بالنعمة، وليس الأعمال (32 : 13 - 16)
كما رأينا في الفقرة السابقة أمس كان يعقوب خائفًا من الصدام الوشيك بينه وبين أخيه عيسو البعيد، الذي لم يراه لعشرين سنة. فتجهز يعقوب لمقابلة أخيه الذي كان مستعدًا لقتله. في هذه الحالة أخذ يعقوب احتياطاته ليضمن سلامته وسلامة عائلته. إن مجموع الهدايا التي جهزها يعقوب ليسترضي أخيه مذهل و كبير (الآية 13-15) ومع ذلك كان يجب أن يتعلم أن حسابات الله تختلف عن الإنسان. اعتقد يعقوب أنه من الممكن أن يصنع طريقه أو يشتريه ولكن كما سنرى غدًا فإن نعمة الله وحدها هي التي يمكنها ذلك.

نعمة من الداخل إلى الخارج (32 : 17 - 20)
نلاحظ أنه حتى بالرغم أن يعقوب أصبح الأخ الأكبر رسميًّا إلا أنه يتكلم عن نفسه قائلاً "عبدك، يا سيدي" حين يتكلم مع أخيه عيسو. إننا كثيرًا ما نقترب من الله في الخوف وعدم اليقين ودون استقرار وبملء الإحساس بالذنب وحتى دون أن نعلم أين نقف – أنها صورة مشابهة لتقدُّم يعقوب لملاقاة عيسو. اننا نعلم ما نستحقه فعلاً، ولكن أقول ثانية إن حسابات الله تختلف عن حساباتنا، فنحن نجهز "اتفاقياتنا" مع الله في محاولات ضعيفة لإنقاذ نفوسنا من خلال "عملية الإنقاذ الذاتية". على كل حال إن الطريقة الوحيدة ليبدأ العصاة في الطاعة ليست من خلال العقائد أو الشعائر الدينية، إنها من خلال اختبار أمور الله الجوهرية مثل القبول الغير مشروط والغير مُستحق – فإن نعمته ستبدأ في صهر قلوبنا لتتغير من الداخل إلى الخارج.