشريعة "تحب قريبك كنفسك "حول هذا الرئيس الكثيرين محتاجين جائعين وهم أبناء لإبراهيم مثله بينما بيته يمتلئ بالخيرات ولم يعطهم شيئاً ، فكيف يكون قد أطاع الشريعة ؟ فقد عاش أنانياً محباً لذاته ومع كونه غنياً لكنه لم يعط شيئاً لأحد إذ كان الغنى إلهاً له ،وكان هو عبداً لثروته وماله ،لم يطلب سعادة الآخرين بالإهتمام الذي يعيش به لنفسه ، وأكمل يسوع القول أن دخول جمل من ثقب إبرة أيسر من دخول غني إلى ملكوت الله وتعني صعوبة مرور جمل من بوابة منخفضة جداً لا تكفي إلا لمرور إنسان فقط ،أو صعوبة مرور حبل سفينة من ثقب إبرة ،لأن الميل للممتلكات يقيد أفكار الإنسان بالأرض ،فلا خطأ أن يكون للإنسان مال كثير لكن الاتكال عليه والانشغال به أكثر من الله هو الخطر،والمسيح وعد التلاميذ أن يعوضهم عن كل ما تركوه لأجله ،فماذا تركت لأجل المسيح ؟